عندما يجتمع وزراء الداخلية العرب اليوم وغداً في بيروت.. ** فإن الشعوب العربية تتطلع إليهم..وتتابع جهودهم المضنية..للحد من الأخطار المحدقة بها.. ** وهي ولا شك أخطار جسيمة.. ** بعض هذه الأخطار محلي بحت.. ** والبعض الآخر خارجي.. ** والبعض الثالث مستورد.. ** والبعض الرابع عالمي الصبغة.. ** ومن أبرز الأخطار التي تهدد مجتمعاتنا من الداخل..تنامي البطالة بكل ما توفره من أرضية ملائمة للانحراف..وراء مختلف أشكال الجريمة..كالسرقة..وتعاطي المخدرات..وتفشي الرذيلة بأنواعها المختلفة.. ** وكذلك ما يؤدي إليه انتشار ظاهرة الفساد بكل تبعاتها..من رشوة.وتحايل..واستغلال للمسؤولية..وإهدار للمال العام..وغياب للعدالة الاجتماعية.. ** غير أن ظاهرة التشدد والتطرف تكاد تشكل النوع الأخطر من الجريمة المقضة لمضاجعنا.. ** أما بالنسبة للتهديدات الخارجية فإنها كثيرة..لكن أبرزها في الوقت الراهن هو: أطماع القوى الإقليمية والدولية في منطقتنا..ومحاولاتها المستمرة لاختراق أوطاننا..وتحويل دولنا وشعوبنا إلى "محميات" تدور في فلكها..وتأتمر بأوامرها..وتنفذ مطالبها..مهما تعارضت مع مصالحنا..واستقلال بلداننا.. ** أما الأخطار المستوردة..فهي التي جاءت نتيجة لبعض التحالفات بين قوى وأطراف محلية وقوى وأطراف دولية أو إقليمية..بسبب توافق مصالحهما..مما شكل جيوباً خطيرة داخل دولنا..فكان ذلك سبباً في استمرار حالة التوتر والصدام بينها وبين السلطة..أو بينها وبين فئات المجتمع الأخرى.. ** لكن الأخطار الأحدث..والأكثر هولاً في الوقت الراهن..هي ما تنذر به الأزمة الاقتصادية العالمية المتفاقمة..من انهيارات شديدة الوطأة ستطال المؤسسات المالية والتجارية وحتى الاجتماعية والثقافية والإنسانية ، بفعل الزلزال المدمر الذي لن تنجو منه أي دولة.. ** ولاشك أن هذا الزلزال..بكل توابعه..سيخلف الكثير من الضحايا..وسوف يؤدي إلى عجز كامل للأنظمة الاقتصادية..وقد يقود في النهاية إلى ولادة نظام اقتصادي جديد..ولكن فوق ركامٍ من المآسي المدمرة أيضاً.. ** هذه الوقائع والأحداث المتوقعة..تجعل مؤتمراً كهذا..يعقد في وقت كهذا..محل اهتمام شعوب الأمة العربية..غنيها وفقيرها..كبيرها وصغيرها..شقيها وسعيدها..لسبب بسيط هو أن الأرض تتحرك بقوة من تحت الأقدام..وأن المجتمعات تعيش حالة انتظار ثقيلة للحظة السقوط.. ** ولذلك فإن المجتمع ينتظر من اجتماع بهذه الأهمية أن يفتح لنا أبواب الأمل من جديد..وأن يساهم في تأمين سلامة مجتمعاتنا..وفي التخفيف من حدة الكارثة بقدر الإمكان.. ** غير أن السؤال هو: ** هل يمكن لوزراء بهذا الحجم من المسؤولية..أن يحققوا ما نتطلع إليه دون أن يستندوا إلى شعوب متعاونة..ومتجاوبة..تتحمل –هي الأخرى- مسؤولية الدفاع عن الأوطان..وتنظيفها من الكثير من الأعراض السرطانية الخبيثة..وأن تضع أيديهم على مفاصل الجريمة..ومصادر الخلل..والتخريب؟! ** أسأل وأنا أدرك أن الكثير من الأخطار التي تهدد مجتمعاتنا هي بفعل ممارساتنا الخاطئة..وبسبب سلبياتنا المتناهية..وبدواعي مقاومتنا للتغيير إلى الأفضل في بعض الأحيان.. ** فكيف أذاً نتوقع من الأجهزة المعنية أن تجنبنا أخطاراً نحن سبب فيها..أو شركاء في حدوثها..أو أطراف في جلبها إلى أوطاننا؟ ضمير مستتر: ( الأوطان النظيفة من الداخل..لا خوف عليها.. ).