في كل عام، ومع بزوغ شمس الثالث والعشرين من سبتمبر، يعيش السعوديون لحظة مختلفة، لحظة تختلط فيها مشاعر الفخر بالانتماء مع الاعتزاز بالإنجاز، إنها ذكرى اليوم الوطني، حيث لا تُستعاد فقط قصة التوحيد التي قادها الملك عبدالعزيز –رحمه الله– بل تُستحضر أيضًا رحلة وطن كامل يعيد تعريف ذاته مع كل جيل. البدايات: من شتات إلى وحدة قبل خمسة وتسعين عامًا، لم تكن المملكة كما نعرفها اليوم.. كانت أرضًا متفرقة، تعيش في ظل تحديات أمنية ومعيشية واقتصادية، لكن الملك عبدالعزيز آمن بأن هذه الأرض قادرة على أن تكون أكثر من مجرد صحراء مترامية الأطراف؛ رآها وطنًا يحمل رسالة، ويستحق أن يُبنى على أسس راسخة، ومن هنا بدأت الحكاية: توحيد، ثم تأسيس، ثم بناء دولة جمعت بين العراقة الدينية والهوية الوطنية. الحاضر: قفزات تنبض بالحياة اليوم، وبعد تسعة عقود ونصف، يقف السعوديون أمام واقع مختلف تمامًا، المملكة أصبحت قلبًا نابضًا في العالم، تقود مبادرات سياسية واقتصادية كبرى، وتحتضن مشروعات مستقبلية تثير دهشة المراقبين. • في الاقتصاد: لم يعد النفط وحده عنوان القوة، بل تنوعت مصادر الدخل عبر مشروعات، مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر وصندوق الاستثمارات العامة. • في المجتمع: المرأة السعودية لم تعد على الهامش، بل أصبحت شريكًا فاعلاً في التنمية، نراها في الجامعات، والمستشفيات، والمجالس القيادية. • في الثقافة والرياضة: تتحول المملكة إلى وجهة عالمية؛ من استضافة سباقات الفورمولا 1 إلى الفعاليات الثقافية والفنية والرياضية الكبرى، مثل كأس العالم لكرة القدم ومعرض إكسبو الدولي وغيرها كثير. • في الطاقة: المملكة اليوم لا تكتفي بصدارة النفط، بل تتصدر أيضًا مشروعات الطاقة النظيفة، وتعد بأن تكون رائدة في الهيدروجين الأخضر. هذه القفزات لم تأتِ من فراغ، بل من رؤية واضحة، رؤية السعودية 2030، التي صاغت أحلام السعوديين بلغة الأرقام، وحولتها إلى مشروعات ملموسة على أرض الواقع. المستقبل: نحو المئوية الثانية الاحتفال باليوم الوطني ال95 لا يعني التوقف عند الماضي أو حتى الحاضر، بل يعني فتح نافذة على المستقبل.. السعوديون اليوم يتطلعون إلى مئوية جديدة، يراهنون فيها على التقنية، والابتكار، والذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية. مدن مثل نيوم ليست مجرد مشروع معماري، بل مختبر عالمي لتجربة أسلوب حياة جديد. وفي كل ذلك، تبقى القيم الإسلامية والعربية هي الجذر الأصيل، الذي يجعل المملكة تسير نحو المستقبل دون أن تفقد هويتها، وتفتح أبوابها للعالم دون أن تتخلى عن خصوصيتها. وختامًا.. اليوم الوطني قصة لا تنتهي، فهو ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو تذكير بأن قصة السعودية ليست قصة مكتملة، بل فصول تتجدد. من صحراء الأمس، إلى مدن الغد، من وحدة المؤسس، إلى طموح الشباب اليوم، يظل هذا الوطن يكتب فصلاً جديدًا من الحلم السعودي الذي لا يعرف المستحيل.