وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى باريس الأربعاء، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا. وأوردت سانا "وصول رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع والوفد المرافق له إلى العاصمة الفرنسية"، حيث يبحث مع ماكرون عددا من الملفات في مقدمها إعادة الإعمار وآفاق التعاون الاقتصادي، بحسب ما قال مصدر سوري رسمي لفرانس برس عشية الزيارة. وحصل الشرع، على إعفاء من الأممالمتحدة للسفر إلى باريس إذ لا يزال مدرجا على قائمة عقوبات "الإرهاب" بسبب قيادته السابقة لجماعة هيئة تحرير الشام. وقال مسؤولون فرنسيون إن الرئيسين يناقشان كيفية ضمان سيادة سورية وأمنها، وطريقة التعامل مع الأقليات بعد هجمات في الآونة الأخيرة على علويين ودروز، وجهود مكافحة الإرهاب ضد مسلحي تنظيم "داعش" وتنسيق المساعدات والدعم الاقتصادي، بما يشمل تخفيف العقوبات. وتشكل الزيارة دعما دبلوماسيا للشرع من قوة غربية في وقت ترفض فيه الولاياتالمتحدة الاعتراف بأي كيان على أنه حكومة سورية المشروعة ومع إبقائها العقوبات قائمة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لقناة (تي.إف1) التلفزيونية الأربعاء "نحن لا نكتب شيكا على بياض، وسنحكم عليه بناء على أفعاله". وأضاف أن هدف باريس هو ضمان تركيز سورية على مكافحة حصانة المسؤولين من المحاسبة على أعمال عنف طائفية بالإضافة إلى مشاركتها الفعالة في مواجهة متشددي تنظيم "داعش". وتابع قائلا: إذا انهارت سورية اليوم، فسيكون ذلك بمثابة بسط سجادة حمراء لتنظيم "داعش". ورحبت فرنسا بسقوط الأسد، وعززت علاقاتها بشكل متزايد مع السلطات الجديدة بقيادة الشرع. وعقد ماكرون مؤخرا اجتماعا ثلاثيا عبر رابط فيديو مع الشرع والرئيس اللبناني جوزيف عون، في إطار جهود لتخفيف التوتر على الحدود. تقارب حذر عينت فرنسا الشهر الماضي قائما بالأعمال في دمشق مع فريق صغير من الدبلوماسيين في خطوة نحو إعادة فتح سفارتها بشكل كامل. وتعتقد باريس أنها تملك ميزة فيما يتعلق بالتعامل مع سورية، إذ قطعت علاقاتها مع الأسد في 2012 ورفضت بعدها استئناف العلاقات مع حكومته حتى بعد تعرض جماعات من المعارضة المسلحة لهزيمة نكراء وتركزهم في جيوب بشمال البلاد. ودعمت فرنسا عادة معارضة في المنفى غلب عليها الميل العلماني وقوات كردية في شمال شرق سورية، حيث لديها بالفعل قوات خاصة. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، لعبت فرنسا دور الوسيط بين الشرع والأكراد في وقت بدأت فيه الولاياتالمتحدة تقليص وجودها ومع تطلع الرئيس السوري الجديد لإعادة المنطقة إلى سيطرة دمشق المركزية. وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية إن باريس أجرت محادثات مع الأميركيين بشأن كيفية التعامل مع انسحاب واشنطن وكيف يمكن لفرنسا أن تضطلع بدور أكبر. ومع تقدير البنك الدولي لتكاليف إعادة الإعمار في سورية بأكثر من 250 مليار دولار، فإن الشرع في أمس الحاجة إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصاد منهك بعد حرب أهلية دامت 14 عاما. وخلال تلك الفترة، فرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات صارمة على حكومة الأسد. ورفع الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات، في حين من المقرر أن ينقضي أجل بعض العقوبات الأخرى التي تستهدف أفرادا وكيانات في الأول من يونيو. وتأمل سورية ألا يجدد الاتحاد الأوروبي هذه الإجراءات. ويتطلب تجديدها موافقة جميع الدول الأعضاء وعددها 27، لكن بإمكان التكتل اللجوء إلى تجديد محدود أو شطب مؤسسات رئيسة مثل المصرف المركزي أو غيره من الكيانات الضرورية للتعافي الاقتصادي، بما يشمل مجالات الطاقة والبنية التحتية والتمويل. وقال المسؤول في الرئاسة الفرنسية "إحدى القضايا الأساسية هي مسألة العقوبات الأميركية التي لا تزال تؤثر سلبا على قدرة السلطات الجديدة على الدخول في مسألة إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات الأجنبية".