"لا أريد أن أستبد بالرأي دونكم، وإنما أريد مشورتكم في كل الأمور" بهذه الكلمات الحكيمة، أراد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - أن يضع مبدأ الشورى حجر الزاوية في بناء الدولة السعودية الحديثة، معبراً عن إيمانه العميق بأن مشاركة أهل الرأي والخبرة هي الطريق إلى بناء وطن قوي ومستقر. وفي العام 1344ه (1926م)، كانت المملكة العربية السعودية على موعد مع تأسيس أول مجلس شورى، ليكون منبراً للنصح والمشورة، ومؤسسة تستمد قراراتها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتواكب تطلعات الوطن نحو التنمية والرقي. طوال قرن من الزمان، ظل مجلس الشورى شاهداً على تطور المملكة وازدهارها، ومشاركاً فاعلاً في مسيرتها نحو بناء نموذج دولة حديثة، تستند إلى القيم الأصيلة، وتواكب العصر بكل ثقة وعزيمة. من مجلس ناشئ إلى صرح مؤسسي بدأ المجلس بتشكيل محدود من الأعضاء المتميزين من العلماء والقضاة ووجهاء المجتمع، لكنه تطور عبر العقود ليواكب متطلبات الدولة الحديثة. وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - صدر نظام مجلس الشورى الجديد عام 1412ه (1992م)، الذي وضع إطاراً مؤسسياً حديثاً لعمل المجلس، محدداً صلاحياته وآليات عمله. وجاء عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - ليشهد نقلة نوعية بإدخال المرأة إلى عضوية المجلس عام 1434ه (2013م)، مما عزز شمولية التمثيل الوطني ووسّع نطاق المشاركة المجتمعية في صناعة القرار. دور قيادي في دعم الرؤية وصنع القرار اليوم، يمارس مجلس الشورى دوره كشريك فاعل في التنمية الوطنية، من خلال مراجعة الأنظمة والتشريعات، وإبداء الرأي في السياسات العامة، ومناقشة الخطط الاقتصادية والاجتماعية، بما يتناغم مع تطلعات القيادة الرشيدة وطموحات المواطنين. كما يعمل المجلس على دعم مستهدفات رؤية المملكة 2030 بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، عبر تقديم التوصيات والمبادرات التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة المملكة إقليمياً وعالمياً. استعداد للآفاق المقبلة مع دخوله المئوية الثانية، يتطلع مجلس الشورى إلى تعزيز دوره كمؤسسة تشريعية وطنية فاعلة، تسهم في تطوير التشريعات، وترسيخ ثقافة الشفافية والمساءلة، ودعم مسيرة التحول الوطني، والمشاركة في رسم ملامح المستقبل وفق أعلى المعايير. لقد رسخ مجلس الشورى، على مدار قرن من الزمان، تقاليد الشورى الراشدة التي أرساها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -، وتابعها أبناؤه الملوك بحكمة وبُعد نظر، واضعين مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار. وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -: "نحن ماضون بعون الله في منهجنا الثابت، لا نحيد عنه، القائم على كتاب الله وسنة نبيه، وعلى الشورى، والمشاركة، والعدالة." وفي مسيرة الشورى والتنمية، تظل المملكة سائرة بثقة نحو المستقبل، مؤمنة بأن الشورى ليست مجرد نظام، بل نهج حياة يعزز الوحدة ويقود إلى الرقي والازدهار وهكذا يمضي مجلس الشورى، مستنداً إلى تاريخه العريق، ومتكئاً على رؤية طموحة، ليواصل أداء رسالته في بناء وطن شامخ يحقق آمال الحاضر وتطلعات المستقبل. *عضو مجلس الشورى