نظّمت جمعية أوج أمسية شعرية استثنائية، أحيتها الشاعرة نور الهدى غزالي، وقدّمتها الأستاذة لولوة الحميدان، وذلك بمقر الجمعية السعودية للإعاقة السمعية في الرياض. وتُعد الشاعرة من الأصوات الشعرية المعروفة في الميدان التربوي، إذ تمتدّ تجربتها ما يقارب ثلاثة عقود في التعليم والإشراف والإدارة، إلى جانب مشاركاتها الثقافية والأدبية، ونشر قصائدها في صحف ومجاميع شعرية مثل ديوان شاعرات المملكة العربية السعودية. قدّمت الشاعرة نصوصًا متدفقة جمعت بين حب الوطن واستحضار المهابة الروحية في مناسك الحج، وصولًا إلى عوالم الغزل وما يحمله من رهافة وإحساس وقصائد وجدانية تلامس قلوب الحاضرات وكل من فارق عزيزًا أو انتظر غائبًا، كما ألقت قصيدة في تأبين والدتها -رحمها الله- التي لم تقتصر على التعبير عن حزن شخصيّ، بل لامست مشاعر كل من فقد أمًا أو حبيبًا، حيث يكون الشعر أشبه بذاكرة جماعية مشتركة. ومن أبرز ما ألقت في حب الوطن قولها: "عرفتُكِ يا بلادَ الخيرِ عشقًا ** بلغتُ بسحرهِ حدَّ الهيامِ" ولم يكن الشعر لديها وقوفًا عند الذكريات أو التغني بالوطن فقط، بل تفاعلت وجدانيًا مع الأحداث الإنسانية والاجتماعية، كما في قصيدتيها "رسالة عبر الأثير" و"من يصنع للطفل حياة؟"، اللتين حملتا أبعادًا إنسانية واسعة، وجعلتا من الشعر صوتًا لقضايا تتجاوز الذاتي إلى همٍّ إنساني مشترك. لم تقف الشاعرة عند حدود القضايا الكبرى، بل جعلت حتى التفاصيل الصغيرة ميدانًا لإبداعها، كما في مقطوعتها عن تهشّم الهاتف المحمول الذي كان يحمل ذكرياتها وصورها: "ها قد تحطّم مذ ظهر فارقته حينًا فحلّ به الضرر طاحت به أيدي المنون فسيق مكسور الظهر أودعتُ فيه الذكريات ونبض قلب في الصور أَوَ هكذا الأشياء تأخذ من حنايا القلب ما يلقى الصّحاب ثم تمضي بلا أثر؟!" تأتي هذه الأمسية في إطار حرص جمعية أوج على تعزيز المشهد الثقافي وإبراز المواهب الأدبية النسائية، وفتح منصات الإبداع أمام الشاعرات ليواصلن عطاءهن في إثراء الحياة الثقافية وخدمة المجتمع. كما تفاعلت الحاضرات مع النصوص بتأثر بليغ، ووجدن في كلمات الشاعرة مرآةً لتجارب إنسانية قريبة منهن. وهكذا تحوّلت الأمسية إلى مساحة وجدانية جمعت بين التأمل والدهشة والحنين، لتؤكد أن الشعر لا يزال قادرًا على أن يكون جسرًا للروح وذاكرةً نابضة للإنسان.