التاريخ هو دراسة الماضي، وتدوين الأحداث والوقائع بما في ذلك التدوين بالرواية من الثقات وهذا ما سار عليه المؤرخ فهيد بن عبدالله بن تركي السبيعي حول انسياح القبائل العامرية بعالية نجد الجنوبية. لأن قراءة التاريخ من باحث ثقة عارف للديار ومنازل الفرسان ومساكن القبائل هو الأساس في معرفة المواقف والبطولات التي تهدف إلى حفظ وتسجيل ونشر المعلومات التاريخية للأجيال الحالية والمستقبلية. "الحاوي بين المصدر والراوي" عنوان بارز عن أصول المثالية والقيم السامية، واشتمل على مدائح وشعر وقصص مجد وجوار وكرم ومواقف، ولا شك أن الكتابة عن فرسان بني عامر هو نوع من التعريف بأسلافه والولاء لأمته ووطنه. هذا الكتاب التاريخي يشتمل على ثقافة المؤرخ ودوره في التوثيق وفي الحفاظ على ذاكرة الأمم والشعوب، وفهم هويتها عبر السنين. ومؤرخنا هنا عارف بديار قومه وقبيلته في نجد فحددها ووصف معالمها وأبطالها وبالرغم من أنهم أهل التاريخ وأهل الأمجاد إلا أنها دراسة موثقة من كاتب أجاد في عرض ذلك عبر عناوين هذا الكتاب التاريخي. وجاء في مقدمة الكتاب: هذا الكتاب يكمل ما سبق نشره عن قبيلة (بني عامر) التي قال عنها علامة الجزيرة حمد الجاسر رحمه الله في ذكر اتساع رقعتها وتعدد فروعها وقوة بأسها بين القبائل: "هذه القبيلة التي كانت لها تلك الصفة من حيث الكثرة وتعدد الفروع وسعت البلاد، وكانت لها السيطرة في جنوب بلاد نجد في العهد الجاهلي وصدر الإسلام، بحيث كانت تتصدّى لمصاولة من يليها من القبائل، وكثيراً ما انتصرت عليهم في مواقع مشهورة مذكورة في أيام العرب إلى قوله: ثم أوشكت تلك القبيلة الآن أن تكون غير معروفه باسمها القديم؛ إذ لا تجد من ينتسب إليها في عهدنا الحاضر سواء قبيلة سبيع التي لا تزال باقية في أعلى بلادها الغربية في رنية والخرمة وما حولها من منازل قبيلتها في العهود القديمة، أما الفروع الأخرى فقد انضمت إلى قبائل أخرى. قال: "ولا شك أن فروعا كثيرة من بني عامر انضموا إلى قبيلة الدواسر في العهود الأخيرة هذه القبيلة التي سيطرت على كثير من بلاد بني عامر كما أن فروع أخرى دخلت في مسمى قبيلة عتيبة المنتشرة الآن في بلاد بني كلاب وبني نمير وبني هلال في عالية نجد كلها" ويقول: ونجد أن جميع قادة بني عامر في الجاهلية والإسلام كانوا من الفرسان الشعراء ويسيطر على شعرهم جميعا الأنفة والكبرياء والاعتداد بالذات، وكان ذلك واضحاً عند خالد بن جعفر وعامر بن الطفيل بينما قلَّ عند الأحوص بن جعفر وعروة الرَّحال بن عتبة وملاعب الأسنة أبو براء عامر بن مالك بن جعفر، ويعتقد أن الاعتداد بالذات عند خالد بن جعفر وعامر بن الطفيل يعود إلى عامل السن، فكلاهما ساد القبيلة شاباً يافعاً، ومن أعظم وقائعهم العظام وقعة "فيف الريح" وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة. ثم كتب المؤلف عن بني نمير بن عامر، وبنو هلال بن عامر بن صعصعة من منازلهم منذ العهد الجاهلي وصدر الإسلام: الطائف وما حوله حيث تسكن قبيلتهم الأم عامر بن صعصعة إذ تفيد المصادر الموثوقة أن أرض الطائف قديما كانت لعدوان بن عمرو من قيس عيلان من مضر. وعدد المؤلف امتداد بلاد بني هلال وهجرتهم وأيامهم مثل يوم الفجار وشمظة ونخلة والوتدة وذكر قبيلة هوازن، ثم توسع في ذكر سليم وعامر وسبيع في الجاهلية والإسلام. والحاوي؛ حكاية الفروسية وسيرة ومسيرة للأبطال وحديث الشجاعة، ورواية الشجعان. سرد مآثرهم ومواقفهم ليكون شاهداً على تاريخهم وبطولاتهم وولائهم الوطني الصادق، ومواقفهم. وفي النهاية أبدع مؤرخنا في محتوى هذا الكتاب وسجل تاريخ قبيلته، وعزز اللحمة الوطنية عبر صفحاته. من عناوين المؤلف كعب ربيعة وفروعهم، وسكان الأفلاج قديماً ووادي الرين (الرين)، ثم الفروع العقيلية العامرية، والسادات من بني كلاب، وسبيع وعلاقتها بالدولة السعودية، ووقعة تربة ومراغان ويوم بجيلة والصاقب والدخول وحومل، ولقاءات مع المعمرين، كما تخلل أبواب الكتاب زيارات لعلياء وادي رنية، وبرك الغماد ومسلية، وذكر قبيلة سبيع وبطونها وفروعها، وغيرها من الموضوعات التاريخية وتوثيق ذلك بالمراجع والشعر المكاني، وروايات الثقات. * كاتب وباحث سعودي