وسع الرئيس الأمريكي باراك أوباما العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية، لكنه نفى تلميحات إلى أن التوتر المتزايد في العلاقات الثنائية سيشكل بداية حرب باردة جديدة بين البلدين. وأعلنت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في تحرك منسق بدقة عقوبات محددة جديدة على المصارف الروسية وشركات الطاقة وصناعات الدفاع. وتمثل هذه العقوبات رد فعل الغرب الأكثر جدية على ما يصفه بالتحريض الروسي للانفصاليين في أوكرانيا، والدعم المستمر لهم وعلى إسقاط طائرة الركاب الماليزية في 17 يوليو فوق شرق البلاد. وقال أوباما في البيت الأبيض: إن العقوبات سيكون لها "تأثير على الاقتصاد الروسي أكبر مما نراه في الوقت الحالي". وتحاول واشنطن عبر هذه العقوبات إجبار موسكو على وقف دعمها للانفصاليين. وحتى الساعة تجنبت أوروبا فرض اجراءات أكثر قسوة ضد روسيا خوفا من رد فعل انتقامي. كلمات معسولة وقال أوباما: إن العقوبات الجديدة هي إشارة على ان "صبر أوروبا بدأ ينفد من كلمات بوتين المعسولة التي لا تواكبها أفعال". وأعرب مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى عن قلقهم المتعاظم من حشد عسكري روسي على الحدود مع شرق أوكرانيا، واستمرار مد المقاتلين الانفصاليين بالأسلحة الثقيلة. ولكن هناك مؤشرات على أن هذه العقوبات لم تجبر بوتين - حتى الساعة على الأقل- على التراجع عن مواقفه رغم ضررها على الاقتصاد الروسي. وقال أوباما للصحفيين: "إنها ليست حربا باردة جديدة. المسألة تتعلق بموضوع محدد للغاية متصل بعدم رغبة روسيا الاعتراف بقدرة أوكرانيا على شق طريقها بنفسها". لكن على الرغم من ذلك لا يبدو أوباما ميالا إلى تقديم أسلحة فتاكة لأوكرانيا، وأشار إلى أن الجيش الأوكراني "أفضل تسليحا من الانفصاليين"، وأن المسألة المطروحة للبحث هي "كيف نمنع سفك الدماء في شرق أوكرانيا". وقالت وزارة الخزانة الامريكية: إن الأهداف الجديدة في العقوبات تشمل بنك في.تي.بي وبنك أوف موسكو والبنك الزراعي الروسي وشركة يونايتد شيب بيلدنج لبناء السفن. ومع فرض هذه الحزمة الجديدة من العقوبات تكون الولاياتالمتحدة قد فرضت العقوبات على خمس من ست مصارف روسية كبرى مملوكة للدولة. وفي سياق متصل، قالت الحكومة التشيكية أمس: إن حربا تجارية ممتدة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا قد تؤدي إلى إقامة "ستار حديدي" جديد، لكن لن يكون للعقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة هذا الأسبوع تأثير كبير على الاقتصاد التشيكي. والعقوبات الأوروبية التي ستجري مراجعتها كل ثلاثة أشهر جزء من أقوى تحرك دولي إلى الآن؛ بسبب دعم روسيا للمتمردين في شرق أوكرانيا. وتنفي روسيا تقديم هذا الدعم. وكانت حكومة التشيك التي تدعم هذا الإجراء تعارض فرض عقوبات شاملة، ولديها مخاوف بشأن العلاقات التجارية مع روسيا التي لا تزال شريكا تجاريا مهما مع العديد من بلدان وسط أوروبا. وبلغت القيمة الإجمالية لصادرات التشيكلروسيا العام الماضي 116.25.67 مليار دولار أمريكي - أو 3.7 % من إجمالي صادراتها - في حين تمثل الواردات الروسية 5.5% من إجمالي واردات التشيك، لكنها لا تمثل سوى شريحة صغيرة من التجارة المتبادلة التي تشتمل على المواد العسكرية. وقال رئيس وزراء التشيك بوهوسلاف سوبوتكا في بيان: "من صالح (جمهورية التشيك) أن العقوبات ليست لها طبيعة شاملة وتستهدف عددا محدودا من القطاعات"، منوها إلى أنه لا يرى ضرورة لفرض عقوبات أخرى. ونقل البيان قوله: "لن يكون من صالح الاتحاد الأوروبي ولا روسيا الانخراط في حرب تجارية طويلة، ولا ظهور شكل جديد من الستار الحديدي الاقتصادي والسياسي على الحدود الشرقيةلأوكرانيا". المزيد من الثمن وتحظر العقوبات الأمريكية الجديدة تصدير سلع ومعدات تكنولوجية محددة الي قطاع الطاقة الروسي. كما علق أوباما رسميا القروض التي تشجع الصادرات إلى روسيا وتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية في روسيا، وحذر من ان موسكو ستدفع المزيد من الثمن إذا لم تتراجع عن مواقفها بشأن أوكرانيا. وقال أوباما: "من الواضح إنه - في النهاية - لا يمكننا أن نجعل الرئيس بوتين يرى (المسألة) بصورة أوضح. وفي النهاية هذا أمر ينبغي على الرئيس بوتين أن يقوم به بنفسه". وأعلنت العقوبات الجديدة خلال زيارة لوزير الخارجية الأوكراني بافلو كليمكين لواشنطن، حيث ناقش امكانيات حل النزاع مع نظيره الأمريكي جون كيري. وقال كيري وكليمكين للصحفيين: إن ممارسة المزيد من الضغط على روسيا هو أمر أساسي لوقف تدفق الرجال والسلاح إلى شرق أوكرانيا. وأضافا: إن الولاياتالمتحدةوأوكرانيا تبحثان خطوات سياسية يمكن أن تتخذ في أوكرانيا لمعالجة المخاوف الروسية. من جهة اخرى، وصل مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى مدينة روستوف اون دون الروسية الأربعاء لبدء مهمة مراقبة معبرين على الحدود الروسية الأوكرانية. وقال بول بيكارد رئيس بعثة المراقبة في المنطقة في اجتماع مع مسؤولين روس: "مهمتنا وتفويضنا واضحان تماما. وهما مراقبة النشاط عند نقطتين حدوديتين هما بالتحديد معبر جوكوفو ومعبر دونيتسك. وهذا ما سنبدأ عمله من اليوم". وتضم البعثة 15 مراقبا، ووفقا للتفويض الحالي تستمر المهمة ثلاثة أشهر، ويمكن تمديدها إذا ما قررت الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ذلك. وقال بيكارد في إفادة للصحفيين بعد اجتماع مع المسؤولين الروس: "يجري العمل على الترتيبات اللوجيستية وكل شيء يجري ترتيبه، ونأمل خلال بضعة أيام أن يكون فريقنا بالكامل قد بدأ المراقبة على مدار الساعة عند النقطتين الحدوديتين". وقالت وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق: انها دعت المراقبين الدوليين لمراقبة الحدود مع أوكرانيا كبادرة لحسن النوايا. وكانت كييف قد طلبت نشر مراقبين مستقلين حيث تقول: إن موسكو تحرض على العنف في شرق أوكرانيا بالسماح لمقاتلين وأسلحة بعبور الحدود من أراضيها.