ضحكت عندما قال لي أبو رمضان الجار الفلسطيني" ختيرت يا بو العبد". يقصد شيبت يا بو عبد الرحمن. فلم أنزعج فتلك سبيل لست فيها بأوحد. ولقد جلل الشيب كمثل السكر رأس الجار وشاربه. ولم أجادله لأن الختيار يتأثر بلمحة. سمعت أن رجلًا وزوجته قد طعنا في السن، وجمعا ما لديهما من مال ووضعاه في مشروع بناء منزل. ولما سكنا فيه وجاءهم مطر إذا بالمياه تتخلل إلى كافة أرجاء البيت. فنزل عليهم الغم الشديد. وهما قد بلغا من العمر عتيًا، ثم نصحهم ناصح باللجوء إلى فاروق زكي لأنه متقن. وفعلًا تولى الصديق فاروق ترميم المنزل وإصلاح الخراب. ولما سكن الرجل وزوجته في المنزل دعا الرجل فاروق، وشكره ثم قال له: قف فضلًا عند الدرج لأن الست تريد أن تكلمك. فوقف فاروق وفتحت الزوجة بابًا من الدور الثاني، وقالت لفاروق أريد أن أدعو الله لك. الله يجعلك تعطي ولا تأخذ. قال فاروق لا تسل عن فرحتي بهذه الدعوة المبتكرة من هذه الست. وكان فاروق يعمل في البلدية، فكان رئيس البلدية السيد عبد الله يحيى جفري يشير إلى فاروق، ويقول هذا هو رئيس البلدية. لأنه لم يكن يتولى عملًا إلا أنجزه على أحسن ما يكون. وفيما كان في البلدية وقعت قضية رشوة اتهم فيها رجل باكستاني للتمويه على المرتشي الحقيقي. وعندما وقف المتهم أمام القاضي قال: لا أريد أن يشهد في القضية إلا فاروق زكي. فاستدعى القاضي فاروق زكي، لكنه أمره أن يجلس عند الباب. فقال فاروق للقاضي: الشاهد يكرم ولا يجلس عند الأحذية. فقال القاضي: طيب تقدم. فتقدم فاروق وشهد لله أن هذا الرجل الباكستاني بريء من التهمة المنسوبة إليه. وانتهت القضية ببراءة الباكستاني، فما كان منه، وهو المسيحي إلا أن أعلن إسلامه. ومن القصص التي حكاها لي أن خلافًا نشب بين رجل أعمال كبير، وبين بعض التجار، فاختارت وزارة التجارة الأستاذ رشاد شاولي ليفصل بينهما. فضرب الأستاذ رشاد موعدًا مع رجل الأعمال في الحرم المكي، ولما التقيا هناك أخذ بيده إلى الدور الثاني. ثم قال: أعلم أنك لن تأخذ من التجار ريالًا إلا بحق، كما أن ما هو حق لك ستستوفيه إلى آخر ريال. فماذا تقول؟ فقال رجل الأعمال: بعد أن أتيت بي إلى هذا المكان، وجعلت الله شاهدًا، والله لو طلعتني مدينًا لرضيت، ووافقت لك على ما تقول. وهكذا حسمت القضية. توفي الصديق فاروق زكي قبل أسبوعين، ولم أعلم بوفاته إلا بعد انقضاء أيام العزاء. كان رجلًا كثير اللجوء إلى الله. وأكثر رسائله إليّ كانت دعوات مختارة متنوعة. أسأل الله أن يجعله في عليين.