استشهد 68 فلسطينيا، وأصيب آخرون، فجر أمس، في غارات شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. وأفادت مصادر في مستشفيات غزة بارتقاء 68 شهيدا بنيران جيش الاحتلال، بينهم 32 من طالبي المساعدات بمجزرة رفح جنوبي القطاع. وأشارت مصادر محلية فلسطينية إلى استشهاد ستة فلسطينيين وإصابة 16 آخرين، بقصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين بالقرب من مدرسة "التابعين" في حي الدرج وسط مدينة غزة. وذكرت أن عددًا من الفلسطينيين أصيبوا، في قصف إسرائيلي استهدف خيمة لعائلة "الهوبي" بالقرب من منطقة الصناعة غربي خان يونس جنوبي القطاع. مراكز المساعدات قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن القطاع يمر بحالة مجاعة فعلية تتجلى في النقص الحاد بالمواد الغذائية الأساسية، وتفشي سوء التغذية الحاد، في ظل عجز تام في الإمكانيات الطبية لمعالجة تبعات الكارثة الإنسانية المتفاقمة. وأكدت الوزارة، في تصريح صحفي أمس، أن ما يُسمّى "مراكز توزيع المساعدات الأميركية" قد تحولت إلى مصائد موت حقيقية، تودي بحياة المدنيين وتفاقم معاناتهم. وأشارت إلى أن الطواقم الطبية رصدت ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية، في الوقت الذي تعجز فيه المنظومة الصحية عن الاستجابة بسبب نقص الموارد. وحذّرت وزارة الصحة من كارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة في حال استمرار الصمت الدولي، داعية المجتمع الدولي، ووكالات الأممالمتحدة، والمنظمات الحقوقية، إلى تحرك عاجل وفعلي لوقف هذه المجازر وفتح الممرات الإنسانية الآمنة لإدخال الغذاء والدواء والوقود بشكل منتظم وآمن. وقد ارتفع عدد الشهداء الذين قتلهم جيش الاحتلال في ما يُعرف ب"مصائد الموت"، وهي ما تُسمى بمراكز المساعدات الأميركية - الإسرائيلية، إلى أكثر من (909) شهيداً، فيما تجاوز عدد الجرحى (5,666) إصابة، إضافة إلى (42) مفقوداً. وقالت الوزارة، أن أعداداً غير مسبوقة من المواطنين، من كافة الأعمار، تتوافد بشكل كبير إلى أقسام الطوارئ وهي تعاني من حالات إعياء شديد وإجهاد تام بسبب الجوع ونقص التغذية. وأكدت الوزارة أن المئات من المرضى باتوا عرضة لخطر الموت المحتم، بعد أن تخطت أجسادهم قدرة الصمود في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول الغذاء والدواء منذ أشهر. من جهته، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن ارتفاع عدد الأطفال الذين قضوا جوعاً بسبب سوء التغذية إلى 69 طفلاً، فيما بلغ إجمالي عدد ضحايا نقص الغذاء والدواء 620 مريضاً. وأكد المكتب أن هناك ما لا يقل عن 650 ألف طفل في غزة مهددون بالموت جوعاً، إلى جانب 12,500 مريض سرطان يفتقرون إلى الغذاء والعلاج، ونحو 60 ألف سيدة حامل يواجهن خطر الموت بفعل انعدام الرعاية الصحية وانهيار منظومة الغذاء. الخارجية الفلسطينية دانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية جرائم القتل الجماعي التي تستهدف مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة، والتي كان آخرها الجريمة البشعة التي ارتكبها الاحتلال شمال رفح، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى. واعتبرت الوزارة في بيان لها أمس، أن هذه الجريمة تشكل حلقة جديدة في مسلسل القتل العمد الذي يلاحق أكثر من مليوني مواطن في القطاع، بأشكال متعددة تشمل القصف والتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج والأدوية، في محاولة لفرض التهجير القسري عليهم. وأشارت إلى أنها تواصل حراكها مع الدول ومكونات المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم، محملة المسؤولية عن تخاذلها وتقاعسها في حماية وانقاذ الشعب الفلسطيني. وطالبت الوزارة بصحوة ضمير وأخلاق لفرض الوقف الفوري للإبادة والتهجير والضم. سوء التغذية استُشهد، صباح امس، طفل رضيع يبلغ من العمر 35 يوماً في مدينة غزة، نتيجة سوء التغذية والجوع، في واقعة هي الثانية خلال 24 ساعة. وأفاد مصدر طبي في مستشفى الشفاء بأن الرضيع توفي جراء مضاعفات حادة لسوء التغذية، في ظل عجز النظام الصحي عن تلبية الاحتياجات الأساسية للأطفال، وندرة الغذاء والرعاية. ووفقاً لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفع عدد الأطفال الذين قضوا نتيجة سوء التغذية إلى 70 طفلاً، بينما بلغ عدد الوفيات الإجمالية الناتجة عن نقص الغذاء والدواء نحو 620 مريضاً منذ بدء الحرب. وأكّدت وزارة الصحة في غزة أن أقسام الطوارئ تشهد تدفقاً غير مسبوق لحالات من كافة الأعمار تعاني إجهاداً حاداً بسبب الجوع، مشيرة إلى أن "مئات ممن نحلت أجسادهم باتوا معرضين للموت المحتم بعد أن تجاوزت أجسادهم قدرة التحمل". من جهته، قال مدير مستشفى الشفاء د. محمد أبو سلمية، إن الطواقم الطبية تتعامل يومياً مع مئات المرضى الذين يعانون أعراض المجاعة الحادة، بينها الإجهاد وفقدان الذاكرة وسوء التغذية الحاد، مشيراً إلى وجود أكثر من 17 ألف طفل في القطاع يعانون من سوء التغذية الخطير. وكانت وكالة الأونروا قد حذّرت في وقت سابق من أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعفت ما بين شهري مارس ويونيو، نتيجة للحصار الإسرائيلي المتواصل. ورغم هذه التحذيرات، لم تُقابل الأزمة باستجابة دولية فعّالة، في ظل استمرار سياسة التجويع الإسرائيلية، حيث تواصل سلطات الاحتلال منذ 2 مارس إغلاق المعابر، ومنع إدخال الإمدادات الغذائية والطبية، ما دفع القطاع إلى مرحلة المجاعة الكاملة، وفق توصيف تقارير أممية. أزمة المياه في الخليل أكدت سلطة المياه أن محافظة الخليل تمر بأزمة مائية خانقة تتطلب تكاتفًا وطنيًا شاملاً لمواجهتها، مشيرة إلى أن الأزمة تعود إلى أسباب متعددة، في مقدمتها سياسات الاحتلال وتحكمه بمصادر المياه وكميات التزود، إضافة إلى تصاعد التعديات على الخطوط وغياب العدالة في التوزيع. وقالت في بيان صحفي، امس، إن الاحتلال الإسرائيلي عمد، في الآونة الأخيرة، إلى تقليص كميات المياه المزوّدة للمحافظة من قبل شركة "ميكوروت" الإسرائيلية، لصالح المستعمرات المحيطة، ضمن سياسة ممنهجة تتكرر كل صيف، تحت ذرائع فنية وادعاءات بارتفاع نسب الفاقد، رغم الضغوطات الفلسطينية المتواصلة لإعادة الضخ إلى مستوياته الاعتيادية. وأضافت أن محافظة الخليل تُعد من أفقر المحافظات من حيث مصادر المياه المحلية، وتعتمد بشكل شبه كامل على المياه المشتراة من "ميكوروت"، والتي تواصل مماطلتها في تلبية المطالب الفلسطينية. وأشارت إلى أن ما فاقم من حدّة الأزمة هو التزايد الكبير في التعديات على خطوط المياه، إضافة إلى تجاوزات بعض الهيئات المحلية على حصص هيئات أخرى من خلال كسر المحابس أو التلاعب بخطوط التوزيع، ما أخل بمبدأ العدالة في التوزيع، وحرم آلاف المواطنين من حقهم المشروع في الحصول على المياه. ووفق البيان، فقد بلغت نسبة التقليص هذا الصيف مستويات غير مسبوقة، حيث تراجعت كميات المياه المزودة عبر خط دير شعار، وهو الخط الرئيس المغذي للمحافظة، إلى نحو 17,000 متر مكعب يوميًا من أصل 35,000، أي بنسبة تقليص بلغت 51 %. وفي المقابل، ارتفعت كمية الفاقد على هذا الخط نتيجة التعديات والوصلات غير القانونية من 2,500 إلى أكثر من 11,000 متر مكعب يوميًا، ما تسبب في خلل كبير بنظام التوزيع. أما خط ترقوميا، فتعرض لتقليص قاسٍ في التزود، إذ تراجعت الكمية المتوفرة عليه إلى ما بين 2,000 – 3,000 متر مكعب يوميًا، مقارنة ب20,000 في الوضع الطبيعي، أي بنسبة تقليص تصل إلى 90%. وسبق أن بلغت التعديات عليه قبل هذا التخفيض أكثر من 15,000 متر مكعب يوميًا، أي ما يزيد عن 75% من الكمية الأصلية، وهو ما استغله الاحتلال ذريعة لإغلاق الوصلات الرسمية، والإبقاء على تدفق المياه نحو المستعمرات والوصلات غير القانونية، في حين تُحمّل الحكومة الفلسطينية تكلفة هذه الكميات، رغم أن الخط يتبع لشركة "ميكوروت" التي تتنصل من مسؤوليتها في صيانته. وأشارت سلطة المياه إلى أنها تبذل جهودا حثيثة على أكثر من مسار للحد من آثار الأزمة، حيث تم خلال الشهر الجاري تشغيل بئر رقم (11) بطاقة إنتاجية 3,800 متر مكعب يوميًا، ويجري العمل على تشغيل بئر رقم (1) بطاقة قد تصل إلى 4,000 متر مكعب. كما يجري تطوير وتركيب مضخات جديدة لأربعة آبار ضمن خطة صيانة شاملة لتحسين كفاءة التزود. وأكدت أن الجانب الإسرائيلي بات يربط الاستجابة للمطالب الفلسطينية بوقف تقليص المياه، بارتفاع نسب الفاقد، في محاولة لتحميل المجتمع الفلسطيني مسؤولية الأزمة، والتغطية على سياسات الاحتلال، الأمر الذي يؤكد أهمية دعم المجتمع المحلي للحملة الوطنية لإزالة التعديات، بالتعاون مع محافظة الخليل والأجهزة الأمنية، والتي تواصل ضبط وإزالة عدد كبير من الوصلات غير القانونية، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعتدين. وناشدت سلطة المياه المواطنين الإبلاغ عن أي تعديات على خطوط المياه، والتعاون مع الجهات المختصة لحماية مصادر المياه من العبث، كما دعت الهيئات المحلية إلى رفع كفاءة إدارة التوزيع، والامتناع عن أي ممارسات تؤدي إلى حرمان المواطنين من حقوقهم. وأكدت أن تجاوز أزمة المياه في الخليل يتطلب جهدًا وطنيًا موحدًا، يشمل مواجهة سياسات الاحتلال، وتحسين الأداء المحلي في إدارة المياه، وتعزيز وعي المواطنين بمسؤولياتهم، باعتبار أن الأزمة ليست طارئة، بل نتاج واقع سياسي معقّد وظروف فنية وإدارية متراكمة، تستوجب استجابة جماعية فاعلة من جميع الجهات ذات العلاقة. خبراء أمميون: الاحتلال ينتهج الإخفاء القسري في غزة والضفة قال خبراء تابعون للأمم المتحدة، إن الاعتداءات التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرين شهراً أدت إلى انتشار أنماط واسعة من الإخفاء القسري في قطاع غزة وأجزاء أخرى من فلسطينالمحتلة، طالت العاملين في القطاع الصحي والصحفيين ومهنيين آخرين، بما في ذلك نساء وأطفال. وأوضح الخبراء، في بيان رسمي، أن نحو 4000 فلسطيني، من بينهم أطفال وكبار في السن، لا يزالون في عداد المفقودين منذ السابع من أكتوبر 2023، مطالبين بالكشف الفوري عن مصيرهم ومواقع احتجازهم، ومؤكدين أن الإخفاء القسري "لا يمكن تبريره حتى في حالات الحرب أو الطوارئ العامة". وأشاروا إلى أن التشريعات والأوامر العسكرية التي تسمح لقوات الاحتلال باحتجاز من تصفهم ب"المقاتلين غير الشرعيين" إلى أجل غير مسمى، تمثل خرقاً صريحاً للقانونين الدولي والإنساني، داعين إلى إنهاء هذه الانتهاكات الجسيمة. البيان أكد أن الحاجة الملحة الآن هي تحديد مصير المختفين قسرياً، سواء كانوا لا يزالون على قيد الحياة أو استُشهدوا داخل مراكز الاحتجاز. وأضاف أن فريق العمل الأممي المعني بحالات الإخفاء القسري يواصل توثيق الحالات، خصوصاً لأولئك الذين شوهدوا آخر مرة أثناء عبورهم لنقاط التفتيش أو داخل المستشفيات أو بعد اعتقالهم على يد قوات الاحتلال. وأكد الخبراء أن العديد من هذه الحالات لا تُبلّغ بها العائلات، وغالباً لا يتم تسجيلها رسمياً، ما يؤدي إلى انقطاع المعتقلين تماماً عن التواصل مع ذويهم أو محاميهم، في انتهاك صريح للحقوق الأساسية. كما حذر البيان من أن المعاناة النفسية التي يتعرض لها أهالي المختفين قد ترقى إلى مستوى التعذيب النفسي أو المعاملة اللاإنسانية، مطالبين سلطات الاحتلال بفتح تحقيقات مستقلة في حالات الوفاة أثناء الاحتجاز، وتسليم جثامين الضحايا إلى ذويهم. وأشار الخبراء إلى أن ضعف الإبلاغ عن هذه الحالات يعود في الغالب إلى الخوف من الانتقام أو غياب الثقة، داعين الأهالي والمجتمع المدني الفلسطيني إلى التواصل مع آليات الأممالمتحدة الخاصة للإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات. وأكد البيان أن الأممالمتحدة خاطبت حكومة الاحتلال رسمياً بشأن هذه الانتهاكات، لكنها لم تتلقَ أي رد حتى الآن. ويأتي هذا التحذير الأممي في ظل استمرار الاحتلال، بدعم مباشر من الولاياتالمتحدة، في تنفيذ إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، في تحدٍ صارخ للنداءات الدولية ولأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان. وقد أسفرت هذه الإبادة عن سقوط أكثر من 198 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، في ظل مجاعة أودت بحياة العديد من الأطفال، ودمار واسع طال كافة مناحي الحياة في القطاع. الجوع القاتل التهجير بتدمير المنازل