يبيع التسعيني العم عبدالعزيز بن عبدالوهاب العصفور العطور والأطياب منذ ستة عقود في سوق «القيصرية» بالهفوف، وتحتفظ ذاكرته بمعلومات كثيرة حول تاريخ الأحساء وخاصة سوق «القيصرية». يقف العصفور الذي يبلغ عمره 96 عاماً في دكانه الصغير، و يروي تفاصيل لا تزال عالقة في عقله عن تاريخ الأحساء القديم قبل عقود مضت، ويبين أن الذكريات الجميلة، تجعله أكثر تعلقاً و انتماءً إلى هذا الدكان الصغير، و يستمتع باستنشاق الروائح الزكية، من دهن العود، والبخور، والمخلطات التي يبيعها في متجره بسوق «القيصرية». ويشير العصفور إلى أن كبار السن أكثر إقبالا على العطور العربية العريقة، مثل دهن العود، والبخور، وبعض العطور الفرنسية المميزة، أو تلك التي كانوا يجلبونها أحياناً من ألمانيا، وتتراوح أسعارها بين 150 ريالاً و 3000 ريال، ويوضح العصفور أن الأغنياء و الأثرياء في السابق، كانوا الأكثر إقبالاً على شراء الأطياب، و أكثر حرصا على اقتناء العطور. ويتذكر العصفور عمله خياطاً في» الصفاة» بالعاصمة الرياض لمدة 15 عاماً، في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز- رحمه الله – وتحديدا خلال فترة الستينيات، ويقول «كنت أشتاق إلى الأحساء كلما ابتعدت عنها، إلا أن سوق الخياطة كان ممتازاً و مربحاً»، متمنيا من الشباب السعودي أن يقبلوا على تعلم المهن اليدوية، كي يعتمدوا على أنفسهم ويحافظوا على تراث آبائهم و أجدادهم. ويشير العصفور إلى أن «العطارة» مهنة مربحة، وأن الزبائن من أجمل المكاسب التي يحصل عليها «العطار»، معددا أسماء أشهر تجار العطارة في تلك الفترة، وهم إبراهيم العامر، وعبدالله السليمان، ومحمد الفلاح، وعبدالعزيز العجب، وعبدالعزيز القطان، ويقول «عرفت عدة عطور جميلة قديماً، تختلف مسمياتها عن العطور الحديثة، وأسماء الماركات العالمية، إلا أن لكل منها رائحة جميلة تميزها». معبرا عن سعادته بعمل ابنه «محمد» في محلات العطارة التي يمتلكها، و يحمد الله أنه تعلم هذه المهنة وحافظ عليها.