ومازالت وسائل التواصل الاجتماعي تمارس سلطة نافذة دون حسيب أو رقيب، وفي وضعية لا تكترث فيها بأي خطوط حمراء، لقد فتحت المجال أمام الجميع الصغير والكبير العاقل والجاهل، وقدمت منتجاتها ومخرجاتها بكل يسر وسهولة، وهنا الحديث عن الجانب السلبي الذي طغى وبغى في خضم انشغالنا بهذه الحياة وسيطرتها تقريبًا على جل اهتماماتنا؛ لذا ما أحوجنا اليوم إلى رفع مؤشرات الحذر والاهتمام. لقد أوغلوا في ذلك عبر شريحة من البشر يتسابقون إلى خلع ثوب الحياء، وهدم ما تبقى من الأخلاق الفاضلة والفطرة السليمة. لقد جنحوا إلى ذلك عبر مسار سلبي ملفت، وهكذا فإن ما يحدث ويدار عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. برامج أو تطبيقات إلكترونية يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا بل وفوق رؤوسنا أيضًا، فما تجره وتخلفه من آثار سلبية يعد شيئًا مخيفًا، وأعظم من أن يتم تجاهله وغض الطرف عنه بهذا الشكل؟! ديوانيات مجالس مساحات منتديات اجتماعات وحتى محاضرات وبرامج وتطبيقات كلها باتت ميسرة ومتاحة، وهو بحد ذاته ليس شرًا محض أو سلبية مطلقة إنما الشيء المخيف هنا هو تفعيل الجانب السلبي ودعمه وغض الطرف عن نموه وتقدمه وسهولة الوصل إليه من قبل أطياف المجتمع كافة الصغير قبل الكبير. إن انتشار تلك الوسائل وما تبثه أو تنقله من سموم دون حسيب أو رقيب يدفعنا وبقوة إلى فتح هذا الملف قبل أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة خصوصًا عندما تمكن التافهون والمنحطون من صنع وتقديم المحتوى وهنا مكمن الخوف والخطر. فعندما ترى تعلق وإدمان الأطفال بل إنهم يدفعون إليها ويرغمون عليها تقريبًا، فهنا الخطر، ومصدر الخطر هنا أو الخوف يكمن في كيفية التعاطي مع تلك الوسائل وسهولة الوصول إليها كما أسلفت خاصة عندما طغى المحتوى الرخيص على الجوانب الإيجابية. إن فتح المجال أمام أولئك المنبوذين أعطاهم الفرصة فخرجوا علينا من جحورهم، وأقبلوا من كل حدب وصوب ليعيثوا فسادًا، وباختصار لقد أوغلت تلك الوسائل في التقدم والتمكن في الوقت الذي لم نقدم فيه أدنى درجات الاهتمام حتى أصبحنا اليوم أمام خطر عظيم، والأخطر من ذلك هو ذلك التهاون واللامبالاة التي يقابل بها الأمر، رغم أن الخطر يتعاظم ويستشري يومًا بعد يوم؛ لذلك علينا أن نستحضر أهمية هذا الموضوع حتى نتمكن من معالجة الوضع والوقوف أمام ذلك المد الهائل لتلك الوسائل والتقنيات التي باتت اليوم أكثر خطرًا وأشد فتكًا. لا شك أننا بأمس الحاجة اليوم إلى وقفة إيجابية إن لم يكن إلا لحماية المستقبل والأجيال القادمة فهذا يكفي..