أرامكو السعودية تدشن المركز الإقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية في جزيرة أبوعلي    غروسي: الوضع في مفاعل بوشهر النووي بإيران «مقلق جداً»    ميسي «القائد» ينال إشادة لاعبي إنترميامي بعد إنجاز «مونديال الأندية»    جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ضمن أفضل 100 جامعة عالميًا    جثمان الشاعر موسى محرق يصل اليوم والصلاة عليه غدًا    وفد وزارة الرياضة يدشن مشاركته في برنامج التبادل الشبابي بالمملكة المغربية    قرعة كأس السوبر تضع القادسية في مواجهة الهلال في هونغ كونغ    بعد الفوز بصعوبة.. الإعلام الأمريكي يُشيد بقوة المنتخب السعودي    بداية فصل الصيف 2025 "فلكيًا" .. غدًا    خطيب المسجد النبوي: التفكر في تعاقب الأيام سبيل للفلاح وميزان للربح والخسران    الاتحاد ينافس موناكو على ضم بوغبا    خطيب الحرم: محاسبة النفس دليل على كمال العقل وسبيل للفلاح    مدير تعليم جازان يكرم "افتراضيًا" الطلبة المتفوقين دراسيًا والمتميزين في الأنشطة المدرسية    اغبرة تغطي معظم مناطق المملكة    هبوط خام برنت    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير المنطقة الشرقية يؤدي صلاة الميت على والدة سعود العطيشان    تغير خطط سفر السعوديين أزمات العالم    أمير الشرقية: تسجيل مدينة الخُبر قفزة عالمية في مؤشر قابلية العيش تجسيد لدعم القيادة    ما بعد الجينوم.. سيادة البيانات الحيوية    1200 كائن فطريّ في الطبيعة    هل ستدافع عن موظفيك؟    الأردن: إصابة طفلين وأضرار مادية جراء سقوط طائرة مسيّرة    الاحتلال يسابق الزمن لابتلاع «سبسطية» الأثرية..    تجريد المساحة وإعادة تركيب الذاكرة البصرية    خدمة الحجيج.. ثقافة وطن وهوية شعب    سجين العقل    الرياض على موعد مع انطلاق كأس العالم للرياضات الإلكترونية "2025"    مونديال الأندية .. الأهلي المصري يخسر أمام بالميراس بثنائية    مشاعر الحج    عشرة آلاف خطوة تقي من السرطان    زرع مثانة في سابقة عالمية    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    أمير منطقة جازان يتفقد مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة جزر فرسان    صندوق الاستثمارات يطلق شركة إكسبو 2030 الرياض    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    الهلال الأحمر وتجمع نجران الصحي "بمنطقة نجران يدشّنان حملة للتبرّع بالدم    شاشات تفاعلية ذكية في المسجد النبوي تُقدّم محتوى توعويًا وإرشاديًا ب23 لغة عالمية    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    جامعة الملك فيصل ضمن" التصنيف العالمي"    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    وزارة الصناعة تشارك في معرض باريس.. السعودية تستعرض فرص الاستثمار في صناعة الطيران    الإطاحة بمروجي مادة الأفيون المخدر في تبوك    عريجة يزف نجله محمد    2.7 مليار تمويلات زراعية    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دعوات لتسريع تطبيق حل الدولتين.. إدانة دولية متصاعدة لانتهاكات الاحتلال في غزة    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    العلاقات الأسرية تساعد الأطفال على النوم الهادئ    تعادل تاريخي للهلال أمام ريال مدريد في مونديال الأندية    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمد المرزوقي .. وصراخ القصيمي الفلسفي
نشر في الشرق يوم 18 - 08 - 2012

الموقف من عبدالله القصيمي في المشهد الثقافي السعودي، يستحق الرصد، حيث مر بأطوار عديدة بتأثير من الموقف الديني والسياسي، منذ أربعينيات القرن الماضي عند أكثر من جيل .. ما بين الصدمة والتحسر أو التأثر والإعجاب. وإذا كان الموقف الديني تشكل مبكرا مع ندم لتحوله عن مساره الذي بدأه، فإن الموقف الثقافي أخذ عدة نماذج وحالات عند كل مرحلة بعضها غير معلن ولامدون خاصة الانبهار الشديد به. قبل أكثر من عقد عادت مرة أخرى لدى بعض المثقفين الجدد موضة التظاهر بالإعجاب بالقصيمي، بعضها حقيقي وبعضها مجرد تقليد للتعبير عن انفتاح أو تمرد فكري دون رؤية.
اطلعت على كثير من المواقف النقدية للقصيمي منها ما هو وعظي ومنها ما هو فكري ضعيف. بالنسبة للمرزوقي فيبدو أن لديه قصة أكثر عمقا وفهما لخطاب القصيمي. حيث كتب عنه مقالة مبكرة في مجلة اليمامة 23 / 2 / 1400م. قدم فيها نقدا يدل على وعي مختلف ورؤية مكثفة للقصيمي حيث يقول «أي مفكر يقاس بمدى استيعابه للقضايا التي يطرحها وقدرته على التفاعل مع محيطه الاجتماعي وشرط تشكله الحضاري» «وحين يتحول ( المفكر ) إلى صراخ فلسفي أو توترات ذاتية الفعالية، دون أن ( ينظم ) هذه ( التوترات ) أو ( الرؤى ) أو ( المشاعر ) في رؤية فكرية فلسفية متماسكة .. ذات نسق كوني .. شامل .. ومنهج علمي في تحليل الظاهرة .. يبقى ما يكتبه مجرد ( فقاعات ) تعجب أو تطرب لرنتها البلاغية ..» « إن ( القصيمي ) يمتلك أسلوبا فذا .. وفي طريقة عرضة البارعة والملتهبة .. وفي احتجاجه الصارخ أثار موجة إعجاب، خصوصا لدى أولئك الذين يقتاتون بالجملة اللفظية .. « « القصيمي ليس إضافة مهمة إلى رؤيتنا الحضارية .. وليس تحديا للترهل الفكري .. لأنه يهدم هذا التحدي برؤيته العدمية. وهو أيضا ليس إضافة هامة، إثراء أو حوارا واعيا مع ضميرنا الوطني .. « « فكره مجرد صراخ أو نشيد حزين أو يائس .. القصيمي مجرد ظاهرة صوتية .. أو عدمية.
تبدو المشكلة مع المثقف في المشهد السعودي منذ عقود طويلة بأن تقييم آرائه ومواقفه وتحولاته بحاجة إلى إزاحة عوازل كثيرة، للتفريق بين ما يكتبه وبين تاريخ آرائه الحقيقية. وطالما أن المثقف يكتب في صحافتنا فإنه سيكون مقيدا بظروف وأجواء كل مرحلة. وهو على أي حال مسؤول عما يكتبه وعن صمته أيضا. بعض المثقفين استطاعوا تجاوز كثير من الظروف المعقدة في وقتها وكسب قدر من الاحترام أكثر من غيرهم، لكن من النادر عدم التورط في مجاملات كثيرة في التعبير عن الآراء.
آراؤه حول بعض القضايا الفكرية في ذلك الوقت يصعب استعراضها في هذه المساحة المحدودة، لكن رأيه في العلمانية والحضارة الغربية الذي قدمه في التسعينيات يبدو محافظا ولم يختلف عن الرؤى الرسمية السائدة والتقليدية يقول « يفترض أن نأخذ من الحضارة الغربية مشروعها العلمي ونرفض بقوة وشدة مشروعها العلماني..نأخذ الإنجاز الحضاري والإعجاز العلمي والإنتاج الصناعي ونرفض قيم هذه الحضارة وأخلاقها وانحلالها وفجورها ومعاصيها «ويرى» أن العرب جربوا كل شيء من الشعارات، ولكنهم لم يجربوا بعد، معنى العودة إلى الإسلام .. « أما في كتابه الأخير « أفي الله شك « فينتقد الرؤية التي تقول « إن التخلف يكمن في عدم علمنة الدولة والحياة العامة «.
بالرغم من وجود تغير لديه بين عقد وآخر كغيره، إلا أنه حافظ على قدر من المنهجية التي جعلت قلمه محترما في مقالاته منذ السبعينيات. في كتابه « لكيلا تختلط الأوراق: رؤية خليجية حول أزمة الخليج « يلخص رؤية الكاتب في قضايا سياسية متعددة. ومع الإطار الرسمي الذي يحافظ عليه كاتبنا وظروف تلك المرحلة رقابيا إلا أنك تجد كثيرا من الأفكار بين السطور، وتقديرا لعقلية القارئ دون استعراض لفظي للتظاهر بالجرأة. في المقدمة يقول «على مدى ربع قرن وقف العراق في الكماشة بين الخبث الاستراتيجي الفارسي وبين الدهاء الاستراتيجي السعودي».
ويستحضر في حديثه عن أزمة الخليج تحفظاته على طريقة الكويت في معالجته علاقاته مع جيرانه. ويمرر ملاحظة موجهة إليه « لماذا لم ترد في الكتاب أي ملاحظات نقدية على السياسات الخليجية أو تحولات مجتمع الخليج» ويرى أن التساؤل مشروع وصحيح، لكن للكتاب سياق مختلف عن إيراد الملاحظات والمراجعات. في تقديري أنه كان الأكثر تعقلا بعيدا عن الهجاء الغوغائي في مناقشته لأزمة الخليج، حيث حافظ على رؤية نقدية متزنة ضد التطرف القومي الذي وقف مع الغزو الصدامي للكويت، ودون التفريط بالروح الوطنية والقومية.
وفي أزمة الخليج نفسها عبر مقال «الذاتي والموضوعي في تحليل الدكتور غازي» الرياض 26 سبتمر 1990م. يقدم رؤيته النقدية لمقال كتبه القصيبي عن «صدام حسين الصورة النفسية»، وفيه قدم الكاتب مجموعة أفكار، ومن خلال الصديق المشترك بينه وبين القصيبي، قدم رؤيته عن غازي، حيث يقول له هذا الصديق: إنك أثنيت على غازي قبل عشر سنوات وقبل أسبوعين. ثم يقول له تعليقا على مقالات غازي في حرب الخليج « ألا تعتقد معي أن الدكتور غازي في الأيام الأخيرة بدأ يردح على الطريقة البلدية في زاويته اليومية في الشرق الأوسط !» فيعلق المرزوقي « قلت له وللردح ما يبرره أحيانا. ويكفي أن الدكتور غازي عبر بشجاعة وبراعة عن مشاعر قطاع كبير من الناس، وهنا يكمن دور الفنان الأصيل «ومع أن المرزوقي برر موقفه المشيد بغازي لهذا الصديق «بأنه لم يكن يعبر عن مشاعري وحدي ولكنه شعور لمسته من الجميع .. ودوافعه وطنية موضوعية» فإن تشبيه دوره ب» الفنان الأصيل» استوقفني!؟
هذا الصديق الذي كان يحرض المرزوقي بالرد على القصيبي «قال لي أعلم أنك ستختلف مع الاستنتاجات هنا، ولكنك لن تجرؤ على حوار الدكتور فهو لا يطيق الاختلاف ..» شخصيا في وقت كانت الصحافة مقيدة بمجاملات كثيرة.. كنت أعتبر هذا النقل تمريرا جيدا ومعلومة مهمة لي من صديقهم المشترك.. بأن القصيبي « لا يطيق الاختلاف « !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.