يصعب على الكاتب في الشأن العام، أو الخاص، أن يعود لتكرار ما كتب عن الأحوال الاجتماعية، لكن إلحاح الموضوع يجبره على تكرار هذا الواجب بأمل أن يكون للكلمة صداها عند المواطن والمسؤول معاً.. فعلى سبيل المثال هناك عدم ثقة مستمرة بين التاجر والمواطن، وهذا التفاعل السلبي جاء نتيجة جشع غير مبرر من قبل الأول، مقابل صعود الاحتجاج من الثاني، وبغياب الرقابة الصارمة على صعود وهبوط السلع الأساسية، نجد ما حدث من رفع شركات الألبان أسعارها فجاءت المقاطعة عاصفة بسبب وعي متنام لم يقدره التاجر، وحاولت شركات المياه الأخذ بالنموذج، لكن وسائل التواصل الاجتماعي التي دعت لحشد المواطنين للمقاطعة، أوقفت الإجراء اللاموضوعي.. شركات كبرى تتعامل بمئات البلايين، تعلنها صريحة أنها ضد السعودة حتى على وظائف فنية وإدارية يشغلها من هم أقل كفاءة من المواطن، وتحتار بمن يدعم حمايتها ويسقط عنها العقوبات القانونية، وقد تمادت بشراء مستلزماتها واستيراد أغذيتها من السوق الخارجي رغم العقود الملزمة لذلك.. متسترون على العمالة الخارجية، أصبحوا موظفين عندها عندما يستلمون الآلاف، ويكسب الآخرون العشرات، وقد نشأ في ظل ذلك تحالفات سرية بين الجاليات، ووجدنا من يحتكر أدوات البناء، وقطع الغيار، والسيطرة على المحال التجارية، وأسواق الخضراوات والفاكهة، ومحاربة أي مواطن يريد أخذ حصته من سوق التجارة الصغير، ومع ذلك لم نر قوائم تشهّر أو تفتح التحقيقات بتعريض مدخراتنا للنهب عندما يكون العذر كسل المواطن وعدم التزامه بساعات العمل، وإذا كنا مع هذه الرؤية، فهل يفضل شاب في مقتبل العمرأن يشغل وظيفة حارس أو رجل أمن في لهب الصيف وبزمهرير الشتاء، وبراتب لا يتجاوز الألفين، ويرفض مكسب دكان للملابس، أو الأحذية، أو بقالة صغيرة أن يكسب منها أضعاف ما يحصل عليه من وظيفته؟ يتواجد بيننا، حسب ما يقال من إحصاءات، أن ما بين ثمانية ملايين، أو تسعة ملايين يشغلون معظم الأعمال والوظائف، ويحولون عشرات المليارات لاستنزاف الدخل الوطني، ومع ذلك، لامن يديرون الاستثمار ولا وزارة التجارة، وغيرها من أصحاب المسؤوليات دققوا أمام نتائج هذه القضايا، واعتماد مبدأ ما يسود في كل العالم للعمالة التي دخلت بشكل قانوني، أو من تعمل بدونه من أنظمة وضوابط لا تتعامل مع رفض حق الوافد، لكن تقيده بالتزامات لا تسود فيها الفوضى.. جدلية التوظيف أخذت مساحة هائلة من الحوارات والكتابات في القطاع الخاص، لكن الأمور لا تسير بالاتجاه المنطقي الذي يحمي مصالح الوطن والمواطن، وأكرر أن الكتابة بهذه المواضيع تأتي للاستهلاك المحلي فقط، ويشهد على ذلك كل من جرب وذهبت دعواته صدى بدون صوت..