بيان سعودي أميركي مشترك: التأكيد على الالتزام العميق بروابط الصداقة التاريخية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية الصومال    ولي العهد: وضعنا أسس تعزيز الشراكة التاريخية بين المملكة وأميركا    ولي العهد في واشنطن.. تحالف يتجدد ورؤية تتقدم    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    أمير تبوك يستقبل مدير عام السجون بالمملكة    القادسية ينظم دورة "الذكاء الاصطناعي في الإعلام الرياضي" بالشراكة مع هيئة الصحفيين السعوديين    طيار بلا شهادات يقود «إيرباص A320»    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم    فلسطين تبلغ الأمم المتحدة باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية    وسط غموض ما بعد الحرب.. مشروع قرار يضغط على إيران للامتثال النووي    غارة إسرائيلية تقتل شخصاً وتصيب طلاباً.. استهداف عناصر من حزب الله جنوب لبنان    الأمير عبد العزيز بن سعود يلتقي متقاعدي قطاعات وزارة الداخلية في منطقة الحدود الشمالية    في الجولة التاسعة من دوري روشن.. الاتحاد والأهلي يواجهان الرياض والقادسية    المتأهلون إلى كأس العالم 2026.. 42 مقعداً حسمت.. والملحق يحدد آخر 6 منتخبات    حنيف يوثق تاريخ نادي الوحدة    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    تعمل عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.. درون وروبوت لمكافحة الحرائق بالمباني الشاهقة    الجوازات تستقبل المسافرين عبر مطار البحر الأحمر    إبراهيم إلى القفص الذهبي    انطلاق النسخة ال9 من منتدى مسك.. البدر: تحويل أفكار الشباب إلى مبادرات واقعية    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية    مهرجان الديودراما المسرحي يحتفي بالثنائية الفنية    «وسم الثقافي» يكرم المعيبد    «التخصصي» يعتمد مركزاً وطنياً لخدمات الميتاجينومكس    دراسة: دواء السكري يقلل فوائد التمارين    أمير الرياض يستقبل سفير المملكة المتحدة    عبدالعزيز بن سعود يدشّن منظومة الرادارات في نظام أمن الحدود الشمالية ومركز الجراني بقطاع طريف الحدودي    القبض على شخصين لترويجهما «القات المخدر»    «بيئة مكة».. جولات رقابية على الخضار والأسماك    عطارد يمر بين الأرض والشمس... اليوم    أمانة الشرقية توقّع مذكرة تفاهم لتطوير المتنزهات    إطلالة ساحرة    يايسله: المهمة أمام القادسية صعبة    "منبهر" يحقق كأس الحفل الثالث    «جامعة سطام» تطلق «خيمة ثقافات الشعوب»    «فنون العلا 5» ينطلق في تنوع فني وتجارب أدائية غامرة    20 بحثًا يعزّز التعاون الثقافي السعودي - الصيني    14 ألف جولة رقابية على المساجد بالشمالية    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير لجنة الحج الفرعية    بولندا تنشر جيشها لحماية البنية التحتية الحيوية بعد هجوم على خط للسكك الحديدية    أثر مدهش من بيضة مجهولة    «الجوف الصحي» يقدّم الفحوصات الدورية المتنقلة    لماذا يبدع ضعيف الذاكرة؟!    سمنة الصغار تزيد الإصابة بضغط الدم    "سورات وميرونك" يتصدّران افتتاح بطولة السعودية الدولية 2025 للجولف    18.3 مليار ريال قيمة الإصدارات المحلية لأدوات الدين الحكومية    وزير الرياضة: رؤية 2030 أحدثت تحولًا جذريًا ورفعت عدد الاتحادات إلى 97 اتحادًا    من تشجع في مباراة الفضاء؟    احتكار الجو    120 ألف شخص حالة غياب عن الوعي    xAi: سيتم دمج "غروك" في نظام هيوماين وان التابع لشركة هيوماين السعودية    عبء العلاقات الاجتماعية ثقل يتزايد بصمت    سماحة الإسلام    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة بريطانيا لدى المملكة بمناسبة اليوم الوطني    5 أهداف للاتفاقية الدفاعية بين السعودية وأمريكا    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء يتحولن إلى محلات متنقلة في زمن التسوق بالإنترنت
ظروفهن ونقص السيولة شجعا على تنامي الظاهرة
نشر في اليوم يوم 12 - 08 - 2004

وجوه متعبة، تتحرك ببطء وسط صخب وضجيج السيارات والمارة، يتوزعن على شوارع مدن وقرى محافظة الأحساء، يبحث عنهن الجميع، ويبحثن عن الجميع.. أنهن "البياعات أو الدلالات". اللاتي احترفن هذه المهنة منذ سنوات، ليدارين بها حاجتهن، أو يسدن بها رمق من يعيلونهن من الأبناء.
أعداد الدلالات من النساء، خاصة في القرى في تزايد مستمر، بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة، خلال هذه السنوات، بعد ان كانت هذه المهنة عرفت تراجعاً ملحوظاً في سنوات سابقة.
في الأحساء يعتبرن أسواقا متنقلة، يأتين إلى المنازل لعرض بضاعتهن وسلعهن على ربات البيوت، مظهرهن اليومي، وهن يحملن أكياساً مملوءة بأنواع السلع والبضائع يجبن الشوارع وصولاً إلى المنازل والبيوت المقصودة، بات مظهراً مألوفاً يطبع الحياة بالبساطة، في زمن العولمة والتسوق عبر الإنترنت.
أما قبل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة فكانت هذه المهنة محصورة بنساء محدودات للغاية، توارثن هذا العمل أما عن جدة، وسميت اسر بهذا الاسم، الذي يشير إلى امتهان الأم أو الأخت لهذه المهنة، غير ان قسوة الظروف دفعت الكثيرات إلى امتهان هذا العمل، وهو عمل شريف، يدر دخلا كبيراً.
البيع بالأجل
وليست عودة مهنة الدلالة نابعة من ظروف البائعة فحسب، بل للظروف الاقتصادية للمجتمع ككل، فالدخل المتدني يدفع الكثير من الأسر للشراء من الدلالات، خصوصاً النساء، اللاتي يجدن في الشراء من الدلالة تسهيلات وميزات، قد لا تتوفر في السوق، ومن هذه التسهيلات والميزات البيع بالتقسيط المريح، وتلبية الرغبات العاجلة والملحة لربات البيوت، التي تحتمها ظروف طارئة، مثل وجود ضيوف، أو الخروج إلى حفل عرس، أو لتلبية دعوة، وهذه حالات تكون فيها المرأة بحاجة ماسة إلى بعض مستلزمات الزينة، لها أو لبناتها، أو بحاجة إلى أدوات للطباخة، لتلبية احتياجات الضيوف، وكثيرا ما تكون موجودة لدى البياعات، اللاتي يتوافدن بشكل دائم على المنازل والبيوت.
وتجد الكثير من الأسر التي تعاني من نقص في السيولة النقدية في الشراء من الدلالة عرضاً مغرياً، حتى وان كانت الأسعار المطلوبة لسلعها مرتفعة نسبيا، مقارنة بما هو عليه الحال في السوق، لكن البيع بالأجل يغري على الشراء واقتناء حاجات قد تكون في بعض الأحيان غير ضرورية، لكن التسهيلات المقدمة تدفع إلى الشراء.
طواف يومي
أم أحمد دلالة مشهورة، بضائعها من الإكسسوارات وملابس الأطفال وأدوات الشعر وبعض السلع الشعبية، مثل الحناء وغيرها، تقول: أنطلق من منزلي كل صباح الساعة الثامنة، وأعود إلى المنزل الساعة الواحدة، لتناول الغذاء، والانتباه للأطفال، ثم أعود للعمل الساعة الرابعة عصراً إلى حدود الساعة السابعة مساء، أحمل خلال هذه الساعات صرتي وابدأ الطواف اليومي على حي بعينه أحدده سلفا في المساء، ويكون الهدف هو استخلاص الديون السابقة، التي مضى عليها أسبوع أو اكثر، وأيضا عرض سلع جديدة.
أم أحمد بدأت هذا العمل منذ 4 سنوات، بعد أن تركها زوجها، ورحل عن الدنيا، مخلفاً 4 بنات و3 صبيان.. تقول: بعملي هذا اتفادى مذلة سؤال الناس.. وتضيف: لو لم أعمل في هذه المهنة لطردنا صاحب البيت الذي نستأجره بستة آلاف ريال، وتشردت أنا وأطفالي، لكن الحمد لله بعد أن بدأت بهذا العمل استطعت أن أحافظ على مسكن الأسرة.
شراء وبيع بالتقسيط
كما ان الدلالة أم حمد تبيع بالتقسيط، فهي تشتري من تجار الجملة بالتقسيط.. تقول: أنهم يراعون ظروفي.. مضيفة: على هؤلاء التجار أن يحمدوا الله، حيث نقوم بتصريف سلعهم، وهذه هي الحياة.
في بعض الأيام تتناول أم أحمد غذاءها عند بعض الزبونات الطيبات، ممن صارت تربطها بهن صداقة ومودة.. تضيف: شهدت السنوات الأخيرة تزايداً في أعداد الدلالات، والشوارع مليئة بهن، والمنافسة كبيرة، لكن للمعرفة واللباقة والأخلاق مع الزبونات دورا في تفضيل واحدة على أخرى، والرزق في النهاية هو بيد الله.
مماطلة في الدفع
وعن المشاكل التي تواجهها الدلالة تقول أم نايف، إحدى الدلالات المعروفات في مدينة المبرز: أبرزها مماطلة بعض النساء في دفع ما عليهن، وهذا يضطرني إلى التردد عليهن اكثر من مرة، فيضيع علي الكثير من الوقت، فبدلاً من أن اذهب لوجهتي المحددة، اضطر للمرور على من عليهن ديون، ويماطلن في الدفع. ومن المشاكل أيضا هو انتقال بعض الأسر إلى مساكن جديدة، فهذا يتطلب مني وقتا إضافيا للبحث عن المدينات المنتقلات إلى بيوت أخرى، حيث يضطرني الأمر لسؤال الجيران، والبحث عن العنوان الجديد، وأحيانا ينتقل البعض إلى مدن أخرى، وبالتالي لا اعرف لهم عنواناً، لكن الحق يقال هناك من هؤلاء من يترك ما عليه عند الجيران، وهناك من لا يترك شيئاً.
كل واحدة من الدلالات مثل أم عبدالله تخفي وراء حضورها اليومي، غياب معيل الأسرة، أو تخفي أسبابا لا يعلمها سوى الله وحده، والظاهرة في حد ذاتها تعبير عن المصاعب الاقتصادية للبعض، لكنها أيضا للبعض الآخر ليست كذلك، بل مهنة متوارثة، تجد فيها صاحبتها متعة تجلب لها علاقات طيبة، كما هو الحال مع البياعة "زهرة"، التي ظلت شهرتها تجوب الآفاق، تحب النساء فيها روح الدعابة والنكتة، ولولا انها قد توفيت مؤخراً لظلت إحدى العلامات، ولهذا فهم يجدون عزاءهم في ابنتها، التي حملت الكيس من بعدها، لكنها ليست بروح والدتها، التي أحبتها النساء في الحي، وربما في كل الأحياء التي تتردد عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.