القراءة تعتبر غذاء العقل وفهم المعرفة، هكذا نعتها القدماء، و"اقرأ" أصبحت الكلمة الأولى التي نزلت على نبينا الأمين محمد عليه الصلاة والسلام، ليُظهر لنا الله -سبحانه وتعالى- بها عن قيمة القراءة ويحضنا عليها، إذ تجسد هذه الكلمة بحروفها الأربعة دعامة رئيسية لرقي الشعوب والمجتمعات، ومن خلالها تتجانس الثقافات، ومن دونها يتعذر للمجتمعات الاستمرار في بناء حضارتها. في القراءة رشاد ونور، وثمرة للبشرية، وزيادة للوعي العقلي والإدراك وبلوغ للوعي، فهي تعيننا على تأكيد شخصياتنا واتساع دائرة تواصلاتنا الفكرية والمجتمعية، ونغنم بها القدرة على تفسير الأفكار وتنشيط مهاراتنا، وتعلي من مهاراتنا اللغوية، وتمنحنا البراعة في تقويم ألسنتنا وتدعيم ذاكرتنا لنستطيع تأسيس مجتمع واقتصاد متكئ على المعرفة والابتكار. وها هو مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي يحتفي بالقراءة في النسخة العاشرة من مسابقة اقرأ، وهي إحدى مخرجات مكتبة إثراء، ليشجعنا فيها على هذه العادة الرائعة، ويحثنا على جعل الكتاب خير جليس. إقامة هذه المسابقة، التي اختتمت مؤخراً، نبع من إيمان مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بأهمية القراءة وفاعليتها الإيجابية التي تحدثها في المجتمع، وإدراكاً لمدى مساهمتها في إعداد أجيال متعلمة ومثقفة، في حوزتها القدرة على المشاركة في مسيرة التنمية، وإيماناً منها بقدرة القراءة على الصعود بالمستوى المعرفي والثقافي، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى العربي، إلى جانب تنوير وتقوية ممكنات البيئة الثقافية والمعرفية في المملكة، ما يؤثر في تشجيع أبناء المجتمع على الابتكار والإبداع ودعم اقتصاد المعرفة الذي تعمل المملكة بكل ما أوتيت من قوة على تثبيت أسسه. اهتمام المملكة بالقراءة، لم يكن فحسب مجرد شعار، وإنما بات واقعاً مشاهداً عبر المبادرات التي أطلقتها قيادتنا الرشيدة، ضمن استراتيجية هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة، التي أسهمت في خدمة تعزيز العادات القرائية والتحول إلى مجتمع قارئ، وقد رأينا في الأعوام المنصرمة، ما أحدثته بيوت الثقافة، والحركة النشطة في تداول أوعية المعلومات والاستعارة، وهي مؤشرات -من دون أدنى شك- تعكس توجهاً إيجابياً وواعداً نحو تعزيز ثقافة القراءة في المجتمع السعودي.