تواصلت الضربات المتبادلة بين روسياوأوكرانيا في وقت تشهد فيه الجبهة الشرقية من أوروبا تصعيدًا ميدانيًا حادًا، بالتوازي مع جمود الجهود السياسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. وأسفر أحدث تصعيد عن سقوط قتلى وجرحى في مناطق مدنية أوكرانية، فيما أعلنت كييف عن تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي الروسية، مستهدفة بنى تحتية تعتبرها ذات طابع إستراتيجي. هجمات متبادلة وفي هذا السياق، أفادت السلطات الأوكرانية أن هجومًا صاروخيًا روسيًا استهدف مدينة سومي شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 25 آخرين، إضافة إلى تضرر منشآت طبية وسكنية.. وفي المقابل، أعلنت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية تنفيذ هجوم تحت الماء استهدف جسر كيرتش الرابط بين روسيا وشبه جزيرة القرم، مستخدمة ما يزيد على طن من المتفجرات، في ما وصفته ب«ضربة دقيقة» استغرقت شهورًا من الإعداد. جسر حيوي وقال جهاز الأمن الأوكراني (SBU) إن الهجوم الذي استهدف جسر كيرتش، أحد أهم خطوط الإمداد العسكري الروسي إلى شبه جزيرة القرم، تم عبر تفجير 1100 كيلوغرام من المتفجرات تحت الماء خلال الليل. مؤكدًا أن العملية استغرقت عدة أشهر من التخطيط والتنفيذ. واعتبر الجهاز أن الجسر «أصبح في حالة طوارئ فعلية»، بينما لم تُسجل خسائر بشرية جراء التفجير. وتعذر التحقق من صحة الادعاءات الأوكرانية بشكل مستقل. وذكرت وسائل إعلام روسية أن حركة المرور على الجسر توقفت لعدة ساعات قبل أن تُستأنف جزئيًا صباح الثلاثاء، ثم أُعيد إغلاقه في وقت لاحق من اليوم. الضغط الدولي وفي أعقاب الهجوم على سومي، وصف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الضربة بأنها «استهداف متعمد للمدنيين». مؤكدًا أن ما جرى يبرهن على غياب نية لدى موسكو لإنهاء الحرب، ودعا زيلينسكي المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط أكبر على روسيا، مشيرًا إلى أن «غياب تحرك حاسم من واشنطن وأوروبا يُبقي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على موقفه المتصلب». وبحسب الأممالمتحدة، فقد تجاوز عدد القتلى المدنيين في أوكرانيا حاجز 12 ألفًا منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من القتلى في صفوف القوات العسكرية من الجانبين على امتداد خط مواجهة يتجاوز طوله 1000 كيلومتر. عمق روسيا ومن جانب آخر، قالت كييف إنها نفذت سلسلة من الهجمات بطائرات مسيّرة على قواعد جوية روسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما أدى إلى تدمير أو إلحاق أضرار بأكثر من 40 طائرة حربية، فيما وصفه المسؤولون الأوكرانيون بأنه «ضربة مؤثرة» على القوة الجوية الروسية. وأقرت وزارة الدفاع الروسية بتعرض عدد من طائراتها لأضرار جراء حرائق اندلعت في قاعدتين، مشيرة إلى أنها صدّت محاولات هجوم أخرى على ثلاث منشآت عسكرية إضافية. تعثر المساعي وعلى الصعيد السياسي، أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن أوكرانيا أبدت انفتاحًا على مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار، في حين رفضت موسكو المبادرة، مجددة تمسكها بشروطها الخاصة لأي تسوية محتملة. وقد التقى وفدان من الطرفين في إسطنبول، حيث اتفقا على تبادل جثث وأسرى الحرب، دون إحراز تقدم في الملفات الكبرى. وفي تعليقات لاحقة، قال دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي: «إن التفاوض مع كييف لا يجب أن يتم على أساس شروط وهمية يضعها الآخرون، بل بهدف تحقيق نصر روسي كامل»، مضيفًا «إن الرد على الهجمات الأوكرانية سيكون حتميًا». من جانبه، وصف المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، فكرة عقد لقاء ثلاثي بين بوتين وزيلينسكي، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بأنها «غير مرجحة في المستقبل القريب». حراك دبلوماسي وفي ظل تعثر المسار السياسي، توجه وفد أوكراني رفيع برئاسة نائبة رئيس الوزراء، يوليا سفيريدينكو، إلى واشنطن لإجراء مشاورات تتعلق بالدفاع، والعقوبات، وإعادة الإعمار بعد الحرب. وقال أندري يرماك، رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، إن الوفد سيلتقي بممثلين عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فضلًا عن مستشاري ترمب. مناطق حدودية وتزامنًا مع ذلك، أفادت وزارة الدفاع الروسية بسيطرة قواتها على قرية أندرييفكا الواقعة بالقرب من الحدود في منطقة سومي، دون أن تؤكد أوكرانيا صحة هذا الادعاء حتى الآن. كما أفاد حاكم خاركيف، أوليه سينيهوبوف، أن قصفًا روسيًا استهدف قرية تشيستوفوديفكا، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين. وفي ظل تمدد الهجمات باتجاه مناطق مدنية قريبة من الحدود، يزداد الضغط الإنساني على السكان، وسط قلق من تفاقم المعاناة في ظل انسداد الأفق السياسي.