أمير حائل يستقبل مدير مكافحة المخدرات    263% نموا في قيمة الاكتتابات بالسوق السعودية    تداول يغلق بانخفاض 11 نقطة    4.5 مليارات ريال حجم زراعة الليمون بالمناطق    أمانة المدينة تبحث سبل تطوير الخدمات العقارية    «متنزه الخلب».. لحظات ضبابية وأجواء ماطرة    في تتويج لمسيرته الرياضية "الراجحي" يترقى إلى الحزام الأسود دان 5    سعود بن بندر يلتقي مدير «سجون الشرقية»    «أوقاف» تُعلن انطلاق نسخة نوعية من مبادرة «تيديكس»    مركزي جازان ينجح في تركيب جهاز تحفيز لأعصاب المثانة    استعراض سير عمل المنشآت الصحية أمام أمير تبوك    في الشباك    بنزيما ورونالدو تحدٍ خاص    لبنان وغزة .. تحركات لوقف النار وضغوط داخلية لردع قوات الاحتلال    2000 ريال غرامة قيادة المركبة بدون رخصة    إطلاق الإصدار الجديد من شهادتي الميلاد والوفاة    إصدار مسرحي جديد لأدبي الطائف    ابتعاث الإعلام.. صناعة جيل سعودي يروي قصته للعالم    اجتماع استثنائي في واشنطن لتحديد مستقبل أوكرانيا    150مفقودا بعد فيضانات مدمرة في باكستان    معلم ينقذ حياة طالبة التمريض    وزارة الثقافة تشارك في صوْن التراث بجازان    فالكونز السعودي يتصدر المشهد العالمي    متحدث عراقي: انسحاب التحالف مؤشر على قدرتنا للتصدي للإرهاب    270 حالة وفاة بالكوليرا في دارفور    الأمير سعود بن مشعل يطلع على أبرز إنجازات مطار الملك عبدالعزيز الدولي.    أمير جازان.. رؤية تلامس الواقع وإنسانية تحاكي القلوب    الكشف عن تفاصيل بطولة كأس السوبر السعودي 2025-2026 في هونغ كونغ    أمير نجران يتابع استعدادات العام الدراسي    الشؤون الإسلامية تنفذ أكثر من 2,9 مليون منشط توعوي وإرشادي    مقترحات لمرور العاصمة المقدسة    الرياض تستضيف الطاولة المستديرة السعودية – السورية    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يطلقون "تعلّم بصحة" بالتزامن مع العودة للدراسة    شهر للغة العربية في أذربيجان    تعليم جازان ينظم لقاءً افتراضيًا لمديري ومديرات المدارس استعدادًا للعام الدراسي الجديد    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس سيراليون    جمعية التكافل وشركة نهضة التنمية تبحثان عن سبل التعاون المشترك    جمعية عين تختتم مشروع عمليات اعتلال الشبكية بدعم من "غروس" وشراكة مع مركز بن رشد للعيون    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة استشر طبيبك لمنسوبيها    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    صمم وتم تطويره بأيد سعودية.. الغذاء والدواء: السماح بتسويق جهاز لتعزيز كفاءة الجراحة    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    صابرين شريرة في «المفتاح»    لا تنتظرالوظيفة.. اصنع مستقبلك    شخصية كرتونية تحول مزارع فاشل إلى بطل    الجيش يؤكد عدم اخترق أجواء سوريا.. وعون: لا تدخل في شؤون لبنان    الشرع: وحدة سوريا فوق كل اعتبار    تربية غريبة وبعيدة عن الدين!!    «رونالدو وبنزيمة» يسرقان قلوب جماهير هونغ كونغ    سرقة مليوني دولار من الألماس في وضح النهار    ب 16 ميدالية في بطولتي أستراليا وكازاخستان.. أخضر التايكوندو يتألق عالمياً    أمر ملكي: إعفاء طلال العتيبي مساعد وزير الدفاع من منصبه    «الحياة الفطرية» يطلق أكبر رحلة استكشاف للنظم البيئية البرية    زرع الاتكالية    الأمير تركي الفيصل ورسائل المملكة في زمن الاضطراب الإقليمي    تجمع مكة الصحي يخصص عيادة لعلاج مرضى الخرف    بتوجيه من وزير الشؤون الإسلامية.. خطبة الجمعة القادمة عن قيمة العلم ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة    نائب أمير منطقة جازان يقدّم التعازي لأسرة معافا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث والمؤانسة
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 12 - 11 - 2010

كان الناس فيما مضى أقرب إلى الفطرة، يجلسون إلى بعضهم يتحدثون عن همومهم وشجونهم بتلقائية فطرية.. كانوا يلتقون في المساجد وفي ساحات الأحياء وعند بوابات القرى، وفي المشاريق، وعند الباعة في الأسواق.. ثم دخل الناس في أزمة المعاصرة والتعقيد الحضاري الذي جلب التكلف والتباعد حتى أصبح الفرد عالماً وحده، له (كونه) الشخصي وقوانينه الفردية والتي سحبته وجذبته من عالم الجماعة وإن كان بينها حتى أصبح مثل الكوكب له مداره الخاص، وإن حسب في النجوم.. وهذه العزلة هي التي تخنقه وتخلق له الأزمات، وتدفعه إلى الفردية والأنانية وإخراجه عن طبعه البشري الجمعي.
ولا شفاء من ذلك إلا عودة الإنسان إلى الإنسان، إلى بيئته الإنسانية.. إلى وعيه الإنساني.. إلى الامتزاج والاختلاط بالناس جسداً وروحاً.. إلى الحوار بتكثيف لغة الحديث والتواصل الشفهي فالأحاديث بين الإخوان والأصحاب والأصدقاء، ومؤانستهم من أجمل متع الدنيا وعلى الأخص إذا كانت أحاديث عذبة ماتعة طلية، خالية من الغش والمصانعة بعيدة عن التكلف والمجاملة وإنما هي أحاديث البساطة والصدق والنقاء، تلك الأحاديث التي يتحرر فيها الإنسان من عبودية التحفظ فينطلق على سجيته في كل شأن يجلب إلى نفسه المتعة، ويذهب عنها الكدر والكآبة..
إن الأحاديث بين الأصدقاء الخلّص هي «وصفات طبية» تداوي النفس، وتشفي الصدر وتصفي الذهن وتريح الأعصاب، فالحياة اليومية الضاغطة المليئة بالقيود والانضباط والتحرج والقوانين والأنظمة الصارمة تدخل المرء في شبكة من «الروتين» والتعاملات الصارمة.
بينما هو محتاج إلى أن يطلق نفسه على سجيتها كما يطلق الطائر المسجون إلى الفضاء الرحبب فيحرك جناحيه في حرية وانطلاق.. إنها رياضة الروح، ومتعة القلب.
يروى عن عبدالملك بن مروان أنه سئل عن أطيب العيش.. فقال: «جربت متع الدنيا، وقضيت الوطر من ملذاتها وما أنا اليوم إلى شيء أحوج مني إلى جليس يضع عني مؤونة التحفظ، ويحدثني بما لا يمجه السمع ويطرب إليه القلب».
ويروى عن الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز أنه قال: «والله إني لأشتري المحادثة من عبيدالله بن عبدالله بن عقبة بن مسعود. فقيل يا أمير المؤمنين.. أتقول هذا مع تحرّيك وشدة تحفظك ونزاهتك..؟ قال: أين يذهب بكم؟ والله إني لأعود بذلك على بيت مال المسلمين بألوف الدنانير.. إن في ذلك تلقيحاً للعقل، وترويحاً للقلب، وتسرية للهمّ وتنقيحاً للأدب..!! فذاك حديث خليفة متنعم مترف.. وهذا حديث خليفة زاهد أجمعا على أن ألذ ملذات الدنيا هو الحديث إلى الصحاب.
بل نرى ما هو أعظم فيروى عن الخليفة المأمون أنه كان يستمع إلى المغني «علويه» من قصيدة لأبي العتاهية فلما وصل إلى قوله:
وإني لمشتاق إلى قرب صاحبٍ
يروق ويصفو إن قسوت عليه
صفق بيديه وقال الله الله.. «يا علويه» خذ الخلافة وأعطني هذا الصاحب!!
طبعاً هو لن يعطيه الخلافة من أجل صاحب.. ولكن تخيلوا إلى أي مدى يكون الناس بمن فيهم الملوك والخلفاء يحنون إلى الحديث مع الأصدقاء والخلّص المؤنسين والذين في الحديث معهم متعة للعقل، والروح، والقلب.. وإلى هذا ذهب الشاعر ابن الرومي الذي سئم مآرب الحياة حتى أصبح طيّبها خبيثاً إلا من شيء واحد هو الذي بقي على حلاوته وطلاوته، وروعته. وهو الحديث مع الصحاب.
يقول:
ولقد سئمت مآربي
فكأن أطيبها خبيثُ
إلا الحديث فإنه
مثل اسمه أبداً حديث
فيا أحبتي حافظوا على أصدقائكم الأوفياء والرائعين وتحملوا الزلل إن حدث منهم فلا أحد بريء من هفوة، أو زلة.. فلا كمال إلا لله.. فالأصدقاء الخلّص هم الكنز بل هم رأس المال الذي يجعل الحياة أكثر أملاً وروعة وجمالاً..
وكل عام وأنتم وأصدقاؤكم بألف خير، وألف سعادة وهناء...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.