يا "وحش" .. حين تصبح الكلمة أداة قيادة    المنتخبات الخليجية تفشل في التأهل رغم وفرة الإنفاق    لماذا تركت اللغة وحيدة يا أبي    الهلال يُبدع في تعادل مع ريال مدريد في مونديال الأندية    سالم الدوسري: هدفنا كان الفوز على ريال مدريد    هلال مبهر    من حرب الظل إلى الصدام المباشر    ارتفاع الرمل الأحمر 24.3% يؤثر على تكاليف عقود البناء    اليوم.. قرعة كأس السوبر السعودي بمشاركة 4 أندية    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على انخفاض بأكثر من 120 نقطة    غوارديولا سعيد بأداء الصفقات الجديدة لمانشستر سيتي    تصعيد روسي على كييف وبوتين يستعد للرد على أسئلة الصحفيين الدوليين    تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة يدشن فرع الوزارة بالقصيم    طريق تبوك - حقل مشروع استراتيجي لتعزيز السياحة على ساحل خليج العقبة    «الاحتياطي الفيدرالي» يثبت أسعار الفائدة عند نطاق 4.25 - 4.50%    الغامدي يلتقي بالمستثمرين وملاك مدارس التعليم الخاص بالطائف    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    عبدالعزيز بن سعود يستقبل سفير إسبانيا لدى المملكة    لاوتارو : راض عن أداء الإنتر في مباراته الأولى ب «مونديال الأندية»    بيان حول ادعاء استهداف شاحنة ومنزل في حجة    ميتا تغري موظفي "اوبن ايه آي" بأكثر من 100 مليون دولار للانضمام إليها    السعودية تُشارك في معرض سيئول الدولي للكتاب 2025    ترجمة على خطى المتنبي وقانون الأعمال السعودي بالصينية    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    الطقس الحار يزيد الضغط على مرضى التصلب العصبي.. و"أرفى" تدعو لبيئة عمل مرنة وداعمة    "الكشافة السعودية في موسم الحج: مسيرة مجد وتميز في خدمة ضيوف الرحمن"    أمير تبوك خلال تكريمه المشاركين في أعمال الحج بالمنطقة جهودكم المخلصة في خدمة ضيوف الرحمن محل فخر واعتزاز الجميع    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    الاحتلال الإسرائيلي يقصف منتظري المساعدات جنوب غزة    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    جمعية الصم وضعاف السمع تبحث فرص التعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية    بر الشرقية توزع أكثر من 31 ألف كيلو من اللحوم على 3274 أسرة مستفيدة    من أعلام جازان.. معالي الدكتور إبراهيم يحي عطيف    القبض على 5 مواطنين لترويجهم الأفيون المخدر و 8,412 قرصًا من الامفيتامين المخدر و 4 كيلوجرامات من الحشيش بتبوك    أكثر من 700 موقع أثري جديد لسجل الآثار الوطني    الجدعان: المملكة تتعاون للقضاء على فقر الطاقة في العالم    إيران والعدو الصهيوني.. الحرب عن بعد    اعتماد نهائي لملف الاستضافة.. السعودية تتسلم علم «إكسبو 2030 الرياض»    إغلاق التسجيل في النقل المدرسي في 10 يوليو    "الأرصاد": "غبرة" في عدة مناطق حتى نهاية الأسبوع    هيئة الأزياء تكشف الإبداع السعودي في الساحة العالمية    إنشاء مركز دراسات يعنى بالخيل العربية    صورة بألف معنى.. ومواقف انسانية تذكر فتشكر    "الحج" تنهي تسليم نموذج التوعية لمكاتب شؤون الحجاج    بتوجيه من خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يناقش خطوات التحضير المبكر للحج    اختبارات اليوم الدراسيّ.. رؤية واعدة تواجه تحديات التنفيذ    مركب في القهوة والأرز يقلل الإصابة بالنوبات القلبية    نائب أمير الرياض يستقبل مديري «الشؤون الإسلامية» و«الصحة» و«الموارد البشرية»    المهندس عبدالمنعم محمد زعرور رئيس مجلس إدارة شركة منصة التشطيب للمقاولات: رؤية 2030 اختصرت الزمن وقادت المملكة إلى نهضة شاملة    «الشؤون الدينية» تقيم دورة علمية بالمسجد الحرام    مظلات المسجد النبوي.. بيئة آمنة ومريحة للمصلين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يضع حداً لمعاناة «ستيني» مصاب بجلطة دماغية وأخرى بالشريان الأورطي    القصيم الصحي يجدد اعتماد «سباهي» لثلاثة مراكز    إعادة شباب عضلات كبار السن    محافظ الطائف يزور المفتي العام للمملكة..    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    نجاح المبادرة التطوعية لجمعية تكامل الصحية وأضواء الخير في خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موسكو بين طعام النازحين وتسويق الأسد
نشر في الوطن يوم 11 - 07 - 2021

لم تكن المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي تستخدم فيها روسيا ورقة معابر المساعدات للسوريين، لإثبات أنها متحكمة دوليا في أي قرار يتعلق بسورية، ولابتزاز المجتمع الدولي حتى عندما يكون الأمر إنسانيا. كادت مسألة المعابر أن تكون موقعة أولى في اختبارات ما بعد قمة بايدن - بوتين، لكن الجانبين تفاديا الصدام براجماتيا، وإذا كان هناك تنازل فقد جاء من واشنطن التي تخلت عن زيادة معبري «باب السلام» (من تركيا) و«اليعربية» (من العراق) للإبقاء على «باب الهوى» المعبر الوحيد من تركيا إلى إدلب، لأن موسكو طالبت أساسا بإغلاقه مدعية أن «عملية المساعدة عفى عليها الزمن وتنتهك سيادة سورية وسلامة أراضيها». ولو كان لدى مجلس الأمن استعداد للموافقة على مرور المساعدات عبر مناطق سيطرة النظام لما كان عفى عليها الزمن، بل لأصبحت موضع ترحيب وثناء. إذ يرى الروس أن كل ما يعطي نظام بشار الأسد سلطة، ولو على إيصال كيس حنطة إلى محتاجين، هو ميزة تضاف إلى «شرعيته».
انطلقت موسكو في إشهارها «الفيتو» المسبق على معبر «باب الهوى» برزمة تهديدات مضمرة، كتعطيل أي قوافل للمساعدات وسبق لها أن قصفتها عام 2016، أو باستئناف الحرب لإخضاع محافظة إدلب بما تعنيه من دفع لحشود اللاجئين إلى خارج الحدود، وهذا خيار روسي - أسدي دائم يرفع أو يحجب عند الحاجة. ثم كانت لديها رزمة شروط للتفاوض على تمديد آلية المساعدة، بدءا برفض قاطع لزيادة عدد المعابر (أي لا لمساعدة سكان شمال شرقي سورية)، وخصوصا بزعم أن إغاثة أكثر من 3.5 ملايين سوري تذهب إلى جماعات إرهابية في إدلب، ثم بالتشكيك بعمل منظمات الأمم المتحدة لطرح فكرة إشراف روسي - أسدي على المعبر الوحيد، وبالمطالبة برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية بعد اتهامها بأنها سبب تدهور معيشة السوريين عموماً (لا الأزمة المتفاقمة تحديداً منذ التدخل الروسي، وقبله الإيراني).
في المقابل، كان هناك إصرار أمريكي على الفصل بين مساعدات إنسانية غير قابل للتسييس ولا تساهم روسيا ولا أي من حلفائها في تمويلها، وبين العقوبات التي فرضت أساساً لهدفين: عدم تمرير جرائم النظام وحلفائه، والضغط من أجل حل سياسي يفترض أن ينهي الأزمة السورية. أما الاعتماد على أجهزة نظام الأسد لتوزيع المساعدات فلم يكن وارداً أبداً في مجلس الأمن، لأن تجربة الإغاثة الدولية مع دمشق سجلت نسب عرقلة للمساعدات بين 80 و90%، وتركت مرارات لا تنسى لدى الإغاثيين حين صاروا شهوداً على سياسة تجويع اتبعها النظام ضد أهالي درعا والغوطة ومضايا. كان أحد أكبر ضباط النظام يمانع دائماً إدخال معظم المواد الأساسية، وحين يكون متأكداً من أن الحصار بلغ مرحلة صعبة فإنه يريد تقنين كميات الحليب للأطفال ويبلغ أقصى التشدد في حرمانهم من البسكويت، برغم توسلات الإغاثيين.
لا يؤرق موسكو أن يقال لها مثلاً إنها قد تتسبب بمجاعة في إدلب، فهي تريد استعادتها للنظام ولو بتجويعها ولا تكترث لاندفاع مئات ألوف اللاجئين/‏ المجوعين مجدداً إلى خارج الحدود. حاولت الضغط على أنقرة للاتفاق على إغلاق المعبر، وجددت القصف الجوي ملوحة بتمزيق «اتفاق سوتشي» لاستئناف اجتياح إدلب، غير أن الوضع الحالي في هذا الجيب الإدلبي هو أفضل الممكن (للجميع) منذ إجبار معارضي النظام في محافظات أخرى على اللجوء إليه. لم يكن في إمكان تركيا أن توافق، فالنتائج السيئة ستكون صعبة عليها وستنعكس أيضاً على اتفاقاتها مع أوروبا، وفي المدى المنظور ستتأثر أيضاً الاتصالات الجارية لتحسين العلاقات الأمريكية - الروسية. وفي الأثناء رصدت موسكو ملامح «عودة أمريكية» للاهتمام بالملف السوري، سواء في مؤتمر روما ل«تحالف محاربة داعش» أو في اجتماعات على هامشه، ويهمها أن تستطلع الجديد في موقف واشنطن.
المتداول في دمشق أن الرئيس الروسي كان يدير شخصياً مسألة المعابر، وأنه صعد القصف في إدلب وطلب التركيز على رفض التمديد للمساعدات وتضخيمه، بل شجع دمشق على التشدد، واعتبر الأسد أن لديه ما يكسبه مطلع ولايته الرابعة من أي «مواجهة» أمريكية - روسية. لكن فلاديمير بوتين رسم حدوداً للابتزاز، فالإصرار على إغلاق المعبر سيدفع أمريكا والدول الغربية إلى خيارات أخرى، وقد تحرك ملفات مزعجة ضد روسيا. من ذلك مثلاً تفعيل توصيات «لجنة وقف النزاعات» (برئاسة يان إيجلاند) التابعة للأمم المتحدة، التي انكبت على التدقيق في مئات الوقائع المثبتة عن قصف روسي لمستشفيات وملاجئ وسيارات إسعاف ومراكز طبية في سورية، وخلصت إلى إمكان اتهام روسيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقد ارتأت الأمانة العامة عدم تعميم هذه التوصيات وتحفظت عنها، لكن الدول المهتمة اطلعت عليها.
كانت موسكو مستعدة منذ البداية لتسوية قوامها التمديد ستة شهور فقط لمعبر «باب الهوى» لكن لقاء تنازلات أمريكية، كتخفيف العقوبات على نظام الأسد، فيما ساعد التصعيد الميداني في استبعاد المعبرين الإضافيين. دعمت واشنطن مشروع القرار الإيرلندي - النرويجي (التمديد ل12 شهراً واعتماد «اليعربية» معبراً ثانياً)، وعندما مررت المندوبة الأمريكية ليندا توماس-جرينفيلد إمكان توسيع نطاق المساعدات التي تصل عبر النظام بدا أن التسوية ممكنة، وتوصلت المساومة الأخيرة بين السفيرين الأمريكي والروسي إلى «حل وسط»، فعدل مشروع القرار ليتضمن في مقدمته إشارة عامة يفهم منها تعزيز المساعدات لمناطق النظام، وليقتصر في قراراته على التمديد للمعبر الحالي ل12 شهراً مع مراجعة شكلية أصرت عليها روسيا بعد ستة شهور بناء على تقرير للأمين العام للتأكد من شفافية تدفق المساعدات وتوزيعها عبر «باب الهوى»، وليس واضحاً إذا كانت معاينة الشفافية مطلوبة أيضاً بالنسبة إلى المساعدات التي تدخل عبر النظام ويتحكم بطرق توزيعها. المهم بالنسبة إلى موسكو أن تبدو كأنها توسع التعامل الدولي مع نظام الأسد وأن يمكنها ذلك عملياً من مواصلة الضغط لتسويق هذا النظام لدى دول عربية وغير عربية ترغب في تطبيع علاقاتها معه لكنها تخشى «عقوبات قيصر» التي لم تؤد التسوية في مجلس الأمن إلى تخفيفها أو إلى احتمال رفعها في المدى القريب.
*ينشر بالتزامن مع موقع «النهار العربي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.