لم أقتنع قط بانتظار المستشفيات الخاصة للحصول على موافقة شركة التأمين الطبي على عمل إجراء طبي لمريض، ففي ذلك تأخير لتدخلات طبية ضرورية قد يجعل حالة المريض تسوء، خصوصا أن الموافقة تأتي من طبيب شركة التأمين المناوب وهو بالتأكيد لا يرقى لمستوى الطبيب الاستشاري في المستشفى الذي ينتظر موافقته، لكن يبدو أن بعض شركات التأمين أعجبها السكوت عن أمر هذه الموافقات وتمادت واستمرأت الأمر فأصبحت ترفض أكثر مما توافق، والأخطر أنهم يرفضون صرف (مجسات) إلكترونية تقنية ضرورية لمرضى القلب والسكر وهي جزء من العلاج!! ليس ذنب المريض ولا الطبيب ولا المستشفى الخاص أن الطبيب غير الخبير ولا الممارس (الموظف لدى شركة التأمين) يجهل أهمية الجهاز الإلكتروني عالي التقنية (المجس) أو الحساس الذي يلصق بصدر المريض أو ساعده أو أي جزء من جسمه ليقيس مؤشرات حيوية مهمة ويحولها إلى المستشفى عبر جوال المريض أو يسجلها في الجوال ليطلع عليها الطبيب خلال فترة زمنية محددة أو يقيس معدلاتها كل ثلاثة أشهر، وبناء عليه يحدد خطة علاج المريض وأدويته ويطلع على مدى تجاوبه مع العلاج من عدمه، أي أن تلك المجسات والحساسات جزء أساس من العملية العلاجية فبعضها يقيس نبضات القلب وضغط الدم أو مستوى السكر في الدم ومعدل السكر التراكمي وبعضها يذهب إلى أبعد من ذلك فيسجل تخطيطا للقلب (ECG) وينبه لحالات الخفقان، أي أن هذا الجهاز الصغير يستطيع إعطاء الطبيب فكرة كاملة عن العلامات الحيوية للمريض (vital signs)، وأكثر من ذلك والمريض في بيته ويمارس حياته الطبيعية، ثم يأتيك موظف شركة التأمين ليرفض صرف الجهاز لجهل تام بأهميته، والإنسان عدو ما يجهل. وعندما نقول (بعض شركات التأمين وليس كلها) فإن ذلك أوضح دليل على أن رفض شركة التأمين لصرف تلك الحساسات أو المجسات أو أجهزة القياس الإلكترونية نابع عن جهل الطبيب الذي باشر طلب موافقة الشركة على صرف المجس، فقام برفضه لأنه يجهل أن الجهاز الحساس أو المجس هو من أهم عناصر العملية العلاجية والتشخيصية، بل ربما أن طبيب الشركة جاء من مدرسة لم يصلها بعد التطور الطبي الذي وصلنا إليه في السعودية العظمى، لذا فإنني أؤكد دوما على أن انتظار موافقة شركة التأمين على الإجراء الطبي خطوة غير منطقية، خصوصا أن عقد التأمين يحدد الأمور المستثناة من مسؤولية شركة التأمين الطبي مثل عمليات التجميل لغير تشوهات الحوادث أو عمليات الأسنان غير العلاجية كالتبييض وخلافه، أما ما هو عنصر علاجي أساس في العملية العلاجية بقرار طبيب المستشفى المؤتمن على حياة المريض فلا يحق لأحد تأخيره ناهيك عن رفضه، وللمعلومية فإن بعض تلك المجسات (Sensors) تحتاج إلى استبدالها كل أسبوعين ويعاني مرضى القلب والضغط والسكر من رفض بعض شركات التأمين الطبي شمولها في التأمين، مع أنها غير مستثناة في بوليصة التأمين ولا يجب قبول أي استثناء لها فهي جزء من العلاج وأحيانا كل العلاج.. والله أعلم وأحكم.