لعل من الجدير أن نشير إلى أن كل ما تقوم به إسرائيل الآن من اعتداءات هو لأجل تقويض حل الدولتين.. هذا المشروع الذي أطلق نقلة كبرى في تحديد مستقبل المنطقة والفلسطينيين بصفة خاصة، أهدافه ومحتواه تضمن الأمن والسلامة والسلام في المنطقة، لكن إسرائيل لا تريد ذلك لتجعل من غطرستها بالاعتداءات المستمرة سبيلاً لرفض أي مبادرة وتقويض لأي فعل خلّاق، لذا كانت ردة فعلها تجاه الدوحة معها وقبلها وبعدها في غزة إرهاباً رفضه العالم أجمع، وحتى أميركا أغمضت عينيها مما حدث في تفجيرات الدوحة خجلاً منه بإنكار معرفته مسبقاً. العالم ضد إسرائيل هو العنوان الأبرز.. حتى جامعات أميركا وكثير من مواطنيها ومفكريها أخرجهم الإرهاب الإسرائيلي عن طورهم وباتوا يشكلون ضغطاً مستمرًا لأجل وقف العجرفة الصهيونية، بل وأصبحت المطالبات أشد قوة بالعمل على انتزاع الهيمنة الإسرائيلية على القرار الأميركي، أوروبا كذلك بمواقفها الرسمية ترفض وتستنكر وتطالب بحل الدولتين، ونجحت تحت قيادة السعودية وفرنسا من خلال "إعلان نيويورك" في وضعه مجدّدًا في صدارة الأجندة الدوليّة، فحظي بتأييد ساحق من 142 دولة في الجمعية العامّة، فيما لم تجد إسرائيل من يصوّت إلى جانبها في معارضة القرار سوى الولايات المتّحدة وثماني دولٍ أخرى هامشية! قمة الدوحة استشعرت التحرك العالمي الكبير لإيقاف الغطرسة الإسرائيلية وفرض السلام عبر مشروع حل الدولتين، لتكون رسائلها أكثر وضوحاً إلى أميركا التي لم يبق إلا هي كدولة مؤثرة جداً ليكون قرار السلام العالمي نافذاً لإيقاف الصراع، نشير إلى ذلك ونقرأ من بين السطور أن مخرجات القمة العربية الإسلامية في الدوحة قد أظهرت أن لا مواجهة مع الإدارة الأميركية، بل التعامل معها بما يتطلبه الواقع الحقيقي، لعل وعسى أن يكون لتأثيرها المباشر والقوي على إسرائيل سبيلاً في تحقيق السلام الحقيقي النافذ المنشود. نشير إلى أن القمة حظيت بمخرجات قوية.. وندرك تماماً أنها لن تكون نافذة تماماً إلا بإرغام إسرائيل على قرار حل الدولتين وفق المنظور الإستراتيجي الشامل الذي أعلنه راعي المشروع ومطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وندرك أنه أيضاً وكما العالم يدرك أنه سيعزز العلاقات والتحالفات والتوازنات في المنطقة وبما يحقق الاستقرار لمنطقة لم تعرف ذلك لأكثر من تسعين عاماً. الأهم أن الخطاب في قمة الدوحة مباشر جداً ومتماسك ومؤثر، لا سيما وأن رسالة العالمَين العربيّ والإسلامي للإدارة الأميركية كان مختلفاً، وبدأ أنه انطلق من أساسيات حل الدولتين الذي ستكون ساعة الحقيقة فيه في اجتماعات الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة المقبلة في نيويورك، حيث ستدرك إسرائيل أن لكل شيء نهاية ولا بد أن ترضخ.