ذوو الإعاقة تلك الفئة الغالية على قلوبنا التي تصرف الدولة لرعايتها وتأهيلها مبالغ ضخمة جدًا، ومن عمل لدى الجهات التي تقوم بدور الرعاية والتأهيل لذوي الإعاقة يدرك ذلك تمامًا، فجميع الحالات بمختلف إعاقاتهم يحظون بالاهتمام، حتى طريحو الفراش منهم الذين يعانون إعاقات مزدوجة وفرت لهم الدولة الرعاية سواء من خلال مراكز حكومية مجهزة بكل ما يحتاجه المعاق (مراكز التأهيل الشامل ومدارس التربية الخاصة) أو من خلال مراكز ومدارس أهلية تتقاضى نظير ما تقدم من خدمات رسومًا مالية عالية. وكما نعلم فإن وزارتي الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والتعليم هما من تشرفان على رعاية وتأهيل هذه الفئة، وكل جهة حددت لها فئة بحسب مقاييس وتقارير طبية معينة، الملفت في الموضوع أن الفئة الأخف إعاقة والأعلى نسبة ذكاء تتبع وزارة التعليم، والأشد والأعقد تتبع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والمعلوم لدينا أن وزارة التعليم هي المعنية بالتعليم والتدريب ولديها كوادر مؤهلة للقيام بهذا الدور، بينما وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تقوم بجملة مهام تتركز على الإيواء والدعم المالي وتسهيلات أخرى تقدم لذوي الإعاقة، إضافة إلى ما أسند لها في جانبي التأهيل والتدريب، وذلك من خلال مراكز تابعة لها أو خاصة تتولى عملية الإشراف والمتابعة على الخدمات المقدمة من خلالها لهذه الفئة، وحتى نكون أكثر وضوحًا، فمهما كانت المتابعة والمراقبة فلن تكون بذات الكفاءة عندما تكون من المتخصص في المجال، الذي يمتلك المعرفة والخبرة الكافية التي تحدد ما إذا كانت هذه البرامج المقدمة في هذه المراكز تخدم المعاق فعلًا أم مجرد خطط لبرامج متواضعة آثارها لا تذكر. إن ذوي الإعاقة جزء مهم من النسيج المجتمعي ويستحقون الحصول على خدمات عالية الجودة تضمن حقوقهم ودمجهم الكامل في المجتمع، ولتحقيق ذلك بكفاءة تبرز الحاجة الملحة لوجود هيئة خاصة تتولى الإشراف المباشر والكامل على كافة الخدمات المقدمة لهم وتعمل على تنظيم وتطوير هذه الخدمات ووصولها للمستفيد بأعلى المعايير، لأنه في غياب جهة إشرافية مركزية تعددت الجهات المقدمة للخدمات وتباينت المعايير ودخل بعض المستثمرين في هذا المجال دون أن يكون لديهم أية فكرة أو خبرة والهدف ربحي بحت، خصوصًا والاستثمار في هذا الجانب مربح جدًا والرقابة وحتى الاشتراطات المطبقة حاليًا على المستثمرين وعلى الخدمات المقدمة يسيرة والمشرفين على متابعة تنفيذها في الميدان وأثرها على المستفيدين ليسوا متخصصين وبعيدين جدًا عن المجال بجميع آلياته، ووجود جهة تحت أي مسمى تتابع وتشرف على تدريب وتأهيل ذوي الإعاقة يضمن الجودة فيما يقدم لهم من برامج وكذلك سيكون الإشراف والمتابعة مكثفة ومركزة بما يضمن التزام تلك المراكز والمدارس بالمعايير المعتمدة والمناسبة لقدراتهم وستضبط عملية منح التراخيص لافتتاح مثل هذه المراكز أو المدارس، بحيث تكون الجهات أو الأفراد من طالبي التراخيص يمتلكون المؤهلات اللازمة والقدرة على تجهيز هذه الأماكن بأحدث التجهيزات والتقنيات الخاصة بتأهيل وتدريب ذوي الإعاقة، لأن أغلب الموجود حاليًا يفتقر إلى كثير من التجهيزات، ناهيك عن قدم بعض المباني وافتقارها إلى البيئة التعليمية والصحية وغيرها من تجهيزات القاعات والوسائل التدريبية والنقل. ومن لا يعلم فكل هذه التجهيزات خصص لها مبالغ ماليه تصرف للمراكز كرسوم خدمات مقدمة للمعاق، لكن مع زيادة الأعداد وكثافة المهام على كل وزارة أصبح هناك ضرورة لتولي جهة أخرى مهمة الإشراف والمتابعة على البرامج المقدمة لذوي الإعاقة، لأن الإشراف بشكل مباشر يضمن جودة البرامج، ويكشف أي خلل أو تلاعب في تقديم الخدمات من أي جهة كانت. كذلك سيساعد هذا الأمر في تقنين الميزانيات ومراجعة المخصصات لبعض الخدمات الهامشية أو التي لا فائدة منها.