ها نحن اليوم نرى مشهداً رائعاً يجسّد الأخوة بين شعوبنا العربية، حيث تقف المملكة العربية السعودية جنبًا إلى جنب مع الجمهورية السورية الشقيقة، ليشهد العالم أجمع أن ديننا أولًا والعروبة ثانيًا لا تزال تجمعنا، ونشهد اليوم موقفاً تاريخياً للدور الكبير الذي قدمته المملكة لتأخذ بيد شقيقتها سوريا مجددًا وتعيد لها مجدها السابق بقوةٍ وفضلٍ من الله عز وجل. وقد انطلق مؤخراً منتدى الاستثمار السعودي السوري الأول من نوعه في مدينة دمشق بحضور رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع بجانب حضور وفد سعودي يضم مجموعة من أهم المسؤولين في المملكة على رأسهم وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح. وذلك بهدف إحياء روح الاقتصاد السوري مجددًا بتوقيع 47 مذكرة تفاهم استثماري تجاوزت قيمتها 24 مليار ريال سعودي في مجالاتٍ اقتصادية حيوية من أهمها مجالات: الصناعة، والطاقة، والبنية التحتية، وأيضًا التطوير العقاري والتقنيات المالية، وغيرها. كان ذلك على وقع تحديات سياسية واقتصادية لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، ولكننا نؤمن جيدًا بجهود المملكة وسوريا معًا لتحفيز بيئة الاستثمار العام، وتعزيز الثقة في الاقتصاد السوري خلال هذه المرحلة الانتقالية، كما أن هذه الجهود تعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين وترسخ علاقة وطيدة كانت ومازالت مستمرة منذ قديم الأزل. كما أعلن وزير الاستثمارات خالد الفالح عن دور الاتفاقيات في إنشاء أكثر من 3 مصانع جديدة للأسمنت، وليس هذا فحسب؛ بل تم توقيع مذكرات أخرى تجمع بين وزارة الاتصالات السورية وشركات الاتصالات السعودية الكبرى، كما تم التوضيح خلال المؤتمر أن هذه المشاريع الاستثمارية الضخمة سيتم توزيعها على مختلف المناطق والمحافظات بسوريا، مشيرًا إلى أنها ستساعد في الحد من البطالة لتوفر ما يزيد على 50 ألف فرصة عمل مباشرة. ويهدف المنتدى إلى زيادة نسبة الإنتاج المحلي في فترة تتراوح بين عام إلى عامين بنسبة تصل إلى 3 %، ونرى أن تقييم الفائدة الاقتصادية يؤثر إيجابًا على أهم القطاعات بالدولة لا سيما في الصناعات الغذائية والألبسة والأسمدة، بجانب الاستثمار في الطاقة والأسمنت لكونها ركيزة أساسية في إعادة إعمار البلاد. كما أن المنتدى فتح المجال للقطاع الخاص لزيارة سوريا والكشف عن أهم الفرص الاستثمارية، مما جعل العديد من رواد الأعمال والمستثمرين السعوديين يبادرون بالفعل نحو هذا الاتجاه، قاطعين الدرب بدعم حكومة المملكة، وتسهيل الإجراءات الاستثمارية لتهيئة بيئة العمل في سوريا بكفاءة. وخلال المنتدى تم اعتماد اتفاقية سعودية تنص على أن كل مشروع استثماري سيتم تنفيذه يمر بثلاث خطوات؛ الخطوة الأولى: تكمن في استكشاف الفرص الاستثمارية، والثانية: تلقي الضوء على التشاور بين رواد الأعمال والمستثمرين، وهذا ما نشاهده بالفعل الآن، أما الخطوة الثالثة: فترتكز على اتخاذ القرار الاستثماري وبدء توقيع الاتفاقية ليتم تنفيذ المشروع على الفور. ومن المميز أن هذه الاستثمارات أتت في وقت بالغ الأهمية، حيث حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- المعروف بمبادراته الإغاثية والإنسانية على تنمية وقيادة الاستثمار السعودي في سوريا، فالاستثمار هنا لا ينحصر في الربح فقط، بل الهدف الأسمى هو الإنماء وإعادة الأمل مجددًا لأرض الجمهورية السورية. وبتوجيه من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -سدد الله خطاه- بدأت المملكة في خطوة الانطلاق لتفتح لسوريا دروب الاقتصاد العالمي وتساعد في تغيير خريطتها إقليميًا ودوليًا، ومن هنا تبدأ رحلة جذب الاستثمار إلى سوريا لنشهد في المرحلة المقبلة نهوضاً اقتصادياً قوياً، بإذن الله تعالى. د. نهى الوقداني