انتشر في مجتمعاتنا وصف "المرأة المستقلة"، أو كما يشاع "سترونج إندبندنت وومن"، حتى أصبح علامة يراها البعض نجاحًا، ويرى آخرون أنها فشل في المعادلة الطبيعية بين الرجل والمرأة، ولكن السؤال الأهم.. ما الذي أوصل الفتيات إلى هذه النقطة بالأساس، من أول الأسباب؛ غياب دور الرجل؛ فكثير من الرجال تخلى عن مسؤوليته المادية أو المعنوية، واعتبر أن القوامة مجرد سلطة، لا التزام ورعاية وبعضهم انسحب من المنزل تمامًا، وبعضهم حضر جسديًا لكنه غاب دعمًا وأمانًا، حينها لم يكن أمام المرأة إلا أن تتحمل الدور وحدها تعمل، وتنفق، وتربي، ولكن هناك سبب آخر، وهو التحولات الاجتماعية والثقافية؛ فدخول المرأة مجال العمل والتعليم جعلها أقدر على الاستقلال، وهذا في حد ذاته قوة غير أن بعض النساء أسأن استخدامها، فتحول الاستقلال عندهن إلى استغناء كامل عن الرجل، وكأن نجاحها مرهون بإقصائه، المرأة فقدت عفويتها وحقها في أن تحاط بالرعاية، فعاشت خلف أقنعة الصلابة، ثانيا أن الرجل انسحب أكثر فأكثر، فظن أن وجوده لم يعد ضروريًا، ومع الوقت، ينشأ جيل لا يعرف معنى الشراكة، بل يرى العلاقة صراعًا على القوة، فهل المرأة المستقلة ناجحة أم فاشلة؟ الحقيقة أن النجاح لا يقاس بمجرد قدرتها على الصمود وحدها، قد تكون قوية ومكافحة، لكنها في الوقت نفسه مرهقة، وحيدة، تحمل فوق طاقتها، النجاح الحقيقي أن تحقق ذاتها دون أن تخسر طبيعتها الإنسانية، أو حقها في المشاركة والسند، فإذا كان استقلالها اضطرارًا، فهو ليس فشلًا منها، بل من مجتمع لم يوفر لها رجلًا مسؤولًا، أما إن كان عنادًا أو رغبة في إلغاء دور الرجل، فهو طريق يقود في النهاية إلى عزلة وفشل في بناء علاقة متوازنة، المخاطر كثيرة، دور الرجل ليس المطلوب أن ينتزع منه سلطته، بل أن يستعيد مسؤوليته أن يكون عونًا، وسندًا، وقيمًا بالمعنى الصحيح، عندها فقط يتحول استقلال المرأة من عبء إلى اختيار، ومن قناع إلى قوة حقيقية داخل علاقة سوية، في النهاية، المرأة المستقلة ليست دومًا ناجحة، ولا دومًا فاشلة، لكنها دائمًا علامة على خلل ما، والسؤال.. هل نتركها مضطرة إلى الأبد، أم نعيد صياغة دور كل طرف ليستعيد المجتمع توازنه؟.