ينوي الكيان الصربي في البوسنة تنظيم استفتاء في 25 أكتوبر حول الحكم الصادر في حقّ رئيسه ميلوراد دوديك الذي حكم عليه بالسجن سنة ومنع من الترشّح للانتخابات لست سنوات، إثر عدم احترامه قرارات الممثّل الدولي السامي، لكنه يرفض التنحي. واعتمد القرار ليل الجمعة السبت في برلمان جمهورية صربسكا، الكيان الصربي في البوسنة، في بانيا لوكا (شمال) في ختام جلسة طارئة عقدت لدعم دوديك (66 عاماً). وفي فبراير، دانت محكمة الدولة في ساراييفو الرئيس القومي والانفصالي للكيان الصربي لعدم امتثاله لقرارات الممثّل الدولي السامي المكلّف السهر على تطبيق اتفاق السلام المبرم قبل حوالى 30 سنة في مدينة دايتون الأميركية. وثُبّت الحكم أمام الاستئناف في الأوّل من أغسطس. وتجنّب دوديك تنفيذ عقوبته في السجن من خلال دفع غرامة ناهزت 19 ألف يورو. لكنه يرفض مغادرة منصبه، مندّداً بمحاكمة هدفها "إقصاؤه من الحياة السياسية" ومعتبراً أن الممثّل الدولي السامي كريستيان شميت، وهو وزير ألماني سابق يتولّى مهامه في البوسنة منذ 2021 بمثابة "محرّض". وفي إطار الاستفتاء، يدعى سكان جمهورية صربسكا إلى الردّ على عدّة أسئلة لمعرفة إن كانوا يقبلون قرارات الممثّل السامي "الأجنبي غير المنتخب" وفق ما جاء في بيان البرلمان وأحكام محكمة الدولة "المخالفة للدستور في حقّ رئيس جمهورية صربسكا" وقرار اللجنة الانتخابية المركزية في السادس من أغسطس بعزل ميلوراد دوديك. ومن بين 65 نائباً حضروا، صوّت خمسون على تنظيم الاستفتاء، بحسب ما أعلن رئيس البرلمان نيناد ستيفانديك. وامتنع نوّاب المعارضة الذين حضر بعضهم الجلسة عن التصويت. * "حقل ألغام" وقال النائب المعارض نيبويسا فوكانوفيك المعروف بانتقاده الشديد لميلوراد دوديك: "لن أزعجكم... لكنكم تسيرون في حقل ألغام"، مندّداً ب"سياسة مغامرة". وفي الأيّام الأخيرة، قال دوديك إنه ينتظر "لا كبيرة" من الاستفتاء، مهدّداً بتنظيم استفتاء لاحق حول استقلال الكيان الصربي في حال "عدم احترام رغبة الشعب". وتوقّع أن يكلّل الاستفتاء الثاني ب"نعم كبيرة". بعد انتهاء الحرب سنة 1995، قسّمت البوسنة إلى كيانين بحكم ذاتي هما جمهورية صربسكا والاتحاد الكرواتي المسلم، تربط بينهما حكومة مركزية. ومنذ 30 عاماً، يشرف على الشؤون السياسية والتشريعية ممثّل دولي سامٍ مكلّف تطبيق اتفاق دايتون. ويتولّى المنصب منذ أربع سنوات الألماني كريستيان شميت. ولا يخفي دوديك الذي يرأس جمهورية صربسكا منذ 2006 مناهضته لشميت. وحكم عليه بالحبس إثر إدانته بإقرار قانونين في يوليو 2024 يحظران تطبيق قرارات الممثّل السامي وأحكام المحكمة الدستورية البوسنية، في الكيان الصربي. وأجرى شميت تعديلاً لقانون العقوبات يدرج فيه عقوبة السجن وحظر الأنشطة السياسية في حال مخالفة المسؤولين قراراته، ما أتاح محاكمة دوديك. وأقر برلمان جمهورية صربسكا سلسلة من "الخلاصات"، من بينها رفض سلطة الممثّل السامي و"قراراته" و"تبعات هذه القرارات". كما طالب البرلمان بأن يبقى دويدك "في منصبه كرئيس لجمهورية صربسكا" مع "رفض فكرة" تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار خلف له. ولا شكّ في أن هذا الاستفتاء الجديد سيشكّل اختباراً لقدرة الدولة المركزية على بسط سلطتها على أراضي البلد برمّته. ومن المرتقب أن تدعو اللجنة الانتخابية إلى انتخابات مبكرة لرئاسة جمهورية صربسكا في غضون 90 يوماً. وسبق لدوديك أن أعرب عن نيّته مقاطعة هذه الانتخابات وتنظيم سلسلة من الاستفتاءات، أوّلها ذلك الذي أعلنه الجمعة. وتأتي هذه التطوّرات في أعقاب استقالة رئيس وزراء الكيان الصربي رادوفان فيسكوفيك الاثنين. لم يفصح فيسكوفيك عن أسباب قراره خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الاثنين في العاصمة الإقليمية بانيا لوكا، لكنه أكّد أنه سيتم تشكيل حكومة جديدة، مشيراً: "سأترك لخلفي جمهورية مستقرّة". ويتّهم فيسكوفيك كما دوديك بتقويض النظام الدستوري في البوسنة والهرسك بعد تصويت البرلمان المحلي على منع عمل الشرطة والقضاء الفدراليين في الكيان الصربي. ويخضع كلاهما لعقوبات أميركية على خلفية تهديد اتفاق دايتون للعام 1995 وسيادة البلد الواقع في منطقة البلقان. مشاهد تاريخية من حرب البوسنة والهرسك