تزامناً مع عودةٍ متوقعةٍ للعلاقات بين تركيا وإسرائيل بعد خلافاتٍ استمرت 5 سنوات؛ يُرجِّح مراقبون تقدُّماً سريعاً في محادثاتٍ بينهما لاستيراد الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال في صفقةٍ قد تصل قيمتها إلى عدَّة مليارات من الدولارات. وذكر مسؤول كبير في أنقرة أمس الجمعة أن الحكومتين على وشك التوصل إلى إطار نهائي لاتفاقٍ يهدف إلى تطبيع العلاقات بينهما «بعد إحراز تقدمٍ على صعيد المطالب التركية». فيما تحدَّث مسؤولون إسرائيليون عن اتفاقٍ لتطبيع العلاقات جاء بعد محادثات ثنائية رفيعة المستوى في سويسرا. وعلَّق مسؤولون أتراك بأنه لم يتمَّ بعدُ توقيع اتفاقٍ نهائي «لكن في ظل ما تحقَّق من تقدمٍ في قضايا رئيسة؛ فإن التوصل إلى اتفاق لن يستغرق وقتاً طويلاً». وأفاد مصدر تركي قريب من المحادثات بأن الخلافات الثنائية التي بلغت ذروتها عام 2010 لم تعلِّق أصلاً خططاً لبناء خط أنابيب واستيراد الغاز الطبيعي من حقل لوثيان الإسرائيلي الشاسع في شرق البحر المتوسط. وأوضح المصدر «حتى السلطات السياسية لم ترغَب في تعليق المحادثات، كنَّا نعرف أنه ما إن يتمَّ التغلب على الخلاف السياسي، ستتحرك باقي العملية بسرعة». ورحَّب المسؤولون الإسرائيليون إلى حد بعيدٍ بالاتفاق على عودة العلاقات، لكنهم شددوا على وجوب تمسك حكومتهم بحق التحرك عندما يتعلق الأمر ب «أمنها وبالحد من نشاط بعض أعضاء حركة حماس المقيمين في تركيا». وأصرَّ الوزير في الحكومة الإسرائيلية، زئيف إلكين، على عدم التراجع والتنازل. وأبلغ راديو جيش الاحتلال بقوله «الاتفاق المتوقع الذي لم يتم وضع اللمسات النهائية عليه بعد يعطينا ما طالبنا به من تقييدٍ شديدٍ لنشاط حماس في تركيا». وأكد «يجب ألا نتراجع وألا نتنازل، يجب أن نبقى حازمين بشأن مصالحنا». ورغم أن رفع الحصار عن غزة، وهو أحد الشروط الثلاثة التي وضعتها أنقرة لتطبيع العلاقات، أمرٌ غير مرجَّحٍ في ظل تشديد الاحتلال على «ضرورية هذه السياسة»؛ فإن مسؤولا تركياً رفيعاً تحدث عن تقدمٍ أُحرِزَ في هذه القضية. وقال «هناك تقدمٌ كبيرٌ فيما يتعلق بالحصار، نقترب من اتفاق نهائي في المحادثات، لا نعتقد أن ذلك سيستغرق وقتا طويلاً». من جهتها؛ اعتبرت مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية، التي نظمت قافلة إلى غزة اقتحمها الكوماندوز الإسرائيليون قبل 5 سنوات، أن الاتفاق بين الحكومتين سيكون ضد تركيا والشعب الفلسطيني وشعوب الشرق الأوسط. ولفتت، في بيانٍ لها نشرته عبر موقع «تويتر»، إلى عدم تغيُّر موقفها من حصار غزة واقتحام الإسرائيليين للسفينة «مرمرة». وفي عام 2010؛ تصدعت العلاقات التي كانت قوية في السابق بين تركيا وإسرائيل عندما اعتلى كوماندوز إسرائيليون «مرمرة» وقتلوا عشرة نشطاء أتراك، بينما كانت السفينة ضمن قافلة تحاول كسر الحصار البحري المضروب على غزة. وكثفت أنقرة، التي تعتمد كثيراً على الاستيراد في سد احتياجاتها من الطاقة، جهودها لإيجاد مصادر جديدة للغاز الطبيعي في ظل تدهورالعلاقات مع موسكو بعد إسقاط القوات التركية طائرة حربية روسية كانت تشارك في قصف مواقع في شمال سوريا الشهر الماضي. ولاحظ وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، أن تطبيع العلاقات مع أنقرة له أهمية كبيرة «سواءً لتطوير حقل لوثيان أو إعادة شركات الطاقة العالمية إلينا للبحث عن حقول غاز جديدة». وأبدى، في حوارٍ مع راديو «تل أبيب 102 إف.إم»، اعتقاده بأن «هناك فرصة جادة ومفيدة لتحسين وتطبيع العلاقات»، مضيفاً «أعتقد أيضاً أن هذا دليل على القيمة الدبلوماسية للغاز ومشروع الغاز». وتتفاوض شركات إسرائيلية منذ وقت طويل مع شركات تركية على خط أنابيب لنقل الغاز من لوثيان. وقفز سهم شركة «زورلو إنرجي»، إحدى الشركات التركية التي تملك أصولاً في الطاقة في إسرائيل، بنسبةٍ تزيد على 10% أمس بدعمٍ من التقارير عن العودة المتوقعة للعلاقات. وفي الساعة الثانية والنصف ظهراً بتوقيت جرينتش؛ وصلت قيمة السهم إلى 1.48 ليرة بزيادة 17.46%. وسيتكلَّف تطوير حقل لوثيان الذي تُقدَّر احتياطاته بما يصل إلى 622 مليار متر مكعب ما لا يقل عن 6 مليارات دولار. ووفق ما هو مخطَّط؛ تفترض حكومة الاحتلال بدء إنتاج الحقل بين عامي 2018 و2020. وأشارت المصادر التركية إلى تفاوض «زورلو إنرجي» واتحاد شركات تركية أخرى مع إسرائيل على السعر والمسار المحتمل لخط الأنابيب وهيكل المشاركة وكيفية بيع الغاز.