بين استقبالٍ وآخر، لم تكتف المملكة العربية السعودية بعقد اللقاءات الدبلوماسية التقليدية، بل تمضي نحو تأسيس جسور مؤسسية تعزز استدامة التعاون مع دول العالم. فجاءت مجالس الشراكات السعودية لتكون إطارًا منظمًا يترجم الرؤى المشتركة إلى برامج ومشاريع ملموسة، ويحول العلاقات الثنائية من مجرد تفاهمات عابرة إلى خطط تنموية طويلة الأمد. ومن خلال هذه المجالس، تفتح المملكة آفاقًا جديدة للاستثمار، وتنقل خبراتها وتستفيد من تجارب الآخرين، في خطوة تعكس روح رؤية 2030 التي تجعل الشراكة الدولية ركيزة للنمو والتطور. وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، «إنه لطالما كانت السعودية منذ تأسيسها قوة خير لكل ما فيه صالح البشرية ورخاء الإنسان حول العالم؛ إذ عملت ولا تزال على إعلاء مبدأ التعاون، وتوطيد العمل الدولي المشترك نحو كل مجهود يخدم التنمية والازدهار لجميع دول العالم، وأطلقت في ذلك العديد من المبادرات الرامية إلى تحقيق هذه الغايات الأصيلة في المجالات كافة». وانطلاقًا من سعي المملكة إلى تحويل اللقاءات الثنائية إلى مسارات أكثر رسوخًا واستدامة، أسست منظومة مؤسسية قادرة على تحويل هذه اللقاءات إلى شراكات استراتيجية راسخة. ويأتي في مقدمة هذه المنظومة المركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية (SCISP)، الذي أُنشئ بقرار مجلس الوزراء عام 2017م ليكون الذراع الرئيسة في توحيد جهود المملكة مع دول العالم، وبناء علاقات متينة تُسهم في تعزيز المصالح المشتركة وتنمية التعاون في مختلف المجالات. ويُعد المركز حلقة وصل محورية بين المملكة وشركائها، حيث يعمل على صياغة وتنمية التحالفات الدولية عبر التنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتحديد الدول ذات الأولوية للشراكة، فضلًا عن إجراء الدراسات وإعداد الخطط والبرامج التي تُترجم الرؤى إلى مشاريع عملية. كما يتولى مهمة إدارة وتنسيق الزيارات الرسمية وتنظيم المنتديات والندوات التي تُناقش فرص الشراكة وتستعرض سبل تعزيزها، ليكون بذلك شريكًا فاعلًا في مسار الحراك الدبلوماسي والاقتصادي السعودي.