الشباب يهزم الاتحاد بثلاثية على أرضه ويحرمه من المركز الثالث    النصر ينهي تحضيراته لمواجهة الخليج في دوري روشن    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    بكين تحذّر من «تدهور» العلاقات مع واشنطن    المنتخب السعودي يودع كأس آسيا تحت 23 عامًا    انتشال 392 جثة من ثلاث مقابر جماعية    ويستمر الإلهام    د. عبدالله العمري يستنطق «ذاكرة النص» وفضاءات نقد النقد    أمير الشرقية يرعى حفل خريجي جامعة الملك فيصل    جازان.. سلة الفواكه    النفط ينهي سلسلة خسائر أسبوعية مع النمو الاقتصادي واستمرار مخاوف الإمدادات    القيادة تهنئ رئيسة تنزانيا    الذهب يرتفع مع تباطؤ الاقتصاد الأميركي وانتعاش الطلب    تطوير محمية الملك عبدالعزيز تختتم مشاركتها في "حِمى"    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    وزير الثقافة يرفع التهنئة للقيادة بتحقيق رؤية السعودية 2030 عدة مستهدفات قبل أوانها    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    10 أحياء تنضمّ للسجل العقاري بالرياض    ضوابط جديدة و4 تصنيفات لتقييم أضرار المركبة    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    نائب امير منطقة مكة المكرمة يهنئ القيادة الرشيدة نظير ماتحقق من انجازات كبيرة وتحولات نوعية على كافة الاصعدة    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تفكيك السياسة الغربية    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغرير بالشباب في مستنقع الإرهاب.. «يكفي استغفالاً»!
مسؤولية المجتمع أن يتجاوز أخطاءه ويمضي مع أبنائه إلى الأمام بوعي وبلا تردد
نشر في الرياض يوم 27 - 08 - 2014

لا تخلو ساحات الصراع والتناحر والحروب الجارية بين التنظيمات والجماعات الإرهابية في الخارج من طاقات بعض شبابنا المغرر بهم، ممن ذهبوا بأعداد كبيرة وقوداً وضحية لتلك المحارق الجائرة على أفرادها وخصومها، وتحديداً حينما تم التغرير بهم واستقطابهم عبر العديد من الوسائل التي جعلت من الدين عباءة لاستنفار تلك العقول والقلوب الغضة لتنساق وراء تلك الدعوات الجهادية الكاذبة، والتي صوبت بنادقها ومفخخاتها نحو قتل الأبرياء بدعوى الانتقام تارة، وتحت دعوى تصفية الحسابات مع خصوم المذهب والعقيدة تارة أخرى، بينما هي في الواقع تتحرك في هذا الاتجاه تقودها أطراف سياسية خارجية ليس لها أي علاقة بالدين أو المذهب لا من قريب ولا من بعيد، سوى أن الدين في تلك اللعبة السياسية كان مطية للقتل والتخريب وتمزيق تلك البلاد وإضعافها وحشد الجماعات والتنظيمات التي تم بناؤها وتكوينها من أجل تنفيذ تلك المهمة والأهداف القذرة.
لقد استشعر الكثير من أبنائنا الذين نجو من جحيم تلك المحرقة واستجابوا لنداء ولاة أمر هذه البلاد بالعودة إلى وطنهم وأهلهم وذويهم؛ أن تلك الساحات ليست إلاّ مغامرة ومجازفة خاطئة كادوا أن يذهبوا ضحية لها، ولذلك بات من المؤكد على شبابنا الذين تستهدفهم الآن آلة ووسائل الاستقطاب والتغرير أن يدركوا أن الجهاد المشروع ليس في تلك الساحات، وليس في دائرة تلك الأهداف الإجرامية، وأن الغرض من وجودهم هناك لا يعدو أن يكون جزءاً من تلك الذخيرة الرخيصة غير المأسوف عليها، والسؤال الكبير: هل يعي شبابنا هذا الواقع ويلتفون حول قيادتهم وعلمائهم ويفشلون مخططات أعداء الدين والوطن؟.
تشويه الدعوة السلفية
وقال "د.إبراهيم بن أحمد الضبيب" -مدير مركز التأهيل الشامل للذكور ببريدة- إن من أهم أسباب انجراف الشباب تجاه الجماعات الخارجية المشبوهة هو تشويه صورة علماء الدين والدعاة السلفيين، من خلال وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، واهتزاز ثقة الشباب بهم، وهو هدف أساسي لأعداء الإسلام والجهات التي تغرر بالشباب؛ حتى يبحث الشباب عن شخصيات مغمورة يتبنى فكرها المتطرف بذريعة الذود عن الإسلام وأهله.
وأضاف أن عدم وجود جماعات تطوع موجهه لخدمة الوطن والدين تجعل الشباب يلجأ إليها لملئ فراغهم وتفريغ طاقتهم الجسدية والفكرية؛ ليجد الشاب نفسه من خلال هوية موجهه تخدم دينه ووطنه؛ فهناك جماعات تطوعية لخدمة المساجد والمدارس ونظافة البيئة والدفاع المدني..الخ، مع أهمية وجود المنافسة بين تلك الجماعات التطوعية، وإبراز جهودها إعلامياً والثناء عليها في الإعلام والمساجد والمدارس حتى يصل الأمر إلى احتساب نقاط معينة للشباب المتطوع تخدمه وظيفياً ودراسياً وتثري سيرته الذاتية.
وأشار إلى أن هناك قلة في الحواضن الخاصة بالشباب لقضاء وقت فراغهم من نواد داخل الأحياء وساحات وصالات رياضية عامة لإيجاد المنافسات الثقافية التشويقية والرياضية، إضافة إلى عدم تفعيل الإفادة من ملاعب ومسارح وصالات المدن الرياضية بالمناطق، علماً أن معظم دول العالم تستفيد من مرافق المدارس في الفترة المسائية بمنافسات ثقافية ورياضية تحتضن الشباب، ناهيك عن المدن الرياضية، خاصة أن النوادي الرياضية تهتم فقط بالمحترفين بكرة القدم وهمشت جميع الرياضات الأخرى وخاصة الجانب الثقافي.
ضياع البوصلة!
وقال "د.صالح التويجري" -أستاذ العقيدة بجامعة القصيم- إن شعارات الاستقطاب التي تمارس على شبابنا ويدّعيها أقوام في أجواء مضطربة يحف بها التباس الحق بالباطل؛ فإنها أمور يصعب على الناشئة فرز حقائقها، كما أن تضخيم الانتصارات يستهوي بادئ الرأي من الشباب الذين يستعجلون النصر ويتغنون بالأحلام وتقنعهم الشائعات قبل الحقائق، مضيفاً أن احتكار الحق هو مأزق خطير حينما يحتكر فئة من الناس الحق بمنهجهم وبرنامجهم مما يزري للآخرين، وهنا تضيع معالم الطريق وتبرز منابر غير مسؤولة يصعب تحاكمها ومحاكمتها، وهذا هو الذي ضيّع البوصلة أمام شبابنا، مشيراً إلى أن منهج تسفيه الآخرين هو منهج اعتمده من خالفوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكيف بمن خالف العلماء.
وأضاف أن الأخذ بالجانب الأشد هو فخ سقط فيه سلفهم من الخوارج الذين أخذوا من الدين أشده حتى في الأمر المشروع من صوم وصلاة وعبادة وعليه احتقروا من أخذ بالأرفق من الدين، ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه، ولهذا سوف يصطدم هؤلاء مع أنفسهم وواقعهم، والتاريخ شاهد باضمحلال هذه التيارات وعودة بذورها من جديد.
وأشار إلى أن تشويه الإسلام المتزن هو ملاذ يعتذرون به لأنفسهم حينما يشوهون من أخذ جانب الرفق واللين في الدين وتقدير العهود والمواثيق والمعاهدات، وهو المنهج الذي سار عليه الأنبياء والعلماء، موضحاً أن حساب الأمور على وزن الكرامات متكأ يعتمد عليه السرعان وهو إن كان شرعياً إلاّ أن له ظروفه وملابساته وأهله؛ فالكرامة للأولياء والمعجزة للأنبياء، أما الخرافات والأحلام فهي التي زجت بأقوام في فوهة الفتن.
تحصين الشباب
وعن أفضل الطرق لحماية الشباب من وسائل التغرير التي تستهدفهم وتستهدف استقطابهم، أجاب "د.التويجري"، قائلاً:"من المهم كشف الحقائق أمامهم مما يجري على الساحة في نطاق الأحداث الدامية التي ترتكب؛ نتيجة صراعات القتل والذبح العشوائي بين تلك التنظيمات، وإشعارهم بأن مسؤوليتهم الأولى هي حماية وطنهم ومجتمعهم والالتفاف حول قيادتهم"، مؤكداً على ضرورة حماية الرموز من تشويه شبكات التواصل الاجتماعي حتى لا يتم نسف المرجعية الصادقة وإفراغ الساحة للمتصيدين، داعياً إلى ضرورة شغل الفراغ لدى الشباب بالأشياء النافعة والمفيدة من البرامج الجاذبة والمقبولة حتى لا يؤدي الفراغ لديهم إلى المزيد من الحيرة ثم تتلقفهم قوى الاستقطاب، مؤكداً من ناحية أخرى إلى أن الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها، وتوضيح الحقائق أولاّ بأول يؤدي إلى قطع الطريق على المزايدات والمغالطات وعلى من يريد الاصطياد بالماء العكر، إلى جانب رفع سقف النقد والرأي المهذب حتى يستشعر الشباب أهميتهم في مجتمعهم.
جمعيات تطوعية
وقال الأستاذ "خالد بن عبدالعزيز اليحيا" -مستشار قانوني- إن الواجب علينا أن نعمل على تكوين جمعيات مجتمع مدني تطوعية تستطيع أن تشغل أوقات الشباب وتنمي مهاراتهم ومعرفتهم وتشبع ذواتهم، بحيث لا ينغمسون في أفكار متطرفة، مثل جمعيات البيئة وجمعيات الهوايات وجمعيات تطوعية لتنظيم المرور ومثلها في مجال الصحة والخدمات الاجتماعية والخدمات الإنسانية، مؤكداً على أنه يجب من الآن أن نعمل على تسهيل إنشاء مثل هذه الجمعيات التي من الممكن أن تستقطب العدد الكبير من الشباب للقضاء على وقت فراغهم، وتنمية مهاراتهم، وإثراء معرفتهم، وهي تعتبر من الجمعيات الخيرية، مبيناً أنه يجب أن يدرك المجتمع أن العمل التطوعي الاجتماعي هو من أعمال الخير؛ فكل عمل يدخل في خدمة الإنسان وبيئته يعتبر من أعمال الخير التي حثّ عليها ديننا الحنيف، خاصة أعمال الخير المأمونة والتي تجد القبول عند الله سبحانه وتعالى وتجد قبولا اجتماعيا كبيرا وقيمة اجتماعية وإعلاء لقيمة الفرد عند ذاته.
انخفاض تقدير الذات
وأضاف أن أكبر ما يدمّر شبابنا هو انخفاض تقدير الذات لديهم؛ فكلما انخفض تقدير الذات لدى الشاب كلما انزلق في أعمال غلو وتطرف ومحاولة لإظهار الذات بأي وسيلة؛ فلذلك يجب أن يكون موضوع إشراك الشباب بالنهوض بوطننا هو مشروع وطني كبير كل يجود به بما يستطيع، سواءً من رجال الأعمال أو من أصحاب الخبرة أو من الجمعيات والغرف التجارية، وكل مؤسسات المجتمع المدني والدولة، وكذلك فإن على مجلس الشورى مسؤولية كبيرة تجاه مناقشة الشباب وسن الأنظمة التي تسهل وتساعد في انغماس الشباب في نشاطات تطوعية واجتماعية وخدمية، وكذلك خلق فرص واعدة لهم عبر تطوير المعرفة لديهم وإكسابهم ثقة في أنفسهم، مبيناً أنه إذا تضافرت كل مؤسسات الدولة والمجتمع في خلق فرص لتطويرهم وخلق مؤسسات حاضنة وجمعيات حاضنة لهم نكون حققنا أكثر من هدف في آن واحد.
مشاكل الشباب
وألمح "اليحيا" إلى أن من أهم المشاكل الرئيسة التي تواجه شبابنا وتعيقهم عن العمل وكسب السوق هو أن بعض الوزارات والمؤسسات المعنية بالعمل تسن أنظمة من شأنها غلق نوافذ وفرص العمل على الشباب، من خلال التعقيدات والمتطلبات الإجرائية، ومن خلال أيضاً جعل بيئة عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بيئة صعبة جداً تعرض من فيها إلى الخسارة والخروج من السوق؛ لأنها لم تستطع أن تواجه متطلبات وأنظمة تلك الوزارات التي لا تفرّق بين مؤسسة أو شركة كبيرة أو صغيرة أو مزرعة أو مصنع أو أي مجال عمل يصعب فيه توطين الوظائف، وبالتالي خسر الاقتصاد أهم أحد مقوماته وهو اقتصاد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمحصلة أن خروج الشباب من هذه المؤسسات والقطاعات أدى إلى نتائج وخيمة، ومنها ما نراه من تهافت بعض الشباب للانضمام إلى مثل هذه التنظيمات المتطرفة، ومن هنا فإن هذه الإجراءات من قبل هذه الوزارة أدت إلى أن بعض الشباب بدأ يحقد على المجتمع وعلى وطنه؛ لأنه وجد نفسه يعيش في وسط مجتمع غني وثري وهو لا يستطيع تلبية متطلبات حياته مما يجعله يقتنع أن المجتمع وأن المؤسسات المعنية غير عادلة تجاه وتجاه أمثاله من الشباب، وبالتالي أصبح لقمة سائغة بيد مثل هذه التنظيمات، أو أن ينزلق إلى تروج المخدرات والممنوعات في سبيل الحصول على الثراء السريع؛ بسبب أنه تم إغلاق فرص العمل النظامية بوجهه وكأننا دفعناهم بأيدينا إلى الانزلاق في هذه المجاهل المظلمة.
توفير العمل
وقال "خالد اليحيا" إن مسؤوليتنا جماعية لتوفير الفرص لهم وإعادتهم إلى الحظيرة وإعداد ترتيبات جيدة لهم في حياتهم، وإشعارهم أن المستقبل أمامهم ونشعرهم بقيمتهم الذاتية وقيمتهم في مجتمعهم وليس عبر أنظمة وإجراءات تزيد من إحباطهم وابتعادهم عن واقعهم ووضعهم في منافسة شرسة أمام الوافد، وهي منافسة غير عادلة، مشيراً إلى أنه يجب أن نضحي ببعض متطلباتنا من الرفاهية والخدمات في سبيل أن ينغمس أبناؤنا في بيئة العمل التي استحوذ عليها الوافد مثل قطاع التجزئة الذي يحوي مئات الآلاف من الفرص الوظيفية المحروم منها شبابنا، وأن المنافسة إذا خلقت بين شبابنا كفيلة بأن تخرج منه الأكفاء والمبدعين.
وأضاف أن آفاق المستقبل والفرص والتطلعات في بلادنا كثيرة وكبيرة فلا نسدها أمام الشباب بتلك الأنظمة المعقدة ولا نجعلها قضايا محبطة، بل يجب تسهيل هذه الفرص ولا نصعب على شبابنا الحياة والآمال حتى لا يفقدوا ثقتهم بالمجتمع والدولة ثم يحدث ما لا تحمد عقباه؛ لذلك يجب أن نكون يداً واحدة لمساعدتهم في مناشط الحياة وخلق الفرص أمامه وتسهيل الحياة عليهم حتى يعيشوا شبابا صالحين أوفياء لمجتمعهم ووطنهم ودينهم وقيادتهم.
حرية التعبير
وعن دور التنشئة، أوضح "اليحيا"، قائلاً:"من المؤسف أننا لم نترك لأبنائنا هوامش جيدة من بناء القيمة الذاتية وحرية التعبير عن مشاعرهم وآرائهم وقيمة الحوار في حياتهم وأهمية الاختلاف وليس الخلاف، لكننا أنشأنا شبابنا منذ الصغر على حسم الأمور في قضية الحلال والحرام والخطأ والصواب، ومن هنا يجب أن نوضح لهم أن الحياة لها مشارب مختلفة وأن الله خلق الناس بهذه الكيفية لحكمة يعلمها، ويجب أن نتفهم طبيعة الاختلاف بين البشر لا أن ننكرها عليهم".
وأضاف أن المعضلة الحقيقية أننا أنشأنا جيلاً لا يحتمل أن يختلف معه أحد دينياً أو منهجياً أو مذهبياً، بل أنشأنا جيلاً يعتقد أنه يمتلك ناصية الحقيقة والصواب لوحده، وبالتالي يرى أنه هو وحدة المعني بتصحيح أخطاء الآخرين وانحرافاتهم في حين أن الفطرة السوية تأبى ذلك؛ لأن الله خلق الناس بهذا الشكل وأراد أن يكونوا كذلك، ونحن من أقنعناهم بتحويل بعض الأفكار الخاطئة إلى قيم يحملونها ويعتقدون أنها هي الصحيحة وهي الصواب؛ في حين أن كثيراً من الأمور هي مجرد أفكار يتفق ويختلف حولها الآخرون، كذلك خلقنا من خلال بعض الشباب أفكاراً يحاربون من خلالها سلوكيات المجتمع، ويعتقدون أنها قيم عليا يجب أن يصارع من أجلها الآخرين، وهذه إشكالية تحتاج الكثير من الجهد وأخص بذلك الجهد المتعلق بتغيير سلوكيات المجتمع الخاطئة التي لها تأثير على سهولة وانزلاق الشباب نحو الغلو والعنف وسهولة الاستقطاب من تلك الجماعات والمنظمات الإرهابية.
وأشار إلى أن المجتمع والدولة كلما اقتربوا من تحقيق مبادئ عادلة وقيم تسودها الحرية المنضبطة والعدالة والمساواة كلما استطعنا أن نستقطب شبابنا وأن نجعلهم فاعلين ومؤثرين إيجابياً.
لعبة استخباراتية!
وقال "سلطان بن عبدالرحمن العثيم" -محاضر في التنمية البشرية- إن واقع الشباب يحتاج إلى تأمل ووقفه، فترك أهم وأعظم مواردنا البشرية وفلذات أكبدنا في مهب الريح بعيداً استغلال طاقاتهم وتفعيل قواهم واستثمارهم لصالح بناء الوطن والأمة أمر يحتاج إلى حلول، وبرامج وأنشطة تضيف إلى حياتهم بُعداً قيمياً مهماً، وتحسسهم بأهميتهم وتفعل قدراتهم وجعلهم يداً للبناء والتقدم.
وأضاف:"كلنا حزنٌ على شباب تتلقفه بعض الجهات وتحوله إلى برميل متفجر في مواطن الصراع هنا وهناك، وعندما يصل إلى تلك البلدان يكتشف انه لعبة صغيرة في يد أجهزة استخباراتية عالمية، أو جماعات مافيا لها الكثير من المصالح لم تصل إليه إلاّ عبر ركوبها لحصان طروادة وهو رفع الشعارات الدينية والعاطفية والحماسية التي من خلالها يكون استغلال الشباب وتجنيدهم في حروب أثبتت التجارب أن الخاسر الأكبر فيها هم شبابنا، وأنهم حطب لصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وأن اللعبة العالمية والصراعات الإقليمية وأصول العمل السياسي يغيب عن أغلبهم فيتحولون لأدوات فقط تنفذ ولا تفكر وتساق إلى مصير مجهول يكون أكبر المتحسرين عليه أهلهم وذويهم ووطنهم الذي يخسر خيرة شبابه".
وأشار إلى أننا في المقابل كلنا حزنٌ أن نرى شباب على الجانب الآخر دخلوا في دهاليز الإلحاد والشكوك والتيه والبعد عن طريق الله، وهذا يجعلنا نضع مستقبل الشباب ومصيرهم على المحك في قادم الأيام، ونضع الكثير من الحلول لأزمة الشباب التي أراها بكل تجرد أنهم فرصة إذا أُحسن استغلالها، وتم توفير البنية التحية لإقامة الأنشطة والبرامج الترفيهية والاجتماعية والرياضية والعلمية والفكرية والبحثية، واستطاعت جميع الجهات المسؤولة وعلى رأسها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية بمشاركة القطاع الخاص؛ أن تضع الآلية المناسبة لخدمة هذه الشرائح التي تشتكي الفراغ والتهميش والبطالة والفقر وغياب التحفيز والتشجيع والثقة.
مشاكل أسرية
وقال "العثيم" ربما عانى البعض منهم بعض المشاكل الأسرية والاجتماعية والمالية، ولذلك أتمنى أن نرى الجمعيات التي تتخصص في العناية في أكبر شريحة اجتماعية لدينا وهم الشباب ،حيث يمثلون حوالي 65% من المجتمع، ومع هذا لا نجد المؤسسات التي تهتم بهم بالشكل الكافي ولا بقضاياهم ولا استشراف مستقبلهم، وهذا أزمة تحتاج إلى علاج عاجل من جميع شرائح المجتمع في قطاعاته العامة والخاصة مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام، مؤكداً على أن الشباب هم عماد كل أمة، وأن الدور المهم في البيت والمدرسة والمسجد هو الانتقال في التعامل معهم من فكر التعاطي معهم على أنهم عبء إلى أنهم فرصة وتفعيل دور الحوار الراقي في التعامل معهم، والنظر في مطالبهم واستثمارهم كقادة للمستقبل في جميع المجالات.
تشويه الدعوة السلفية
وقال "د.إبراهيم بن أحمد الضبيب" -مدير مركز التأهيل الشامل للذكور ببريدة- إن من أهم أسباب انجراف الشباب تجاه الجماعات الخارجية المشبوهة هو تشويه صورة علماء الدين والدعاة السلفيين، من خلال وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، واهتزاز ثقة الشباب بهم، وهو هدف أساسي لأعداء الإسلام والجهات التي تغرر بالشباب؛ حتى يبحث الشباب عن شخصيات مغمورة يتبنى فكرها المتطرف بذريعة الذود عن الإسلام وأهله.
وأضاف أن عدم وجود جماعات تطوع موجهه لخدمة الوطن والدين تجعل الشباب يلجأ إليها لملئ فراغهم وتفريغ طاقتهم الجسدية والفكرية؛ ليجد الشاب نفسه من خلال هوية موجهه تخدم دينه ووطنه؛ فهناك جماعات تطوعية لخدمة المساجد والمدارس ونظافة البيئة والدفاع المدني..الخ، مع أهمية وجود المنافسة بين تلك الجماعات التطوعية، وإبراز جهودها إعلامياً والثناء عليها في الإعلام والمساجد والمدارس حتى يصل الأمر إلى احتساب نقاط معينة للشباب المتطوع تخدمه وظيفياً ودراسياً وتثري سيرته الذاتية.
وأشار إلى أن هناك قلة في الحواضن الخاصة بالشباب لقضاء وقت فراغهم من نواد داخل الأحياء وساحات وصالات رياضية عامة لإيجاد المنافسات الثقافية التشويقية والرياضية، إضافة إلى عدم تفعيل الإفادة من ملاعب ومسارح وصالات المدن الرياضية بالمناطق، علماً أن معظم دول العالم تستفيد من مرافق المدارس في الفترة المسائية بمنافسات ثقافية ورياضية تحتضن الشباب، ناهيك عن المدن الرياضية، خاصة أن النوادي الرياضية تهتم فقط بالمحترفين بكرة القدم وهمشت جميع الرياضات الأخرى وخاصة الجانب الثقافي.
ضياع البوصلة!
وقال "د.صالح التويجري" -أستاذ العقيدة بجامعة القصيم- إن شعارات الاستقطاب التي تمارس على شبابنا ويدّعيها أقوام في أجواء مضطربة يحف بها التباس الحق بالباطل؛ فإنها أمور يصعب على الناشئة فرز حقائقها، كما أن تضخيم الانتصارات يستهوي بادئ الرأي من الشباب الذين يستعجلون النصر ويتغنون بالأحلام وتقنعهم الشائعات قبل الحقائق، مضيفاً أن احتكار الحق هو مأزق خطير حينما يحتكر فئة من الناس الحق بمنهجهم وبرنامجهم مما يزري للآخرين، وهنا تضيع معالم الطريق وتبرز منابر غير مسؤولة يصعب تحاكمها ومحاكمتها، وهذا هو الذي ضيّع البوصلة أمام شبابنا، مشيراً إلى أن منهج تسفيه الآخرين هو منهج اعتمده من خالفوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكيف بمن خالف العلماء.
وأضاف أن الأخذ بالجانب الأشد هو فخ سقط فيه سلفهم من الخوارج الذين أخذوا من الدين أشده حتى في الأمر المشروع من صوم وصلاة وعبادة وعليه احتقروا من أخذ بالأرفق من الدين، ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه، ولهذا سوف يصطدم هؤلاء مع أنفسهم وواقعهم، والتاريخ شاهد باضمحلال هذه التيارات وعودة بذورها من جديد.
وأشار إلى أن تشويه الإسلام المتزن هو ملاذ يعتذرون به لأنفسهم حينما يشوهون من أخذ جانب الرفق واللين في الدين وتقدير العهود والمواثيق والمعاهدات، وهو المنهج الذي سار عليه الأنبياء والعلماء، موضحاً أن حساب الأمور على وزن الكرامات متكأ يعتمد عليه السرعان وهو إن كان شرعياً إلاّ أن له ظروفه وملابساته وأهله؛ فالكرامة للأولياء والمعجزة للأنبياء، أما الخرافات والأحلام فهي التي زجت بأقوام في فوهة الفتن.
تحصين الشباب
وعن أفضل الطرق لحماية الشباب من وسائل التغرير التي تستهدفهم وتستهدف استقطابهم، أجاب "د.التويجري"، قائلاً:"من المهم كشف الحقائق أمامهم مما يجري على الساحة في نطاق الأحداث الدامية التي ترتكب؛ نتيجة صراعات القتل والذبح العشوائي بين تلك التنظيمات، وإشعارهم بأن مسؤوليتهم الأولى هي حماية وطنهم ومجتمعهم والالتفاف حول قيادتهم"، مؤكداً على ضرورة حماية الرموز من تشويه شبكات التواصل الاجتماعي حتى لا يتم نسف المرجعية الصادقة وإفراغ الساحة للمتصيدين، داعياً إلى ضرورة شغل الفراغ لدى الشباب بالأشياء النافعة والمفيدة من البرامج الجاذبة والمقبولة حتى لا يؤدي الفراغ لديهم إلى المزيد من الحيرة ثم تتلقفهم قوى الاستقطاب، مؤكداً من ناحية أخرى إلى أن الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها، وتوضيح الحقائق أولاّ بأول يؤدي إلى قطع الطريق على المزايدات والمغالطات وعلى من يريد الاصطياد بالماء العكر، إلى جانب رفع سقف النقد والرأي المهذب حتى يستشعر الشباب أهميتهم في مجتمعهم.
جمعيات تطوعية
وقال الأستاذ "خالد بن عبدالعزيز اليحيا" -مستشار قانوني- إن الواجب علينا أن نعمل على تكوين جمعيات مجتمع مدني تطوعية تستطيع أن تشغل أوقات الشباب وتنمي مهاراتهم ومعرفتهم وتشبع ذواتهم، بحيث لا ينغمسون في أفكار متطرفة، مثل جمعيات البيئة وجمعيات الهوايات وجمعيات تطوعية لتنظيم المرور ومثلها في مجال الصحة والخدمات الاجتماعية والخدمات الإنسانية، مؤكداً على أنه يجب من الآن أن نعمل على تسهيل إنشاء مثل هذه الجمعيات التي من الممكن أن تستقطب العدد الكبير من الشباب للقضاء على وقت فراغهم، وتنمية مهاراتهم، وإثراء معرفتهم، وهي تعتبر من الجمعيات الخيرية، مبيناً أنه يجب أن يدرك المجتمع أن العمل التطوعي الاجتماعي هو من أعمال الخير؛ فكل عمل يدخل في خدمة الإنسان وبيئته يعتبر من أعمال الخير التي حثّ عليها ديننا الحنيف، خاصة أعمال الخير المأمونة والتي تجد القبول عند الله سبحانه وتعالى وتجد قبولا اجتماعيا كبيرا وقيمة اجتماعية وإعلاء لقيمة الفرد عند ذاته.
انخفاض تقدير الذات
وأضاف أن أكبر ما يدمّر شبابنا هو انخفاض تقدير الذات لديهم؛ فكلما انخفض تقدير الذات لدى الشاب كلما انزلق في أعمال غلو وتطرف ومحاولة لإظهار الذات بأي وسيلة؛ فلذلك يجب أن يكون موضوع إشراك الشباب بالنهوض بوطننا هو مشروع وطني كبير كل يجود به بما يستطيع، سواءً من رجال الأعمال أو من أصحاب الخبرة أو من الجمعيات والغرف التجارية، وكل مؤسسات المجتمع المدني والدولة، وكذلك فإن على مجلس الشورى مسؤولية كبيرة تجاه مناقشة الشباب وسن الأنظمة التي تسهل وتساعد في انغماس الشباب في نشاطات تطوعية واجتماعية وخدمية، وكذلك خلق فرص واعدة لهم عبر تطوير المعرفة لديهم وإكسابهم ثقة في أنفسهم، مبيناً أنه إذا تضافرت كل مؤسسات الدولة والمجتمع في خلق فرص لتطويرهم وخلق مؤسسات حاضنة وجمعيات حاضنة لهم نكون حققنا أكثر من هدف في آن واحد.
مشاكل الشباب
وألمح "اليحيا" إلى أن من أهم المشاكل الرئيسة التي تواجه شبابنا وتعيقهم عن العمل وكسب السوق هو أن بعض الوزارات والمؤسسات المعنية بالعمل تسن أنظمة من شأنها غلق نوافذ وفرص العمل على الشباب، من خلال التعقيدات والمتطلبات الإجرائية، ومن خلال أيضاً جعل بيئة عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بيئة صعبة جداً تعرض من فيها إلى الخسارة والخروج من السوق؛ لأنها لم تستطع أن تواجه متطلبات وأنظمة تلك الوزارات التي لا تفرّق بين مؤسسة أو شركة كبيرة أو صغيرة أو مزرعة أو مصنع أو أي مجال عمل يصعب فيه توطين الوظائف، وبالتالي خسر الاقتصاد أهم أحد مقوماته وهو اقتصاد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمحصلة أن خروج الشباب من هذه المؤسسات والقطاعات أدى إلى نتائج وخيمة، ومنها ما نراه من تهافت بعض الشباب للانضمام إلى مثل هذه التنظيمات المتطرفة، ومن هنا فإن هذه الإجراءات من قبل هذه الوزارة أدت إلى أن بعض الشباب بدأ يحقد على المجتمع وعلى وطنه؛ لأنه وجد نفسه يعيش في وسط مجتمع غني وثري وهو لا يستطيع تلبية متطلبات حياته مما يجعله يقتنع أن المجتمع وأن المؤسسات المعنية غير عادلة تجاه وتجاه أمثاله من الشباب، وبالتالي أصبح لقمة سائغة بيد مثل هذه التنظيمات، أو أن ينزلق إلى تروج المخدرات والممنوعات في سبيل الحصول على الثراء السريع؛ بسبب أنه تم إغلاق فرص العمل النظامية بوجهه وكأننا دفعناهم بأيدينا إلى الانزلاق في هذه المجاهل المظلمة.
توفير العمل
وقال "خالد اليحيا" إن مسؤوليتنا جماعية لتوفير الفرص لهم وإعادتهم إلى الحظيرة وإعداد ترتيبات جيدة لهم في حياتهم، وإشعارهم أن المستقبل أمامهم ونشعرهم بقيمتهم الذاتية وقيمتهم في مجتمعهم وليس عبر أنظمة وإجراءات تزيد من إحباطهم وابتعادهم عن واقعهم ووضعهم في منافسة شرسة أمام الوافد، وهي منافسة غير عادلة، مشيراً إلى أنه يجب أن نضحي ببعض متطلباتنا من الرفاهية والخدمات في سبيل أن ينغمس أبناؤنا في بيئة العمل التي استحوذ عليها الوافد مثل قطاع التجزئة الذي يحوي مئات الآلاف من الفرص الوظيفية المحروم منها شبابنا، وأن المنافسة إذا خلقت بين شبابنا كفيلة بأن تخرج منه الأكفاء والمبدعين.
وأضاف أن آفاق المستقبل والفرص والتطلعات في بلادنا كثيرة وكبيرة فلا نسدها أمام الشباب بتلك الأنظمة المعقدة ولا نجعلها قضايا محبطة، بل يجب تسهيل هذه الفرص ولا نصعب على شبابنا الحياة والآمال حتى لا يفقدوا ثقتهم بالمجتمع والدولة ثم يحدث ما لا تحمد عقباه؛ لذلك يجب أن نكون يداً واحدة لمساعدتهم في مناشط الحياة وخلق الفرص أمامه وتسهيل الحياة عليهم حتى يعيشوا شبابا صالحين أوفياء لمجتمعهم ووطنهم ودينهم وقيادتهم.
حرية التعبير
وعن دور التنشئة، أوضح "اليحيا"، قائلاً:"من المؤسف أننا لم نترك لأبنائنا هوامش جيدة من بناء القيمة الذاتية وحرية التعبير عن مشاعرهم وآرائهم وقيمة الحوار في حياتهم وأهمية الاختلاف وليس الخلاف، لكننا أنشأنا شبابنا منذ الصغر على حسم الأمور في قضية الحلال والحرام والخطأ والصواب، ومن هنا يجب أن نوضح لهم أن الحياة لها مشارب مختلفة وأن الله خلق الناس بهذه الكيفية لحكمة يعلمها، ويجب أن نتفهم طبيعة الاختلاف بين البشر لا أن ننكرها عليهم".
وأضاف أن المعضلة الحقيقية أننا أنشأنا جيلاً لا يحتمل أن يختلف معه أحد دينياً أو منهجياً أو مذهبياً، بل أنشأنا جيلاً يعتقد أنه يمتلك ناصية الحقيقة والصواب لوحده، وبالتالي يرى أنه هو وحدة المعني بتصحيح أخطاء الآخرين وانحرافاتهم في حين أن الفطرة السوية تأبى ذلك؛ لأن الله خلق الناس بهذا الشكل وأراد أن يكونوا كذلك، ونحن من أقنعناهم بتحويل بعض الأفكار الخاطئة إلى قيم يحملونها ويعتقدون أنها هي الصحيحة وهي الصواب؛ في حين أن كثيراً من الأمور هي مجرد أفكار يتفق ويختلف حولها الآخرون، كذلك خلقنا من خلال بعض الشباب أفكاراً يحاربون من خلالها سلوكيات المجتمع، ويعتقدون أنها قيم عليا يجب أن يصارع من أجلها الآخرين، وهذه إشكالية تحتاج الكثير من الجهد وأخص بذلك الجهد المتعلق بتغيير سلوكيات المجتمع الخاطئة التي لها تأثير على سهولة وانزلاق الشباب نحو الغلو والعنف وسهولة الاستقطاب من تلك الجماعات والمنظمات الإرهابية.
وأشار إلى أن المجتمع والدولة كلما اقتربوا من تحقيق مبادئ عادلة وقيم تسودها الحرية المنضبطة والعدالة والمساواة كلما استطعنا أن نستقطب شبابنا وأن نجعلهم فاعلين ومؤثرين إيجابياً.
لعبة استخباراتية!
وقال "سلطان بن عبدالرحمن العثيم" -محاضر في التنمية البشرية- إن واقع الشباب يحتاج إلى تأمل ووقفه، فترك أهم وأعظم مواردنا البشرية وفلذات أكبدنا في مهب الريح بعيداً استغلال طاقاتهم وتفعيل قواهم واستثمارهم لصالح بناء الوطن والأمة أمر يحتاج إلى حلول، وبرامج وأنشطة تضيف إلى حياتهم بُعداً قيمياً مهماً، وتحسسهم بأهميتهم وتفعل قدراتهم وجعلهم يداً للبناء والتقدم.
وأضاف:"كلنا حزنٌ على شباب تتلقفه بعض الجهات وتحوله إلى برميل متفجر في مواطن الصراع هنا وهناك، وعندما يصل إلى تلك البلدان يكتشف انه لعبة صغيرة في يد أجهزة استخباراتية عالمية، أو جماعات مافيا لها الكثير من المصالح لم تصل إليه إلاّ عبر ركوبها لحصان طروادة وهو رفع الشعارات الدينية والعاطفية والحماسية التي من خلالها يكون استغلال الشباب وتجنيدهم في حروب أثبتت التجارب أن الخاسر الأكبر فيها هم شبابنا، وأنهم حطب لصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وأن اللعبة العالمية والصراعات الإقليمية وأصول العمل السياسي يغيب عن أغلبهم فيتحولون لأدوات فقط تنفذ ولا تفكر وتساق إلى مصير مجهول يكون أكبر المتحسرين عليه أهلهم وذويهم ووطنهم الذي يخسر خيرة شبابه".
وأشار إلى أننا في المقابل كلنا حزنٌ أن نرى شباب على الجانب الآخر دخلوا في دهاليز الإلحاد والشكوك والتيه والبعد عن طريق الله، وهذا يجعلنا نضع مستقبل الشباب ومصيرهم على المحك في قادم الأيام، ونضع الكثير من الحلول لأزمة الشباب التي أراها بكل تجرد أنهم فرصة إذا أُحسن استغلالها، وتم توفير البنية التحية لإقامة الأنشطة والبرامج الترفيهية والاجتماعية والرياضية والعلمية والفكرية والبحثية، واستطاعت جميع الجهات المسؤولة وعلى رأسها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية بمشاركة القطاع الخاص؛ أن تضع الآلية المناسبة لخدمة هذه الشرائح التي تشتكي الفراغ والتهميش والبطالة والفقر وغياب التحفيز والتشجيع والثقة.
مشاكل أسرية
وقال "العثيم" ربما عانى البعض منهم بعض المشاكل الأسرية والاجتماعية والمالية، ولذلك أتمنى أن نرى الجمعيات التي تتخصص في العناية في أكبر شريحة اجتماعية لدينا وهم الشباب ،حيث يمثلون حوالي 65% من المجتمع، ومع هذا لا نجد المؤسسات التي تهتم بهم بالشكل الكافي ولا بقضاياهم ولا استشراف مستقبلهم، وهذا أزمة تحتاج إلى علاج عاجل من جميع شرائح المجتمع في قطاعاته العامة والخاصة مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام، مؤكداً على أن الشباب هم عماد كل أمة، وأن الدور المهم في البيت والمدرسة والمسجد هو الانتقال في التعامل معهم من فكر التعاطي معهم على أنهم عبء إلى أنهم فرصة وتفعيل دور الحوار الراقي في التعامل معهم، والنظر في مطالبهم واستثمارهم كقادة للمستقبل في جميع المجالات.
«توظيف الدين»
لاستثارة وتضليل الناشئة
أوضح الأستاذ "خالد بن عبدالعزيز اليحيا" -مستشار قانوني- أن من أكثر المداخل التي تُمارس لتضليل الشباب والتغرير بهم هو مدخل توظيف الدين، وتحديداً توظيف الآيات في غير موضوعها، وكذلك توظيف الأحاديث النبوية الشريفة؛ لدفع الشباب نحو استعداء المجتمع، واستعداء أهلهم ووطنهم، وهذا من أقوى المحاور الذي يجب أن يكون لعلماء الدين دور في توضيحه، وتوضيح أيضاً أن الإسلام دين سماحة ووسطية وعدالة وإعلاء من قيمة الإنسان، بحيث لا يصبح الإنسان هدفاً لهذه التوجهات والإيديولوجيات التي تمارس القتل والتدمير، ويكون هذا الشاب المندفع والمغرر به وقوداً لهذه الإيديولوجيات والمناهج المنحرفة بدلاً أن يكون وقوداً للحياة والعبادة وعمارة هذا الكون.
وقال إن الشاب لا تنبني توجهاته تجاه هذه المناهج والتوجهات إلاّ عبر المرور بعدة مراحل ومحطات في الحياة، فكثيراً من الشباب يفتقد المعرفة والفكر الوسطي والفكر المتعلق بإعلاء قيمة الإنسان وأهميته بالحياة، مضيفاً أن مرور كثير من الشباب بمرحلة بطالة عن العمل الوظيفي تجعلهم يقعون في مرحلة محاولة إثبات الذات أمام المجتمع، ويعتقدون أن أقصر هذه الأساليب لإثبات الوجود هو الدخول في أي عمل من شأنه أن يبرز ذاته وقيمته أمام المجتمع وأمام الإعلام، وقد يبدأ الموضوع بمجرد كتابة تغريدات أو متابعة بعض التغريدات المتطرفة والمحرّضة التي توظف الدين لمصالح شخصية أو مصالح جماعات، ثم ينتهي به الأمر إلى الاقتناع والقبول بهذه الأفكار، ثم الانضمام إلى مثل تلك الجماعات، وقد تصل إلى نيل منصب مهم عند هذه الجماعات وهو ما يفتقده في مجتمعه.
مفهوم «الوطنية» غير واضح عند الشباب.. والتهميش ليس حلاً!
قال «د.إبراهيم بن أحمد الضبيب» -مدير مركز التأهيل الشامل للذكور ببريدة- إن هناك عدم وضوح لمفهوم الوطنية عند بعض الشباب، وعدم تناول هذا الموضوع على المنابر، وتحديداً علاقة هذا المفهوم بالتديّن، وطاعة ولي الأمر، وخدمة الوطن، مشيراً إلى أن مادة الوطنية -التي توارى ضوئها أخيراً في المدارس- مادة مهمة، ولابد أن تبدأ من المراحل الدراسية الأولى، من خلال إشراك طلاب الابتدائية بتحمل المسؤولية تجاه المدرسة والشارع والمرافق العامة للوطن، مبيناً أن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وغلاء المعيشة جعلتهم يهربون من النار إلى النار، والبحث عن هوية جديدة تشعره بقيمته كمجاهد شجاع، خاصة أن الجهاد لا يحتاج إلى مال أو شهادة أو ثقافة سوى تبني فكر معين، من خلال استدرار العاطفة الدينية لركوب صهوة حب الشهرة، حيث لا يختلف اثنان على أن الجهاد هو سنام الإسلام متى اكتملت شروطه.
وأضاف أن تدني مستوى أدب الحوار والنصيحة والخلاف بين الأب وأفراد أسرته، والمعلم وطالبه؛ جعلت كثير من الشباب المغرر بهم غير قادرين على طرح الأفكار المزدوجة لديهم، إما للخوف من إقصائهم أو التقليل من قدرهم، مؤكداً على أن التنشئة الاجتماعية أمر مهم من خلال بسط روح الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة وعدم إقصائهم والسماع لهم، مع أهمية اصطحاب الأبناء إلى المسجد والمناسبات الاجتماعية وتقصّي أحوالهم وعلاقاتهم الاجتماعية، وعدم نسيان الكيان الأسري، من خلال انشغال راعي الأسرة بالسفر والرحلات والسهر أو المكوث خارج المنزل لفترة طويلة بعيداً عن الأسرة، ولا ننسى مراقبة ومتابعة أجهزة الاتصال التي بين أيدي أبنائنا ومتابعة التغيّرات التي تطرأ عليهم من خلال السلوك أو استخدام بعض المصطلحات البعيدة عن ثقافة المجتمع والتركيز على الرموز التي يتابعونها في شبكات الاتصال الاجتماعي، وليس عيباً استشارة ولي أمر الأسرة بأحد المختصين أو الدعاة الموثوقين تجاه تصرفات ابنة الغريبة وكيفية التعامل معها.
وأشار إلى أن كثيراً من الجامعات تخلّت عن مسؤولياتها البحثية، حيث يعتبر البحث العلمي أصلاً في قيام الجامعات، فلا نجد الجامعات تشارك في مكافحة الإرهاب من خلال دفع الشبهات الموجودة لدى الشباب، يضاف إلى ذلك عدم دعم مراكز الأبحاث على غرار مراكز الأبحاث في الدول الأخرى، وطرح المنافسات البحثية حيال المواضيع الحساسة مثل موضوع الإرهاب والتغرير بشباب الأمة وتعزيز الوطنية، وغيرها، واعتماد المخططين في الدولة عليها.
«التديّن العقلاني»
أفضل لجيل اليوم
دعا الأستاذ "سلطان العثيم" -محاضر في التنمية البشرية- إلى النظر في نموذج التديّن المنتشر بيننا، وتحديداً "التديّن العاطفي الانفعالي"، مشيراً إلى أن البديل هو في تعميق فكرة "التديّن العقلاني" الذي يفكّر بالمصالح والمفاسد، والفرص والتحديات والأعمال والمآلات، وأن لا تكون حياتنا قائمة على ردود أفعال سريعة يغيب عنها الهدوء والتعقل والنظر في مقاصد الشريعة ومصالح البلاد والعباد.
وقال:"أهمس في أذن الشباب الذين يتفاعلون كل يوم مع قضايا يغلب عليها الصراع والجدل في شبكات التواصل الاجتماعي أن يركزوا على بناء حياتهم بقوة وتميّز واستثمار أوقاتهم بكل ما يعود عليهم وأسرهم ووطنهم وأمتهم بالخير والنفع من تقدم علمي، أو عملي أو تجاري أو فكري، أو استغلال موهبة أو طاقة فيما ينفع"، موضحاً أن أمامهم خيارين إما أن تنصرف أوقاتهم للجدل والصراع أو للعمل والتنمية والبناء والنجاح، داعياً كل مسؤول أو شيخ أو مربي أن يعطي هذه الشريحة اهتماماً أكثر، ومساحة أكبر للحوار والتعبير والاحترام والتقدير، وتمكينهم من الحركة والإبداع في فضاء المجتمع بعيداً عن التحطيم أو التصغير أو التحقير أو العنف والاضطهاد.
شبكات التواصل الاجتماعي المتهم الأول بالتغرير بالشباب
د.إبراهيم الضبيب
د.صالح التويجري
خالد اليحيا
سلطان العثيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.