واصل الاحتلال ارتكاب المجازر والانتهاكات بحق الفلسطينيين، في ظل تصاعد عمليات القصف والتدمير التي تطال كافة مناطق القطاع المحاصر. في مدينة غزة، استشهد خمسة فلسطينيين وأصيب عدد آخر بجراح في مجزرة ليلية جراء قصف طائرات الاحتلال منزلاً غرب ميدان الشهداء بمخيم الشاطئ. كما أطلقت طائرات الاحتلال المسيّرة من طراز "كواد كابتر" نيرانها باتجاه منازل الفلسطينيين في شارع الجلاء ومحيط ورمزون الشيخ رضوان، وسط استمرار عمليات نسف البيوت والمباني عبر الروبوتات المتفجرة شمالي المدينة. وفي المناطق الشرقية للمدينة، شنت طائرات الاحتلال الحربية غارات جوية عنيفة، بالتزامن مع إطلاق نيران الطائرات المروحية باتجاه المناطق الشرقية لمدينة دير البلح وسط القطاع. في وسط القطاع، استهدفت طائرات الاحتلال موقعًا شرق منطقة المصدر، بينما تعرضت المناطق الشرقية لمدينة غزة لغارات متزامنة. كما قصفت المدفعية الإسرائيلية وسط مدينة خان يونس جنوبي القطاع. وواصل جيش الاحتلال عمليات تدمير منازل الفلسطينيين في مناطق متفرقة شمالي القطاع ضمن سياسة ممنهجة لتوسيع الدمار وفرض مزيد من التهجير القسري. في خان يونس، لم تتوقف مدفعية الاحتلال عن قصف عشرات المواقع المنتشرة في مختلف مناطق القطاع، ما أدى إلى مزيد من الضحايا والأضرار المادية الواسعة. وسط هذا التصعيد، تتفاقم الكارثة الإنسانية مع استمرار المجاعة في القطاع، حيث ترتقي أعداد جديدة من الضحايا يوميًا نتيجة الجوع وسوء التغذية، في ظل انعدام أماكن للنزوح بعد إجبار الفلسطينيين على التنقل مرارًا تحت وطأة تهديدات الاحتلال، حيث أفاد المستشفى الميداني في مستشفى العودة باستقباله خلال الساعات ال24 الماضية شهيدين و17 إصابة، جراء استهداف تجمعات الفلسطينيين عند نقطة توزيع المساعدات الإنسانية جنوب وادي غزة. ودمّر جيش الاحتلال برجاً في مدينة غزة، بعيد إعلانه أنه سيستهدف مباني شاهقة اتّهم "حماس" باستخدامها، في وقت يكثّف هجومه للسيطرة على كبرى مدن القطاع الفلسطيني، حيث يتكدّس نحو مليون شخص. ورغم الضغوط المتزايدة في الداخل والخارج لوقف هجومها المستمر منذ نحو عامين في غزة، تعزّز إسرائيل قواتها وتكثّف قصفها وعملياتها على مشارف المدينة منذ إعلانها عزمها السيطرة عليها. وزعم الجيش الاسرائيلي في بيان، أنه "رصد نشاطاً مكثفاً لحماس داخل أبراج متعددة الطوابق، حيث جرى دمج كاميرات مراقبة، مواقع قنص، منصات لإطلاق صواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى غرف قيادة وسيطرة"، مضيفاً أنه سيستهدف تلك المواقع "خلال الأيام المقبلة". 42 فلسطينياً استشهدوا وبعد أقل من ساعة، أصدر بياناً آخر أعلن فيه ضرب مبنى شاهق، متهماً "حماس" باستخدامه "للتقدم وتنفيذ هجمات ضد القوات (الإسرائيلية) في المنطقة". وأظهرت مشاهد مصوّرة برج مشتهى في حي الرمال بمدينة غزة وهو ينهار إثر انفجار هائل في قاعدته، مطلقاً سحابة كثيفة من الدخان والغبار. كما أظهرت صور لاحقة عدداً من الفلسطينيين يبحثون بين الركام. وأكد جيش الاحتلال، قبل الضربات، أن هجماته ستتم بشكل "دقيق للحد من إصابة المدنيين من خلال إصدار تحذيرات مسبقة". وقالت أريج أحمد (50 عاماً)، وهي نازحة فلسطينية تعيش في خيمة جنوب غرب مدينة غزة، إن زوجها "شاهد سكان برج مشتهى يرمون أمتعتهم من الطوابق العليا لنقلها والفرار قبل الضربة". وأضافت: "بعد أقل من نصف ساعة من أوامر الإخلاء، قُصف البرج". لا مكان آمناً واتهم المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني، محمود بصل، إسرائيل بتنفيذ "سياسة ممنهجة للتهجير القسري بحق المدنيين" عبر استهداف المباني المرتفعة. وأعلن الدفاع المدني استشهاد 19 شخصاً في مدينة غزة ومحيطها، من بين 42 فلسطينياً استشهدوا في أنحاء القطاع،أمس. وقال أحد الأهالي، ويدعى أحمد أبو وطفة ويعيش في شقة شبه مدمرة لأقاربه في الطابق الخامس من مبنى غربي مدينة غزة، إن "الأنباء عن بدء إسرائيل قصف الأبراج والمباني السكنية مُرعبة. الجميع خائفون ولا يعرفون إلى أين يذهبون". وأضاف: "أطفالي مرعوبون، وأنا أيضاً. لا مكان آمناً.. كل ما نتمناه أن يأتي الموت سريعاً". أزمة إنسانية متفاقمة وتقدّر الأممالمتحدة أن نحو مليون نسمة يسكنون مدينة غزة ومحيطها، وهي منطقة قالت إنها تشهد مجاعة. وحذّر مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، من استمرار المجاعة في غزة، داعياً إسرائيل إلى وقف هذه "الكارثة"، ولافتاً إلى أن 370 شخصاً على الأقل قضوا بسبب الجوع في القطاع المحاصر والمدمّر منذ بداية النزاع. من جهته، قال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو إن الاتحاد الأوروبي "ليس على مستوى المسؤولية في هذه الأزمة الإنسانية الهائلة". أبواب الجحيم وصرّح وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان، بأن "أبواب الجحيم فُتحت في غزة"، متوعداً بتكثيف العمليات حتى تقبل "حماس" بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب. وتتوقّع إسرائيل نزوح نحو مليون شخص باتجاه الجنوب جراء هجومها الجديد. وتظاهر أقارب الرهائن ومؤيدون لهم في القدس وتل أبيب، الليلة الماضية ، للمطالبة بالإفراج عنهم. رفض انهاء الحرب كشفت قناة "كان" العبرية أن رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، هرتسي هاليفي، قدّم خلال فترة ولايته مبادرة تهدف إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة مقابل الإفراج عن جميع الأسرى، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رفضها واعتبرها "هزيمة". ووفقًا لهيئة البث الرسمية، فإن هاليفي اقترح قبيل الهجوم البري على مدينة رفح في مايو/2024، بلورة خطة من مرحلة واحدة تنتهي بإطلاق سراح الأسرى وإنهاء الحرب، بناء على تصور أعده طاقم من ضباط شعبة العمليات والدائرة الاستراتيجية التابعة لجيش الاحتلال. ورأت الخطة أن تحرير الأسرى بدايةً سيسهّل لاحقًا استكمال العمليات العسكرية ضد حماس، غير أن القيادة السياسية رفضت المقترح على الفور، وجرى طيّه دون عرضه على فريق التفاوض رسميًا. وبحسب المصادر، فإن الخطة التي أعدها الجيش كانت متعددة المراحل، تقضي في نهايتها بالإفراج عن كل الأسرى الذين ما زالوا أحياء، لكن رفض نتنياهو حال دون المضي فيها. ومطلع سبتمبر الحالي، ذكرت تقارير عبرية أن نتنياهو رفض خلال اجتماع "الكابينيت" مطالب عدد من الوزراء بطرح اتفاق جزئي مع حماس للتصويت، يتضمن وقف إطلاق نار وتبادل أسرى. وقال نتنياهو: "لا داعي للتصويت، هذا ليس مطروحًا على الأجندة"، زاعمًا أن المقترح الذي وافقت عليه حماس "لم يعد ذا صلة بالواقع". اللافت أن الطلب جاء من وزراء يعارضون الاتفاق مثل إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، بينما أيد رئيس أركان جيش الاحتلال الحالي إيال زامير المضي قدمًا في الاتفاق، مؤكدًا أن العملية العسكرية المسماة "مركبات جدعون" وفرت الظروف المناسبة لاستعادة الأسرى، كما شدد على ضرورة إصلاح الجيش وإنعاش قدراته للاستمرار في القتال. وفي تحقيق بثته القناة 13 العبرية، اتضح أن نتنياهو وبن غفير وسموتريتش عرقلوا ما لا يقل عن خمس صفقات تبادل أسرى مع حماس خلال الأشهر الأخيرة، مشيرة إلى أن حكومة الاحتلال لا تستطيع الادعاء بأنها فعلت كل ما في وسعها لتحرير الأسرى المحتجزين في قطاع غزة. ونقلت القناة عن نائب رئيس فريق المفاوضات الإسرائيلي السابق أن الوفد التفاوضي كان يفتقر إلى التفويض الكامل، قائلاً: "كنا نحصل على تفويض، وما إن نصعد الطائرة حتى تتغير الشروط"، مضيفًا أن الشروط كانت تتغير باستمرار بتوجيه مباشر من نتنياهو. كما أورد التحقيق تصريحات للمتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، أكد فيها أن نتنياهو كان يضع شروطًا جديدة كلما اقتربت الأطراف من التوصل لاتفاق، بل أبلغ المسؤولين الأميركيين صراحةً بأنه سيواصل الحرب "حتى لو استمرت لعقود". تأتي هذه المعلومات في وقت وافقت فيه حكومة الاحتلال على خطة عسكرية جديدة لاحتلال مدينة غزة، تشمل استدعاء 60 ألف جندي احتياط، في ظل استمرار نتنياهو بالمماطلة في الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، وسط تحذيرات دولية متصاعدة من تفاقم الكارثة الإنسانية التي تطال أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر. إخلاء غزة طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجددا، صباح أمس، جميع المواطنين في مدينة غزة بإخلائها، والتوجه نحو الجنوب، مع تصاعد وتيرة القصف الصاروخي العنيف، مستهدفا الأبراج السكنية المتهالكة بالأساس. وطالب الاحتلال عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، كل المتواجدين في مدينة غزة الإخلاء جنوبا نحو مواصي خان يونس، حيث يدعى أنها "منطقة إنسانية". وعلى أرض الواقع، لا يوجد ما يسمى ب"المنطقة الإنسانية"، حيث لم يترك الاحتلال مكانا في القطاع إلا واستهدفه بالقصف، بما في ذلك المستشفيات، والمدارس، ومؤسسات الأممالمتحدة، التي تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين. ويعاني قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية ومجاعة قاسية منذ أن أغلق الاحتلال المعابر في 2 مارس الماضي، مانعا دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، فبات نحو 1.5 مليون مواطن من أصل نحو 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم. 6 وفيات نتيجة المجاعة أعلنت وزارة الصحة في غزة،أمس، تسجيل 6 حالات وفاة في القطاع خلال ال24 ساعة الماضية، نتيجة المجاعة وسوء التغذية من بينهم طفل. ولفتت الصحة في بيان مقتضب، إلى أن إجمالي وفيات سوء التغذية ارتفع إلى 382 شهيدًا، من بينهم 135 طفلًا. ومنذ إعلان (IPC)، سُجّلت 104 حالات وفاة، من بينهم 20 طفلًا. ومنذ 2 مارسالماضي، تغلق "إسرائيل" جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، وتسمح بدخول كميات محدودة جدًا لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين. شهيد عند حاجز عسكري استشهد فلسطيني، من قرية عوريف جنوب نابلس، بعد إصابته برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي عند حاجز المربعة جنوبالمدينة. وأفادت مصادر محلية أن الشهيد 57 عاماً، وقد استشهد متأثراً بإصابته التي أصيب بها برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي. وبحسب شهود عيان، أطلق جنود الاحتلال النار بشكل مباشر وكثيف تجاهه أثناء تواجده قرب الحاجز، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة وتركه ينزف على الأرض، دون السماح لأحد بالاقتراب منه. وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمها الطبية حاولت التوجه نحو المكان لتقديم الإسعافات الأولية، غير أن قوات الاحتلال منعتها من المرور عبر الحاجز. وتحولت حواجز الاحتلال العسكرية المنتشرة في الضفة الغربية إلى مصيدة للموت، حيث يطلق جنود الاحتلال النار بشكل متكرر على الشبان الفلسطينيين، وهو ما أدى خلال الأشهر الماضية إلى استشهاد وإصابة العشرات منهم. استهداف الأسرى أكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبدالله الزغاري، أنّ إعلان إدارة سجون الاحتلال مؤخراً عن إدخال أنواع جديدة من الأسلحة لقمع الأسرى الفلسطينيين، يشكّل دلالة واضحة على توجّه ممنهج نحو تصعيد أدوات القمع والعنف ضد المعتقلين العزّل. واعتبر الزغاري في تصريح صحفي أمس، أنّ هذا القرار يندرج ضمن السياسات المعلنة وغير المعلنة للاحتلال، والتي تستهدف حياة الأسرى وتعرّضهم لخطر القتل المباشر أو البطيء، بما يشكّل انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأوضح الزغاري أنّ الإفادات والشهادات التي يقوم نادي الأسير برصدها وتوثيقها، تشير إلى إدخال أسلحة جديدة إلى السجون، من بينها الصواعق الكهربائية، واستخدام أنواع جديدة من الرصاص المطاطي خلال عمليات القمع. وبيّن أنّ هذه الممارسات تُمثّل امتدادًا لسياسة الاحتلال القائمة على استخدام أجساد الأسرى ك«حقول تجارب» لأسلحته. وشدّد الزغاري على أنّ هذا التصعيد يعكس نمطًا متكرّرًا من الجرائم الممنهجة التي تمارسها إدارة السجون كجزء من سياسة أوسع تستهدف تدمير البنية الإنسانية للأسرى، مؤكدًا أنّ ما يجري اليوم يمثّل تصعيدًا غير مسبوق من حيث شدّة الانتهاكات واتساع نطاقها. وحمّل الزغاري سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير آلاف الأسرى، داعيًا المنظومة الحقوقية الدولية إلى اتخاذ خطوات عملية وجادّة لمساءلة الاحتلال على هذه الانتهاكات الجسيمة، وضرورة ممارسة الضغط على القوى الدولية التي تواصل تزويده بالدعم السياسي والعسكري والتواطؤ المباشر في استمرار الإبادة. استهداف الاحتلال لأبراج غزة شهداء وجرحى في مشافي غزة الدمار والخراب في غزة نتيجة تواصل العدوان الإسرائيلي