كأن ظلمة قد خيمت عليك فلا ترى شيئاً حين ذلك تجيش مشاعرك. وقلبك لأحلى الذكريات التي قد مرت بك وعليك، حينما تعزي نفسك بمن فقدت.. أتخيلها وأعيش معها قليلاً من الماضي حين ذلك نتمنى أن يعيد شريط الزمن نفسه وذلك لتقبل الأرض التي كانت تمشي عليها والمكان الذي تجلس فيه لكن قضاء الله وقدره سبق ذلك. فلا أملك إلا أن أقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجبرني في مصيبتي واخلف عليّ خيراً منها وآمنت بقضاء الله فقد ربت رجالاً عظماء منهم الشيخ ومنهم الأستاذ ومنهم المعلم. ربما تكون بسيطة تلك المهمة في نظر البعض لكنها رحلة عمر انقضت بحلوها ومرها بكل لحظات الفرح والحزن مرت فيها بتجارب كفاح ونجاح وصبر وألم.. وأمل فنحن في أمس الحاجة إلى هذه الأم الحنون والجدة الوفية لنقتدي بها ونأخذ ما يعيننا على تجاوز مصاعب الحياة وتحدياتها، وتهون علينا هموم المستقبل الغامض الذي لا نعلم ما يحمل لنا في طياته.. حين ذلك نتأمل رحلة الحياة الصعبة التي مرت بها ونتعجب من صبرها. وإخلاصها ووفائها لمن حولها.. نرى الآن آباء وأمهات لا يعرفون القراءة ولا الكتابة ولا يحملون شهادات عالية. لكن حملوا أعظم وسام في هذه الحياة وهي تربية جيل صالح قوي البنية فهم أفضل بكثير من آباء وأمهات متعلمون ويتفاخرون بما يحملون من شهادات عليا. أسطر هذه الوقائع حينما فوجئت وفوجعت بخبر وفاة أم حنون وجدة غالية هي والدة زوجي (هياء الجلعود) رحمها الله وأسكنها فسيح جناته حين ذلك انهمرت الدموع وحزن القلب لفراقها ولست أبالغ في ذلك فأنا أذكرها كنموذج لكثير من الأمهات اللاتي يستحقون منا الكثر والكثير لأنهم أعطوا لنا الكثير والكثير من أعمارهم وأموالهم وجدهم فهم كالشمعة التي تحترق لتضيء الطريق للآخرين. رحمها الله من أم عظيمة، وإنسانة بسيطة متواضعة جداً شهدا لها بطيبتها كل من حولها وعرفها فكم أعطت من دون مقابل وكم مسحت دمعة يتيم وساعدت الأرامل والمحتاجين فكان ما يأتيها من مال لا تحتفظ به بل تصرفه في أعمال الخير، لم أسمع منها طيلة أربعة عشر عاماً عرفتها فيها بغيبة أحد أو نميمة مسلم أو مسلمة أو جرح مشاعر الآخرين فهذه الصفات والمعاني السامية ليست شهادتي أنا ولكن سمعتها من الجميع أثناء العزاء. كان لها الفضل الكبير على من حولها وعلى أقاربها كانت دائماً تشكر من حولها وتدعو للجميع وخاصة أبنائها الثلاثة الذين يعيشون من حولها وخاصة أصغرهم الأستاذ عبدالمحسن الذي لا يألو جهداً في برها فهو دائماً ملازم لها وخاصة في مراجعاتها للمواعيد ومتابعة حالة من سكر وغيره اسأل الله ألا يحرمه الأجر وجميع اخوته وان يرزقهم بر أبنائهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة إنه على ذلك قادر. وعزائي لكل من يحب هذه الأم وهذه الجدة أن يجمعنا بها في مستقر رحمته وفي دار كرامته في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقا اللهم حرمها عن النار. اللهم آمين.