استكمالا لما تم التطرق إليه الأسبوع الماضي، سوف نحاول في مقالنا هذا الأسبوع التطرق إلى بعض المحددات التي يمكن أن تساعد في استقراء اتجاهات أسعار الأسهم السوقية للشركات خلال المرحلة المقبلة، وهل سوف تكون أرباح الشركات الفصلية والسنوية التي تم الإعلان والإفصاح عنها مؤخرا أحد تلك المحددات. الواقع أن هناك العديد من الدراسات التجريبية التي بحثت مدى استجابة وتأثر أسعارأسهم الشركات المساهمة المدرجة أسهمها بالسوق المالية للبيانات والمعلومات المالية وغير المالية التي يمكن استخلاصها من التقرير المالي الذي يتم نشره بشكل دوري. وقد أجريت أولى هذه الدراسات التجريبية في البداية بالسوق المالية الأمريكية، لأنها أكثر الأسواق المالية تقدما في العالم، ثم عمم هذا النوع من الدراسات على نطاق واسع من العالم، حيث شملت مختلف الدول والأسواق المالية العالمية المتقدم منها والأقل تقدما والمتخلف. وقد أشارت نتائج هذه الدراسات الى أن تأثير البيانات والمعلومات المحاسبية على اتجاهات أسعار أسهم الشركات يختلف باختلاف المحتوى المعلوماتي للبيانات والمعلومات المالية وغير المالية محل البحث، وكذلك باختلاف البلد والسوق المالي محل الدراسة. وبالرغم من أن نتائج تلك الدراسات البحثية قد جاءت مختلفة باختلاف السوق المالية التي أجريت فيها، إلا أن مجمل نتائج تلك الدراسات قد وجدت أن البيانات والمعلومات المحاسبية التي يمكن استخلاصها من التقرير المالي الدوري الذي تنشره الشركات المساهمة المدرجة أسهمها بالسوق المالية لا تعكس إلا نسبة متدنية من مسببات حركة أسعار الأسهم. وقد بينت هذه الدراسات أن السبب يعود في ذلك إلى : إما ضعف المحتوى المعلوماتي للبيانات والمعلومات المحاسبية المنشورة ضمن التقرير المالي الدوري، أو إلى أنه قد تم تسريب محتوى البيانات والمعلومات المحاسبية المالية وغير المالية إلى بعض المتعاملين بالسوق المالية قبل أن يتم نشره والإفصاح عنه لبقية المتعاملين بالسوق المالية من خلال الوسائل والطرق الرسمية.أشارت نتائج الدراسات إلى أن تأثير البيانات والمعلومات المحاسبية على اتجاهات أسعار أسهم الشركات يختلف باختلاف المحتوى المعلوماتي للبيانات والمعلومات المالية وغير المالية محل البحث، وكذالك باختلاف البلد والسوق المالي محل الدراسة الأمر الذي يؤدي إلى تدني نسبة الاستفادة المرجوة من تلك البيانات والمعلومات المحاسبية المالية وغير المالية التي يتضمنها التقرير المالي الدوري!! وهذا في الواقع قد يفسّر تفشي ما يعرف بظاهرة فجوة المحتوى المعلوماتي لما يتم نشره والإفصاح عنه من قبل الشركات المساهمة وبين حقيقة ما يجري داخل تلك الشركات، حيث يلجأ بعض المطلعين من المديرين التنفيذيين وأعضاء مجالس ادارات الشركات المساهمة المدرجة أسهمها في السوق المالية إلى استغلال مواقعهم والاستفادة من المعلومات الداخلية الجوهرية في اتخاذ قرارات استثمارية قبل الآخرين بهدف إيجاد سعر سوقي مصطنع لأسهم تلك الشركات، وبالتالي تحقيق مكاسب رأسمالية سريعة على حساب بقية المساهمين غير المطلعين، لذا نرى أنه يتوجب على هيئة السوق المالية الاضطلاع بدورها الرقابي المنوط بها واتخاذ كافة التدابير النظامية والقانونية والاجراءات اللازمة للحفاظ على حقوق جميع المساهمين من مختلف الشرائح والأطياف، من خلال تحقيق العدالة في الحصول على المعلومات، وتكافؤ الفرص في الاطلاع عليها، والاستفادة منها، وعدم استغلال المعلومات الداخلية بأي حال من الأحوال. عندها فقط يمكننا القول : إن جزءا كبيرا من متطلبات كفاءة السوق المالية قد تحقق وفقا لمعايير الشفافية والإفصاح المعتدمة عالميا، لذا قد يتساءل البعض : هل هناك خصائص محددة للبيانات والمعلومات المحاسبية وغير المحاسبية التي يجب أن يتضمنها التقرير المالي لكي يصبح أكثر إفادة لمتخذي القرارات الاستثمارية؟ وما طبيعة تلك الخصائص، إن وجدت؟!! سوف تكون الإجابة عن هذا التساؤل محور مقال الأسبوع المقبل. [email protected]