قال أحمد الجبير، مستشار مالي وكاتب اقتصادي، إن العالم من دول ومنظمات وعلماء ومختصين يتطلع إلى الاقتصاد الأزرق الذي يمثل 70% من كوكب الأرض، وإن 99% من جميع الكائنات الحية تعيش في البحار والمحيطات، كما أن 90٪ من حركة التجارة الدولية تتم عبر البحار والمحيطات، والتي لها دور كبير في ربط دول العالم ببعض، وهناك فرصة أخرى متاحة لتحقيق الأمن الغذائي، والتنمية المستدامة وتوفير الغذاء للأعداد المتزايدة لسكان العالم، وذلك عن طريق استغلال الموارد الطبيعية من ثروات نفطية وغاز ومعادن في المحيطات والبحار بكفاءة والمحافظة على البيئة المحيطة. وأضاف أن مسمى الاقتصاد الأزرق يعني الاقتصاد المرتكز على الأنشطة البحرية من محيطات وبحار وبحيرات، وصيد الأسماك والنقل البحري والشحن واستخراج النفط والغاز وصناعة البتروكيماويات، والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية واستغلال الثروة السمكية والبحرية والتعدين بما يحقق أفضل عائد ممكن من هذه الأنشطة الاقتصادية، وكل ذلك يتحقق عبر مبادرة عالمية تعرف باسم (الاقتصاد الأزرق). وبين أن الخبراء يتفقون على أن الانتقال للاقتصاد الأزرق يحتاج إلى التركيز على عدة ركائز من بينها الابتكار والإبداع والبحث العلمي والتطوير، أي أن ذلك يحتاج إلى وجود نظام فعال من الروابط التجارية مع المؤسسات الأكاديمية وغيرها من المنظمات العلمية والبحثية التي تستطيع مواكبة ثورة المعرفة العلمية والتقنية، واستيعابها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية كذلك التدريب والتعليم على رأس العمل، وهو من الاحتياجات الأساسية للإنتاجية والتنافسية للتنمية الاقتصادية المستدامة. وقال يتعين على الحكومات أن توفر اليد العاملة الفتية الماهرة، والإبداعية أو رأس المال البشري القادر على إدماج التقنية والتكنولوجيا الحديثة في العمل، ودمج تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات الفنية والتقنية في المناهج التعليمية وبرامج التعلم، كما أن توفر البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تسهل نشر وتجهيز المعلومات والمعارف، وتكييفه مع الاحتياجات المحلية سوف يحقق الدعم لنشاط الاقتصاد الازرق، ويحفز المشاريع العملاقة على إنتاج ممتاز ذي جودة عالية. وقال إن تشخيص واقع الصناعة المعرفية في دول مجلس التعاون الخليجي من وجهة نظر الخبراء أنه يجب الاستثمار في المواطن الخليجي لأنه هو أساس التنمية، ويجب التركيز على الموارد البشرية الوطنية ذات المهارات والمعارف العالية والفنية والتقنية، حيث إن مقارنة مؤشرات الموارد البشرية تعكس الأهمية الكمية والنوعية لهذه الموارد، ومدى جاهزيتها لتطبيق المعرفة ودعم تطوير الصناعات المعرفية في إطار الاقتصاد المعرفي. وقال إن البحار والمحيطات توفر نصف الأوكسجين لكوكب الأرض، وتنهض بدور أساسي في حل مشكلة الأمن الغذائي، حيث يعاني أكثر من مليار شخص في العالم من سوء التغذية، كما أن الاقتصاد الأزرق يساهم في الكثير من الأنشطة الاقتصادية بأكثر من5 تريليونات دولار خاصة في النقل والشحن والتسهيلات للموانئ، وذلك يمثل اكثر من90% من حجم التجارة العالمية ويعتمد 15% من سكان العالم على صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وقال إن هناك أنشطة في التعدين البحرية الموجودة في قاع المحيطات والبحار المستخدمة في صناعة تكنولوجيات الطاقة المتجددة. وقال إن هناك أكثر من 60 مليون شخص يعملون في صيد الأسماك، ويستطيع العمل في صيد الأسماك أن يفر 350 مليون وظيفة، فالمكاسب الاقتصادية من صيد الأسماك عالية جدا، وتقدر بنحو 100 مليار دولار سنويا، وأيضا هناك دخل كبير من الأنشطة السياحية الساحلية، والتي تشهد الكثير من السياح الذين يستخدمون السفن واليخوت البحرية، والذي يزيد عددهم عن 60مليون، ويجري استخراج أكثر من 25% من النفط من البحار والمحيطات، وتوفير الطاقة من خلال الرياح والأمواج بما يساهم في توليد طاقة تقدر ب 175 جيجاوات بحلول عام 2030م، والذي يساعد في زيادة التكنولوجيا البيولوجية البحرية في الأسواق العالمية بنحو 2 مليار دولار، ومن المتوقع زيادتها في عام 2017م لتصل إلى 5 مليارات دولار. والاقتصاد الأزرق متوفر في الأقاليم الساحلية العالمية في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا، حيث تقدر قيمة إنتاج الاقتصاد البحري في أوروبا وحدها بحوالي 600 مليار دولار أمريكي، ويساهم في تحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي، وهناك المثلث المرجاني بين إندونيسيا وماليزياوغينيا الجديدة والفلبين وجزر سليمان وتيمور الشرقية، حيث تُقدَّر قيمة المصايد المرتبطة بالشعب المرجانية في إندونيسيا والفلبين وحدهما بنحو 3 مليارات دولار سنويًا، وقيمة السياحة المرتبطة بالشعب المرجانية بنحو 300 مليون دولار سنويًا، وتقدم ثلث إنتاج العالم من التونا بما قيمته 6 مليارات دولار. كما أن إقليم غرب أفريقيا من موريتانيا إلى غانا ينتج 1.6 مليون طن من الأسماك سنويًا، ما يمثل نحو 3.5 مليون وظيفة، وبما يشكل %10 من إجمالي الناتج المحلي في كل من غينيا وبيساو وسيراليون ودول أفريقيا، وأيضا يوفر ما يزيد على 50 % من البروتين الحيواني للسكان كما أن المغرب العربي يهدف لمضاعفة عدد السياح ليبلغ 20 مليون سائح من أجل مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي، وتحسين موقع المغرب ضمن الوجهات البحرية السياحية العالمية من المرتبة 27 حاليًا إلى المرتبة 20 في سنة 2020م، والذي يهدف إلى إنشاء ستة منتجعات سياحية. وأكد أن دول المجلس الخليجي لديها مشاريع عملاقة مستثمرة في الاقتصاد الأزرق خاصة في النفط والغاز والبتروكيماويات والمعادن الثمينة، والسياحة البحرية والساحلية، فدول المجلس تمتلك أكبر احتياطي نفطي عالمي، والذي يقدر بنحو 500 مليار برميل بنسبه 35% من إجمالي الاحتياطي العالمي، وتختزن ما نسبته 25% من احتياطي النفط والغاز. ونحن في دول الخليج العربي بحاجة ماسة إلى استراتيجية وطنية للاستفادة من الاقتصاد الأزرق، مدعومة بشبكة من مراتب التميز والبحوث العلمية والتطوير التقني، والإبداع والابتكار وذلك بهدف النهوض بالموارد البشرية الخليجية وبالقدرات العلمية والتكنولوجية، وتسجيل أسماء دول مجلس التعاون الخليجي عالميًا من خلال تسجيل براءات الاختراع، وحقوق الطبع والعلامات التجارية، بحيث يمكن تحديد هوية هذه الدول المحفزة لمواهب مواطنيها، والجاذبة للخبرات والاستثمارات التي تعود بالنفع على المواطن الخليجي والخليج العربي بإذن الله وخليجنا واحد.