يفسر الباحثون الإقبال على الألعاب، بأنه يعبر عن التعلق والحنين إلى الماضي، وهو أمر مشروع بالنظر إلى السلبيات والضغوط السياسية والاقتصادية الكثيرة في عالم اليوم، وبشرط أن لا ينتهي الأمر بقضية خلع، مثلما فعلت امرأة خليجية مؤخراً، بحجة إدمان زوجها على لابوبو.. في عام 2024، خرجت لعبة على شكل دمية اسمها لابوبو، ولم يمض وقت طويل حتى تم بيعها بكميات كبيرة، وبقيمة إجمالية وصلت إلى 420 مليون دولار، وفي مدن عالمية، أهمها: باريس ولندن ولوس أنجليس وميتشيغان وبكين وطوكيو وبانكوك وغيرها، والسابق أوصل إيرادات شركة بوب مارت المصنعة للدمية، إلى مليار و800 مليون دولار، وارتفعت عوائدها من خارج الصين لأكثر من 375 %، أو بحوالي سبع مئة مليون دولار، و23 % من هذه النسبة سببها لابوبو، ومكاسب شركة اللعبة في أميركا، بحسب سيتي غروب، ارتفعت بنسبة 900 %، رغم التعريفات والقيود الجمركية بين الصين والولايات المتحدة، والناس يقفون في طوابير طويلة لشرائها، ولمدة قد تصل في المتوسط لأربع ساعات ونصف الساعة، ووصل الأمر إلى درجة سرقتها من النساء في الشارع، وأصبحت الدمية تباع في السوق السوداء، وفي مواقع المزادات على الإنترنت، وبآلاف الدولارات. مختصو علم النفس يعتقدون بأن لابوبو تتجاوز مفهوم اللعبة، وأنها وسيلة تنفيس، ومؤشر اقتصادي مهم، لأن شراءها يعطي إحساساً بالراحة النفسية الرخيصة، تماماً مثلما يحصل مع ما يعرف بتأثير أحمر الشفاه، أو اللايبستك ايفكت، والمعنى أنه عندما يعاني الناس مادياً، فإنهم يميلون لشراء أشياء غير مكلفة، تمنحهم الشعور بالملاءة المالية، واستناداً لهذا المفهوم يمكن النظر إلى لابوبو بوصفها دلالة على الركود الاقتصادي، وعلى قلة الأموال الموجودة في أيدي الأشخاص، وأن إقبال الميسورين عليها، يعطي محدودي الدخل ممن يشترونها، إحساساً يسمونه بالبدجت ثيرابي، وهو حالة لا تحدث إلا في حالة تراجع الاقتصاد. لعبة لابوبو الدمية بدأت كرسمة في 2011، وتحولت إلى شخصية في سلسلة حكايات مصورة اسمها الوحوش، أو ذا مونستورز عام 2015، وهذه السردية القصصية مأخوذة من التراث والأساطير الإسكندنافية، المعروفة بعفاريت الغابة، وتضم مجموعة من الشخصيات بجانب لابوبو، أبرزها، تيكوكو وزيمومو وسبوكي وباتو، وفي 2019، تعاقد مصممها كاسينغ لونغ، وهو هولندي تعود أصوله لهونغ كونغ، مع شركة بوب مارت الصينية وبشكل حصري، لصناعة لعبة من شخصية لابوبو وبيعها، ولكنها لم تحقق نجاحاً واسعاً إلا عام 2024، وذلك عندما أجرت ليسا، مطربة الفرقة الكورية الجنوبية الشهيرة، بلاك بينك، حواراً صحافياً، ظهرت فيه محتضنة لدمية لابوبو، وقالت بأنها بمثابة هوسها السري، وبصورة عفوية وتلقائية وبدون ترتيب، ونشرت أجزاء منه في صفحتها على إنستغرام. الأهم أن فرقة بلاك بينك التي تعمل فيها ليسا، تعتبر الأكثر مبيعاً وانتشاراً على مستوى العالم، فيما يخص الكيبوب، ويتابع حساب ليسا على إنستغرام، مئة وستة ملايين شخص، وهذا الرقم الفلكي، حول لابوبو من مجرد لعبة أطفال، إلى هوس عالمي يهتم به الكبار قبل الصغار، وبعد فترة قصيرة من اعتراف ليسا، وصل عدد مقاطع الفيديو الخاصة بلابوبو على تيك توك وحدها، لقرابة المليوني مقطع، وقد شارك فيها مشاهير ومؤثرون ونجوم موضة من كل الجنسيات، ومن المنطقة العربية لاحظت الممثلة نور الغندور، والفنان أحمد سعد، وكل هؤلاء كانوا يقومون بعملية الانبوكسينغ، أو فتح الصناديق العمياء لمعرفة ما بداخلها، حتى أن مجلات رجالية خالصة مثل: جي كيو، عرضتها باعتبارها إكسسوار فاخر لحقائب الرجال. اللافت أن بعض من يعتقدون بنظرية المؤامرة، وأغلبهم من العرب، يحيلون اسم لابوبو إلى الحاكم المسلم لجزيرة ماكتان الفلبينية، والذي قتل القس ماجلان، عند محاولته تنصير جزيرته، أيام الاستعمار الإسباني عام 1521، ويعتبرون اختصاره في دمية وحشية امتهان لشخصه ودوره، وآخرون يفسرون انتشارها ومبيعاتها العالية، إلى سحر الفودو الأفريقي، وهو نوع خطير من السحر الأسود، ويزعمون أنها تنشر الطاقة السلبية، وتربك حياة العوائل في البيوت، ولم يبقَ إلا القول بأنها خرجت من فيلم الرعب الأميركي، زوجة تشاكي، الذي عرض في 1998، وتشاكي وزوجته دميتان بداخلهما روحي زوجين مجرمين، وهما يرتكبون جرائم قتل وحشية طوال الفيلم، وفي المشهد الأخير تلد زوجة تشاكي دمية، وربما كانت لابوبو من يدري. تشير الأبحاث إلى أن سوق الألعاب العالمي، أصبح مشتركاً بين الكبار والصغار معاً، فقد قدرت شركة إنسايتس غلوبال، قيمته ب114 مليار و400 مليون دولار في 2024، ورجحت ارتفاعه إلى 203 مليارات و100 مليون دولار في 2034، وأظهرت دراسة لشركة سيركانا، حول مبيعات الألعاب في 12 سوقاً عالمياً، بأنها شكلت ما نسبته 34 % من إجمالي السوق، وجاء في مقدمتها لعبة البوكيمون، ومن ثم ألعاب من نوع باربي ومارفل وهوت ويلز وحرب النجوم، ويفسر الباحثون الإقبال على الألعاب، بأنه يعبر عن التعلق والحنين إلى الماضي، وهو أمر مشروع بالنظر إلى السلبيات والضغوط السياسية والاقتصادية الكثيرة في عالم اليوم، وبشرط أن لا ينتهي الأمر بقضية خلع، مثلما فعلت امرأة خليجية مؤخراً، بحجة إدمان زوجها على لابوبو، وإنفاقه الأموال عليها بشكل مبالغ فيه، وفي الرياض بارك محال تبيع اللعبة بألف ريال، أو 375 دولار، والإقبال عليها لا يصدق.