الحديث عن الوطن لا يكفيه مقال أو أسطر أو كتاب أو مجلد، بل هو أفق واسع، وأرضه غالية، وترابه ذهب. تحفّه السماء، وتضيء في سمائه الكواكب والنجوم، وتشرق شمسه بالعلم، لتضيء لنا المستقبل الذي كان امتدادا للماضي العريق. توحدت فيه الكلمة، واجتمع فيه الشمل، وأصبحت الجزيرة العربية مثالا للترابط، والاجتماع على الحق؛ بعد أن جمع شملها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه- وأسكنه فسيح جناته. هذا الكيان العظيم خلّده التاريخ، حتى أخرج لنا هذه الأجيال التي استطاعت أن تبني مجتمعا متماسكا، له جذور في التاريخ، أصلها الكتاب والسنة، ومنهجها التوحيد الخالص لله عز وجل. ومن أهم مقومات الحياة وأساسها في كل بلد (الأمن) الذي لا يمكن أن تسير الحياة إلا به؛ فلا حياة إلا بالأمن، ولا علم إلا بالأمن، ولا اقتصاد إلا بالأمن، ولا سعادة إلا بالأمن. وهذا ما تتميز به بلادنا ولله الحمد. أما ما نحن فيه من النعم، فحدّث ولا حرج، أولها نعمة الإسلام ، وثانيها نعمة الترابط بين الحاكم والمحكوم، وثالثها الازدهار الاقتصادي والمعيشي، ورابعها الصناعة والتطور في جميع المجالات، وخامسها التعليم الذي تنفق عليه الدولة المليارات، ليصبح أبناء هذا الوطن وبناته فخرا لها في جميع المجالات، وسادسها المواصلات والطرق ووسائل النقل المختلفة وشبكة الاتصالات، حتى أن من يعيش في قلب الصحراء يستطيع الوصول بالصوت والصورة ويتواصل مع كل من يريد وكأنه في منزله. ويكفي شرفا لهذه البلاد المباركة خدمة الحرمين الشريفين؛ وهذا بحد ذاته من أكبر النعم وأجلها؛ فالعالم الإسلامي بأكمله يأتي إلى هذه البلاد الطاهرة في كل وقت، وفي مواسم مختلفة من الزيارة والعمرة والحج. وقد أثبتت هذه البلاد - وبشهادة جميع الدول - أن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي أثبتت للعالم، وبكل اقتدار، قدرتها على إدارة الحشود في جميع المواسم، سواء كانت في الحج أو العمرة، ومن يزور المملكة اليوم يجد تطورات هائلة، ومن يعود إليها بعد عام واحد فقط يجد الفرق الشاسع والتطور الملحوظ. ولا ننسى الجانب السياسي الذي تقوم به المملكة من جمع كلمة المسلمين، والدعوة للسلام، والأمن بين الشعوب، ومد يد العون لكل محتاج. حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه. حفظ الله ولاة أمرنا ذخرا للإسلام والمسلمين.