في وقت تتسارع فيه المتغيرات وتتزايد فيه التحديات الاقتصادية والمالية، برزت مهنة "الاكتواري" كخط دفاع متقدم لإدارة المخاطر وتعزيز الاستقرار المالي، وعلى الرغم من الأهمية المتنامية لهذا التخصص عالميًا، إلا أنه لا يزال في طور التعريف والتأسيس في المملكة، ووسط هذا المشهد، تتصدر المستشارة أشواق الزهراني مشهد الريادة، كأول سعودية تحصل على زمالة العلوم الاكتوارية، ومؤسسة فاعلة في نشر ثقافة هذا التخصص الحيوي، وصناعة مستقبلٍ مهنيٍّ واعدٍ للشباب السعودي. وأشواق الزهراني ليست فقط واحدة من ثلاثة اكتواريين معتمدين في المملكة، بل هي أيضًا الوحيدة بين النساء، إنجازها يعكس اجتيازها لمسار أكاديمي ومهني دقيق، يتطلب سنوات من الدراسة العميقة، والنجاح في اختبارات معقدة على مستوى دولي، وهي تمثل اليوم نموذجًا ملهمًا للطموح النسائي السعودي في أحد أصعب وأهم التخصصات في الاقتصاد الحديث. وإلى جانب تميزها المهني، أسست الزهراني شركة "ريسك آي كيو" -Risk IQ- المتخصصة في تقديم حلول إدارة المخاطر والاستشارات المالية، ما يعكس إسهامها العملي في دعم الشركات والمؤسسات السعودية، كما تشغل منصب مستشارة في برنامج العلوم الاكتوارية بجامعة الملك سعود، حيث تنقل خبرتها إلى الجيل الجديد، وتشارك في بناء كفاءات وطنية متميزة في هذا المجال. وأشارت الزهراني أن مهنة الاكتواري تتقاطع مع عوالم الرياضيات، والإحصاء، والتمويل، وإدارة الأعمال، وهم خبراء يقدّمون للشركات أدوات تحليل متقدمة لمواجهة التحديات المستقبلية، ورغم أن الحضور الأكبر لهم في شركات التأمين، إلاّ أن الاكتواريين يتواجدون أيضًا في البنوك، وصناديق التقاعد، والاستثمار، والرعاية الصحية، والجهات الحكومية. وتُظهر الزهراني أن المهنة لا تزال في بدايتها في المملكة، إذ تضم اليوم خمس جامعات تقدم برامج في العلوم الاكتوارية، ويواصل نحو 200 طالب دراساتهم لبلوغ الاعتماد المهني، ورغم قلة عدد الاكتواريين المعتمدين، فإن المستقبل يبدو مشرقًا، في ظل السياسات التنظيمية الجديدة، مثل اشتراط "هيئة التأمين" تعيين اكتواري سعودي معتمد في كل شركة تأمين بحلول عام 2027. وترى الزهراني أن مهنة الاكتواري ستكون جزءًا أساسيًا من مستقبل الاقتصاد السعودي، خاصةً في ظل التوسع في مشاريع الاستدامة وتنويع مصادر الدخل، ضمن مستهدفات رؤية 2030، وتؤمن بأن المجال يمثل فرصة مهنية مؤثرة لمن يملك الشغف بالرياضيات، ويرغب في بناء مسار حيوي يسهم في استقرار الاقتصاد الوطني.