يُعد السلوك العام مرآة صادقة تعكس وعي المجتمع ورقي أفراده، فحُسن التعامل والالتزام بالنظام دليل على تحضر الأمم، بينما التصرفات السلبية تكشف عن غياب الوعي وتراجع المسؤولية، ومن هنا تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز مفهوم الوعي الاجتماعي؛ بوصفه شراكة جماعية في فهم المشكلات والسعي إلى معالجتها. ورغم ما نشهده من تطور ونهضة في مختلف المجالات، إلا أن بعض السلوكيات الخاطئة ما زالت تتكرر في الأماكن العامة والطرقات؛ كإلقاء النفايات من نوافذ السيارات وترك العلب والأكياس في أماكن الجلوس، إضافة إلى العبث بالممتلكات العامة والحدائق، هذه الممارسات لا تعكس سوى قصور في تقدير أهمية المحافظة على البيئة، والمرافق التي وُجدت لخدمة الجميع، والمفارقة العجيبة أن من يمارس هذه التصرفات يحرص على نظافة منزله الخاص، لكنه يتجاهل أن الشوارع والحدائق هي "منزل" الجميع. ولأن السلوكيات تُورَّث وتُغرس في نفوس الأبناء، فإن استمرار هذه الظواهر يعني تكريس عادات خاطئة للأجيال القادمة، وهنا تبرز ضرورة تكاتف الجهود بين المؤسسات التعليمية والإعلامية ومنابر الجمعة ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب دور الأسرة في التربية والنصح والتقويم. كما أن تفعيل الرقابة وتطبيق العقوبات الرادعة، يسهم في حفظ الممتلكات العامة وحماية المصلحة المشتركة؛ فالعقاب هو رسالة واضحة بأن العبث لا مكان له في مجتمع يطمح إلى الرقي؛ لأن السلوك العام مسؤولية جماعية، وكل فرد شريك في صياغة الصورة الحضارية لوطنه. ما أحوجنا اليوم إلى استشعار هذه المسؤولية قولاً وفعلاً، لنحافظ على بيئتنا ووجه مدننا المشرق، فالوطن يستحق منا الكثير والكثير.