شهد شهر نوفمبر المنصرم حراكًا ثقافيًا واسعًا في مختلف مناطق المملكة، عكس تنوّع القطاعات الثقافية واتساع حضورها المحلي والدولي. وقد جاءت فعاليات الشهر متجانسة في أهدافها، مترابطة في رسالتها، ومتكاملة في أثرها، بما يؤكد استمرار البناء الثقافي الذي تقوده وزارة الثقافة وهيئاتها. بدأت أجندة الشهر بإقامة الحفل الختامي لمسابقة المهارات الثقافية في نسختها الثالثة، التي تهدف إلى اكتشاف المواهب الوطنية ورعايتها ضمن مسارات تعليمية وفنية منظمة. وامتدت مبادرات الوزارة لتشمل الفئات العمرية الأصغر، من خلال إقامة مهرجان «أطفال الثقافة» في نسخته الرابعة بمدينة الرياض، الذي يفتح للأطفال آفاق التعبير الفني المبكر ويسهم في صقل مواهبهم. على الصعيد الدولي، شارك سمو وزير الثقافة في الدورة 43 للمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في جمهورية أوزبكستان، وهو حضور يعكس متانة علاقات المملكة الثقافية ورغبتها في المشاركة الفاعلة ضمن المنظمات الدولية المعنية بالثقافة والتعليم والفنون. شهدت الرياض إطلاق منتدى ساموكا «التركيز على الصورة»، الذي يعالج موضوع الصورة في الفنون الحديثة بوصفها وسيطًا بصريًا رئيسًا في التعبير المعاصر. كما تم تدشين أكاديمية آفاق للفنون والثقافة، التي تُعد أحد أبرز المشاريع الأكاديمية النوعية في المملكة، وتهدف إلى توفير مسارات تعليمية متخصصة في مختلف مجالات الفن. استمرت فعاليات عام الحرف اليدوية 2025 في نوفمبر بوتيرة متصاعدة، حيث نُظم حفل تكريم شركاء «عام الحرف اليدوية 2025»، كما أقيم المنتدى الدولي للحرف اليدوية بمشاركة واسعة من الجهات والمعنيين بالتراث الحرفي. وتزامن ذلك مع تنظيم الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية «بنان» الذي أبرز ثراء الحرف السعودية وتنوعها الإقليمي. ضمن جهود الوزارة لتعزيز البنية التحتية للصناعة السينمائية، شهدت الرياض افتتاح إستوديوهات جاكس السينمائية المخصصة لإنتاج الأفلام، في خطوة تدعم صناع المحتوى السينمائي وتوفر بيئة إنتاج احترافية. وعلى المستوى البحثي، استضافت الرياض مؤتمر النقد السينمائي الدولي 2025، الذي يجمع الباحثين والنقاد لدراسة الاتجاهات الحديثة في النقد السينمائي. تواصل الحراك الموسيقي بإقامة حفل «روائع الأوركسترا السعودية» في الرياض، الذي قدم نماذج موسيقية تعكس تطور مهارات العزف وأهمية الاستثمار في المواهب الوطنية ضمن قطاع الموسيقى. في سياق تطوير المعرفة المرتبطة بالتراث الوطني، أطلقت الوزارة برنامج تطوير مناهج التراث الثقافي بالتعاون مع الجهات الأكاديمية، بهدف إدماج التراث السعودي في المناهج التعليمية. كما سلطت الصورة الضوء على جهود برنامج موقع تيماء الأثري، الذي يواصل أعماله ضمن منظومة المشاريع البحثية لهيئة التراث. شهد الشهر انطلاق مهرجان الوليمة للطعام السعودي في نسخته الخامسة، إضافة إلى إطلاق مسابقة «نخبة الطهاة السعوديين»، وهما مبادرتان تهدفان إلى إبراز الهوية الوطنية للمطبخ السعودي وتمكين الطهاة المحليين من تقديم تجارب متقدمة في فنون الطهي. اختتمت أجندة نوفمبر بإطلاق ملتقى الترجمة الدولي 2025، الذي يناقش قضايا الترجمة ويعزز تبادل الخبرات بين المترجمين. كما شهد الشهر إطلاق «تصميم يتشكل: سالوني ديل موبيلي.ميلانو» لأول مرة في الرياض، في إشارة إلى توسع حضور المملكة ضمن مسارات التصميم الإبداعي. وعلى المستوى الإقليمي، شاركت المملكة في معارض الكتاب في الشارقة والكويت دعمًا للتبادل الأدبي والثقافي. يوضح تسلسل هذه الفعاليات أن شهر نوفمبر مثّل مرحلة متقدمة في توحيد الجهود الثقافية تحت مظلة رؤية وطنية شاملة، حيث اجتمعت الفنون والسينما والترجمة والتراث والمواهب في مسار واحد يعزز النمو الثقافي المستدام. ويؤكد هذا الحراك اتساع نطاق العمل الثقافي في المملكة، وتكامل مؤسساته، وقدرته على الارتقاء بالمشهد المحلي وتعزيز حضوره العالمي. مشاركة وزير الثقافة في الدورة 43 للمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو