تُواصل وزارة الثقافة تنفيذ فعاليات أول هاكاثون لابتكار السياسات في المملكة تحت عنوان "تحدي الابتكار الثقافي (بوليسيثون)"، برعاية صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة. وقد انطلق التحدي خلال شهر مايو الفائت، ليشكّل حدثًا وطنيًا تفاعليًا يهدف إلى تعزيز روح الابتكار في تصميم السياسات الثقافية، وتمكين الكفاءات السعودية من تطوير حلول واقعية تُسهم في نمو وازدهار القطاع الثقافي. يُعد تحدي الابتكار الثقافي (بوليسيثون) منصة وطنية غير تقليدية تهدف إلى إشراك أبرز الكفاءات الوطنية في تصميم سياسات ثقافية مبتكرة، تواكب تطلعات المرحلة المقبلة، وتدعم بناء قطاع ثقافي حيوي ومستدام. ويُقام الحدث بمشاركة نخبة من الخبراء العالميين والمسؤولين الحكوميين، لمناقشة أحدث الاتجاهات والتجارب الرائدة في تصميم السياسات الثقافية، في تجربة معرفية تجمع بين الإبداع والتخطيط. ويُتيح "بوليسيثون" للمشاركين فرصة التعاون المباشر مع مختصين محليين ودوليين، ضمن بيئة مهنية تفاعلية تسهم في تطوير سياسات ذات أثر حقيقي، تتسم بالمرونة، والارتباط الوثيق بالاحتياجات المجتمعية. أهداف (بوليسيثون).. ينطلق التحدي من ثلاثة أهداف رئيسة تشكّل جوهر رؤيته: أولا، تصميم سياسات ثقافية مبتكرة ومرنة قادرة على مواكبة التغييرات المتسارعة محليًا وعالميًا، وتُسهم في تنمية القطاع الثقافي بجودة وفعالية. ثانياً، نشر ثقافة تصميم السياسات الثقافية وتنمية الوعي حول أهميتها ودورها في تحقيق تنمية ثقافية واجتماعية واقتصادية مستدامة. ثالثاً، ترسيخ مبدأ التصميم التشاركي من خلال إشراك المجتمع في ابتكار سياسات ثقافية تتمحور حول المستفيد وتلبي احتياجاته. ويرتكز التحدي على مفهوم "التصميم التشاركي للسياسات الثقافية"، كأداة حديثة تدمج الخبرات المتنوعة في معالجة التحديات، من خلال تحليل الواقع وصياغة حلول قابلة للتطبيق. كما يسعى إلى تمكين فئات المجتمع من التعبير عن رؤاهم تجاه القضايا الثقافية، وتحويلها إلى سياسات تستجيب للتحولات المجتمعية المتسارعة. ويندرج التحدي ضمن خمسة مسارات ثقافية رئيسة، صاغتها الوزارة بدقة لتتناول أولويات المرحلة، وجاءت على النحو الآتي: 1- اللغة العربية: كيف يمكننا الحفاظ على اللغة العربية وتعزيزها كمكون أساسي من مكونات الهوية السعودية، بما يتضمن استمراريتها وتعزيز حضورها في التعليم والحياة اليومية والثقافة الوطنية؟ 2- السياحة الثقافية: كيف يمكننا زيادة الإقبال على الأصول التراثية في المملكة واستثمارها في تعزيز التجربة الثقافية والسياحية؟ 3- العادات الأصيلة: كيف يمكننا ضمان استمرارية ممارسة العادات المحلية وإبرازها كعنصر أساسي ومحرك للاعتزاز والانتماء الوطني؟ 4- المحتوى الثقافي للأطفال: كيف يمكننا إثراء المحتوى الثقافي العربي للأطفال بمحتوى مبتكر وجاذب يعزز استهلاكهم الثقافي، ويسهم في ترسيخ الهوية الوطنية في سن مبكرة؟ 5- المراسيم والأعياد: كيف يمكننا ترسيخ هوية متميزة لعيد الفطر وعيد الأضحى وموسم رمضان، وتعزيز الارتباط الثقافي بها لصنع فرص سياحية جاذبة بطابع حديث؟ من الفكرة إلى الأثر.. تمتد تجربة المشارك في "بوليسيثون" عبر خمس مراحل متكاملة، بدأت في 22 مايو الماضي بتقديم المشاركات واختيار المسار المناسب، ثم إعلان النتائج في 26 يونيو الجاري. وتبع ذلك تنظيم معسكر افتراضي تدريبي من 1 إلى 14 يوليو المقبل، تضمّن ورش عمل وجلسات إرشادية، يليه معسكر حضوري تطبيقي من 19 إلى 22 يوليو، لتطوير المقترحات وصقلها ميدانيًا. وتُختتم التجربة بالحفل الختامي في مدينة الرياض بتاريخ 23 يوليو، بحضور الفرق والخبراء والممثلين من الجهات الحكومية والثقافية. يحصل المشاركون على تجربة تعليمية وتطبيقية ثرية، تشمل التعلّم، والتدريب العملي، وبناء علاقات مهنية واسعة. كما تُمنح المراكز الثلاثة الأولى جوائز مالية تتجاوز 500 ألف ريال سعودي، إضافة إلى أن المخرج النهائي من تحدي الابتكار الثقافي هو إعداد ملف متكامل لتصميم سياسة ثقافية مبتكرة، تعكس الرؤية الإبداعية للمشاركين ويُراعي احتياجات الفرصة المطروحة. نموذج وطني للتمكين الثقافي.. يُجسّد "تحدي الابتكار الثقافي" توجه وزارة الثقافة نحو فتح مسارات جديدة للمشاركة المجتمعية في تصميم السياسات الثقافية، وتحويل الثقافة إلى قوة تنموية ترتكز على العلم والمعرفة والابتكار. كما يُعزز المشروع من مكانة السياسات الثقافية بوصفها أداة حيوية لتشكيل المستقبل الثقافي للمملكة، بما ينسجم مع تطلعات "رؤية السعودية 2030".