تواصل الحرب الدائرة في السودان دفع أعداد متزايدة من المدنيين إلى الفرار من منازلهم، مع اتساع نطاق المواجهات التي دخلت عامها الثالث وحولت مساحات واسعة من البلاد إلى مناطق طاردة للسكان. وقالت منظمة الهجرة الدولية، التابعة للأمم المتحدة، إن التصعيد الأخير في وسط السودان أدى إلى نزوح نحو ألفي شخص خلال الأيام الثلاثة الماضية فقط، مما يضيف فصلاً جديدًا إلى موجة النزوح الأكبر في تاريخ البلاد. ووفق بيان المنظمة الصادر، فقد فر السكان من عدة بلدات وقرى في منطقة بارا بولاية شمال كردفان، بين الجمعة والأحد. وأصبحت كردفان، إلى جانب غرب دارفور، مركزًا رئيسيًا للعمليات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، التي تخوض صراعًا مفتوحًا على السلطة والسيطرة منذ اندلاع الحرب في عام 2023. موجات النزوح وبحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة، فإن عدد النازحين في الفترة بين 26 أكتوبر و9 نوفمبر فقط بلغ حوالي 38.990 شخصًا، فروا من بلدات وقرى تشمل بارا، والشيخان، والرهد، وأم روابة، وأم سيالة، وسكرة. وتوجهت الغالبية نحو شمال كردفان، بما في ذلك منطقة شيكان، إضافة إلى الخرطوم وأم درمان، على الرغم من المخاطر الأمنية القائمة هناك أيضًا. وفي تطور ميداني مواز، أعلنت قوات الدعم السريع، الإثنين، أن مقاتليها وصلوا «بأعداد كبيرة» إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، وأنهم على مشارف مقر قيادة الجيش في المنطقة. مخيمات مكتظة والهجمات الأخيرة في دارفور، بخاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، أدت إلى مقتل المئات وتشريد عشرات الآلاف نحو مخيمات مكتظة، وسط شهادات وتقارير عن ارتكاب فظائع بحق المدنيين. وقالت منظمات الإغاثة ومسؤولو الأممالمتحدة إن المخيمات الحالية لم تعد قادرة على استيعاب النازحين الجدد، بينما تستمر موجات الهروب الجماعي من القرى المحاصرة بالنيران ونقاط التفتيش. طمس الأدلة وفي موازاة النزوح، تتزايد الشهادات حول فظائع ارتكبت في دارفور، خصوصًا في مدينة الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها. فقد أعلنت شبكة أطباء السودان أن قوات الدعم السريع قامت بانتشال مئات الجثث من شوارع المدينة ودفن بعضها في مقابر جماعية، بينما أحرقت جثث أخرى، في خطوة وصفتها الشبكة بأنها محاولة لإخفاء الأدلة على «جرائم ارتكبت ضد المدنيين». ودعمت تقارير مستقلة هذه الرواية، حيث أظهرت صور أقمار صناعية جرى تحليلها أن قوات الدعم السريع تتخلص من الجثث بعد اجتياح المدينة. الصور التي التقطتها شركة «فانتور» الأميركية أظهرت حريقًا كبيرًا في المستشفى السعودي بالفاشر، بالقرب من مجموعة أجسام بيضاء كانت قد ظهرت في صور سابقة، ما أثار شبهات حول حرق جثث بالآلاف. ومختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة في جامعة ييل، الذي قام بتحليل الصور، وصف محتوى اللقطات بأنها تظهر «حرق أشياء قد تكون متسقة مع الجثث»، ما يضع قوات الدعم السريع تحت ضغط إضافي من المنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان.