تشهد الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) جدلًا عالميًا واسعًا بعدما وُجهت إليها الاتهامات كمسبب رئيسي لأمراض العصر مثل السمنة والسكري والخرف و«إدمان الطعام». وتشمل هذه المنتجات الرقائق والوجبات الجاهزة والمشروبات الغازية والوجبات الخفيفة المعبأة، ويُنظر إليها على أنها مصممة لتشجيع الإفراط في الأكل وزيادة أرباح الشركات. غير أن مقالًا حديثًا على موقع StudyFinds أشار إلى أن الصورة أعقد من ذلك، إذ أظهرت دراسة قادها غراهام فينليسون، أستاذ علم الأحياء النفسي بجامعة ليدز، أن تصورات الناس عن الطعام قد تؤثر في سلوكهم الغذائي أكثر من مكوناته الفعلية، وهو ما يفتح مجالًا لفهم جديد للعلاقة بين الغذاء والعادات الاستهلاكية. نتائج الدراسة اعتمد فريق فينليسون على استطلاع شمل أكثر من 3000 مشارك في المملكة المتحدة، طُلب منهم تقييم أكثر من 400 نوع من الأطعمة اليومية الشائعة، بدءًا من الفواكه والحبوب، وصولًا إلى الأطعمة المصنعة مثل البسكويت والآيس كريم. الفكرة الرئيسية كانت التمييز بين مفهومين أساسيين: الإعجاب بالطعام من جهة، والإفراط في تناوله من جهة أخرى. النتائج كشفت أن الإعجاب وحده لا يفسر السلوك الغذائي دائمًا. فالكثيرون يحبون أطعمة صحية مثل دقيق الشوفان أو البطاطس، لكنهم نادرًا ما يفرطون في تناولها. في المقابل، أطعمة أخرى مثل الشوكولاتة والبسكويت والآيس كريم تصدرت قائمة الأطعمة التي تثير الإفراط في الاستهلاك. هذه الفجوة بين «الإعجاب» و«الإفراط» تُظهر أن دوافع الأكل لا تتعلق فقط بالطعم، بل أيضًا بعوامل إدراكية ونفسية أعمق. قوة التصورات يشير فينليسون إلى أن ما يعتقده الناس عن الطعام قد يحدد سلوكهم أكثر مما يحتويه الطعام فعليًا. فالأطعمة التي وُصفت بأنها «حلوة»، «دهنية»، أو «معالجة» ارتبطت بزيادة احتمال الإفراط في تناولها، حتى عندما لم تكن قيمها الغذائية عالية الخطورة. في المقابل، الأطعمة التي ارتبطت بالمرارة أو غنية بالألياف قللت من هذه الرغبة. وجدت الدراسة أن الجمع بين بيانات المغذيات (كالدهون والسكريات والألياف) والتصورات الذهنية تفسر نحو 78% من التباين في أنماط الإفراط في الأكل، بينما أضاف تصنيف «معالجة فائقة» أقل من 4% فقط إلى هذه القدرة التفسيرية. هذه النتيجة تضع علامات استفهام حول فعالية الاعتماد على ملصقات «UPF» كأداة أساسية لفهم السلوك الغذائي أو صياغة السياسات الصحية. ما وراء التصنيفات يرى فينليسون أن وضع جميع الأطعمة فائقة المعالجة في سلة واحدة باعتبارها «ضارة» تبسيط مخلّ بالواقع. فهذه الفئة تجمع بين منتجات مختلفة تمامًا: من المشروبات السكرية والوجبات السريعة، إلى الحبوب المدعمة وبدائل اللحوم النباتية. بعضها بلا شك غني بالسعرات الحرارية وفقير بالألياف ويسهل الإفراط في تناوله، لكن بعضها الآخر قد يكون مفيدًا، خصوصًا لفئات مثل كبار السن الذين يعانون من ضعف الشهية، أو الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية خاصة. ويحذر الباحث من أن شيطنة جميع الأطعمة المصنفة ك UPFs قد تدفع المستهلكين بعيدًا عن خيارات قد تكون صحية بالفعل، وتخلق ارتباكًا حول ما هو غير صحي حقًا. توصيات الخبراء • تعزيز الثقافة الغذائية: مساعدة المستهلكين على فهم ما يجعل الطعام مرضيًا وما الذي يحفّز الرغبة الشديدة. • إعادة صياغة المنتجات: تصميم أطعمة ممتعة ومشبعة بدلًا من الاعتماد على خيارات «حمية» فقيرة الطعم. • فهم دوافع الأكل: الاعتراف بأن الناس يأكلون لأسباب تتجاوز الجوع، مثل الراحة أو المتعة أو التواصل الاجتماعي.