بعد غيبوبة امتدت عشرين عامًا، رحل السمو الملكي الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود، تاركًا خلفه حكاية صمت طويلة وقلوبًا مثقلة بالأسى والذكريات. كان الوليد، ذلك الشاب الذي كان يومًا مفعمًا بالحياة، يملأ المكان بضحكاته وأحلامه، غارقًا في سبات عميق، كأن الزمن توقف حوله بينما العالم استمر في دورانه. عشرون عامًا من الانتظار، من الأمل المتقطع، من الدعوات التي ارتفعت في ليالي البرد والصيف، كلها كانت تحمل رجاءً بعودته إلى الحياة. في غيبوبته، كان الوليد كالنجم الساكن في سماء بعيدة، موجوداً ولكن بعيد المنال. عائلته وأحباؤه، الذين كابدوا الألم يومًا بعد يوم، كانوا يتشبثون بخيط رفيع من الأمل، يزورونه، يحدثونه، يروون له عن العالم الذي تغير، عن أطفال كبروا، وأحلام تحققت أو تبددت. كانوا يرون في عينيه المغلقتين ومضة حياة قد تعود يومًا، لكن القدر كتب نهاية أخرى. رحيل الوليد لم يكن مجرد فقدان إنسان، بل كان ختام فصل طويل من الصبر والوجع. عشرون عامًا عاشها الجميع حوله بين الأمل واليأس، وكأن الزمن كان يمتحن قلوبهم. اليوم، وهو يغادر هذا العالم، يترك وراءه درسًا عميقًا عن قيمة الحياة، عن لحظات الحب التي لا تُعوض، وعن الصبر الذي يصنع من الألم قوة. رحل الوليد، لكنه سيظل حيًا في ذكريات من أحبوه، في قصصهم عن شاب كان يحلم، يضحك، ويزرع الأمل. ربما الآن، في مكان ما، يجد الوليد السلام الذي طال انتظاره، تاركًا لنا أن نتعلم كيف نحتضن الحياة قبل أن تغيب. لله ما أخذ وله ما أعطى ولكل أجل مسمى، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وجعله من أهل الفردوس. العجب من والده الأمير الطيب سمو الأمير الملكي خالد بن طلال الذي ضرب أروع الأمثلة في الإيمان واليقين بالله والصبر والاحتساب مع مواصلة الدعاء والتضرع لله وبذل الصدقات عن ولده من عشرين سنة، ملازماً له وهو في غيبوبة، هذا الاحتساب والصبر النادر. وهذا يعطينا درساً أن نصبر ونحتسب عند المصيبة خالص التعازي والمواساة لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن طلال بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن طلال بن عبدالعزيز في وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال، رحمه الله، نسأل الله أن يتغمده برحمته ومغفرته، وأن يعوض شبابه بالجنة، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان. *كاتب صحفي كويتي حامد الهاملي