"غرفة نجران :تستعد غدًا لإنطلاقة فعاليات منتدى نجران للاستثمار 2025"    أمير قطر يتلقى اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الأمريكي    حرارة شديدة ورياح على أجزاء من عدة مناطق في المملكة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    الإسلام دين الرحمة والتسامح لا مكان للكراهية والعنف    البرتغال وإسبانيا تجهزان الاتفاق للموسم الجديد    صندوق الاستثمارات يؤسس برنامجاً عالمياً للأوراق التجارية    حكاية مؤرخ رحل    أمير القصيم : عنيزة تمتاز بالسياحة الريفية والعلاجية    موعدنا في الملحق    ولي العهد للشيخ تميم: السعودية وضعت كافة إمكاناتها لمساندة الأشقاء في قطر    الأخضر السعودي لرفع الأثقال البارالمبية يحقق إنجازات عالمية في كأس العالم بالصين    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره خطر    دراسة تحذر من تأثير ضربات الرأس في كرة القدم    «الأخضر» يصل سان دييغو لملاقاة المكسيك السبت المقبل    صحف عالمية: سالزبورغ خطف نقطة من الهلال    تداول يعوض خسارة بداية الأسبوع ويرتفع 135 نقطة    محمد بن سلمان: رؤية تُحوِّل الأحلام إلى حقائق    ترمب يدعو إيران لصناعة السلام    واشنطن تصدر «تحذيراً عالمياً» للأميركيين    الذكاء الاصطناعي والاستقلال المالي يشكلاّن مستقبل الإعلام    ختام مشاركة المملكة في معرض سيئول الدولي للكتاب    السدو.. نسيج الذاكرة ومرآة الهوية    6000 موقع عمراني جديد في السجل الوطني للتراث العمراني    "المركزي السعودي" ركيزة الاقتصاد وداعم الرؤية    وطن الشموخ    صناعتا الورق والمعدات الكهربائية تتصدران النمو الصناعي    افتتاح فعاليات منتدى الصناعة السعودي 2025    يرجى عدم المقاطعة!    تصعيد إيراني: ضربات تستهدف قواعد أمريكية في الخليج    قطر تعلن التصدي لصواريخ إيرانية والاحتفاظ ب"حق الرد المباشر"    قنصل إيران يشيد بجهود السعودية لتسهيل مغادرة حجاج بلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأمير فيصل بن خالد    قطر: تنويه بعض السفارات لرعاياها لا يعكس تهديدات محددة    "ومن أحياها" تستقطب 294 متبرعا بالدم خلال 3 أيام    الجوازات تواصل إنهاء إجراءات مغادرة الحجاج عبر كافة المنافذ    إنزاغي راض عن أداء الهلال أمام سالزبورغ    موعد والقناة الناقلة لمباراة السعودية والمكسيك في الكأس الذهبية    العربي إلى المرتبة الثالثة عشر ( بلدية محايل )    إطلاق النسخة ال5 من مبادرة السبت البنفسجي    علقان التراثية    المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول للكتاب.. الثقافة السعودية تعزز حضورها عالمياً    "فلكية جدة": القمر يقترن ويحجب نجم الثريا    الناصر في حوار مع "بلومبيرغ": دور السعودية سيظل رئيسياً في ضمان أمن الطاقة    السعودية تدين الهجوم على كنيسة في دمشق    اقبلوا على الحياة بالجد والرضى تسعدوا    حملة لإبراز المواقع التاريخية في العاصمة المقدسة    طهران: أخلينا المنشآت النووية في ثلاث مدن رئيسية    وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    ضبط مقيم لنقله 13 مخالفاً لنظام أمن الحدود    نصائح لتجنب سرطان الجلد    العمل ليلا يصيب النساء بالربو    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    الجبهة الداخلية    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أولوية وطنية.. نقلة نوعية في مصادر الطاقة
نشر في الرياض يوم 09 - 05 - 2025

عند الحديث عن المملكة العربية السعودية، كثيرون ما زالوا يستحضرون صورة بلد يرتكز اقتصاده بالكامل على النفط. لكن المعادلة تغيرت جذريًا.. المملكة، التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم بعد فنزويلا، تقود اليوم واحدًا من أضخم تحولات الطاقة في الشرق الأوسط، مدفوعة برؤية إستراتيجية تسعى لتقليص الاعتماد على النفط، وفرض حضور سعودي في سباق الاقتصاد الأخضر العالمي. على مدى أكثر من سبعة عقود، شكّل النفط عصب الاقتصاد السعودي، إذ مثل نحو 90 % من الإيرادات الحكومية في فترات سابقة. غير أن الصدمات المتكررة في أسعار النفط، وأزمات المناخ العالمية، دفعت القيادة إلى كسر معادلة الاعتماد الأحادي. اليوم، بات الحديث يدور عن «مزيج طاقي سعودي»، وعن اقتصاد متكامل لا تحكمه براميل النفط وحدها.
هدف طموح
في ظل رؤية 2030، حددت السعودية هدفًا طموحًا: إنتاج 50 % من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030، مقابل تقليص الاعتماد على الوقود السائل. وبحسب وزارة الطاقة، فإن إجمالي الطاقة المتجددة المخطط لها يبلغ 58.7 جيجاواط، تشمل 40 جيجاواط من الطاقة الشمسية و16 جيجاواط من الرياح. لكن هذه الأرقام لا تُفهم إلا عند مقارنتها بواقع ما قبل 2016، حيث لم تكن هناك مشاريع تشغيلية متجددة فعلية. اليوم، تم تشغيل مشاريع مثل "سكاكا" الشمسية بقدرة 300 ميجاواط، ومزرعة "دومة الجندل" لطاقة الرياح بقدرة 400 ميجاواط، ما شكّل بداية حقيقية للتحول من الخطط إلى التنفيذ.
استثمارات هائلة
بموجب برنامج الطاقة المتجددة الوطني (NREP)، دخلت مشاريع جديدة مرحلة التنفيذ بقدرة تتجاوز 4 جيجاواط في 2023 وحدها، من أبرزها: "الرس 2" (700 ميجاواط)، و"سعد 2"، و"الكويسية". هذه المشاريع، الموزعة على أكثر من خمس مناطق، ستكفي لتغذية أكثر من 750 ألف وحدة سكنية. ويقدّر حجم الاستثمارات الحالية في هذا القطاع بنحو 122 مليار ريال، ما يؤكد وجود التزام فعلي بتحقيق نقلة نوعية لا مجرد تحسين شكلي في مصادر الطاقة.
أكثر من ممول
يلعب صندوق الاستثمارات العامة دورًا محوريًا في هذه الاستراتيجية، ليس كمستثمر تقليدي، بل كمحفّز لبناء منظومة طاقة متكاملة. مشروع "الشعيبة 2" في مكة، بطاقة إنتاجية 2.06 جيجاواط، يشكّل علامة فارقة، إذ يعد الأكبر من نوعه في المنطقة ويُنتظر أن يبدأ تشغيله في 2025. ويقول الدكتور محمد الجسار، عضو جمعية اقتصاديات الطاقة: "ما يفعله صندوق الاستثمارات ليس تمويلًا لمشاريع فحسب، بل هندسة جديدة لسوق الطاقة، تبدأ من الإنتاج، وتمر بسلاسل الإمداد، وتصل إلى تكوين شركات محلية جديدة".
توطين التقنية والصناعة
التحول الطاقي لا يُقاس بالإنتاج فقط، بل بالتوطين. وفي هذا السياق، تم تأسيس 3 شركات صناعية ناشئة لتصنيع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، بقدرة سنوية تفوق 30 جيجاواط. ولأول مرة، تم تصنيع أجزاء من مشروع "دومة الجندل" داخل المملكة، في إشارة واضحة إلى بداية تشكل سلسلة إمداد محلية. وتسعى وزارة الطاقة إلى توطين 60 % من سلسلة القيمة في مشاريع الطاقة المتجددة بحلول 2030، وهو ما يعني توفير آلاف الفرص الوظيفية النوعية في الهندسة، والتصنيع، والخدمات المساندة.
من هامش إلى محور
منذ إطلاق جولات التخصيص عبر نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (IPPs)، برز دور شركات سعودية وخليجية وعالمية في تنفيذ وتشغيل المشاريع. وتجاوزت أسعار بيع الكهرباء من الطاقة الشمسية في السعودية حاجز التنافسية، حيث تم تسجيل أقل تكلفة عالمية في 2021 بسعر 1.04 سنت أمريكي لكل كيلوواط / ساعة. ويؤكد الباحث في الطاقة المتجددة، علي آل معلم: "السعودية اليوم تخلق سوقًا تنافسيًا للطاقة النظيفة، وتدفع القطاع الخاص ليكون لاعبًا رئيسيًا، لا مجرد مقاول".
مدن تكتب المستقبل
تعد العاصمة الرياض حاضنة أولى لتجارب شبكات الطاقة الذكية وتحسين كفاءة المباني الحكومية. وفي نيوم، تُبنى مدينة أوكساچون الصناعية كمركز عالمي للهيدروجين الأخضر، إذ أعلنت شركة نيوم للهيدروجين الأخضر أنها ستنتج مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا بدءًا من 2026. أما مشاريع مثل البحر الأحمر وأمالا، فستعمل بالكامل على مصادر الطاقة المتجددة دون اتصال بالشبكة الوطنية، في تجربة فريدة لتحييد الكربون في مشاريع سياحية متكاملة.
التحديات على الطاولة
رغم الإنجازات، لا تزال التحديات قائمة. فغياب التشريعات المرنة لتغذية الشبكة الكهربائية بالطاقة الشمسية من المنازل والمباني يمثل عائقًا لتوسيع المشاركة المجتمعية. كما أن الكوادر المحلية المؤهلة لا تزال محدودة، خاصة في تخصصات النمذجة، وتحليل البيانات، وإدارة الشبكات المتجددة.
بين "G20" وقمم المناخ
بحسب تقرير مجموعة العشرين لعام 2024، تصدرت السعودية دول المجموعة في معدل نمو الطاقة المتجددة بنسبة 58.73 %، ما يضعها ضمن قائمة الدول الأسرع تحولًا في هذا القطاع. كما أعلنت المملكة عن مبادرة "السعودية الخضراء"، ومساهمتها في صندوق التحول الطاقي الدولي. في قمة المناخ COP28، قدّمت السعودية ملفًا متماسكًا عن خطتها للوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2060، باستخدام تقنيات التقاط الكربون والهيدروجين الأخضر، دون التأثير على استقرار سوق الطاقة العالمي.
ما يحدث في السعودية ليس تحديثًا لقطاع الكهرباء، بل تحوّل جذري في فلسفة الاقتصاد.. المملكة، التي كانت تُصنف تاريخيًا ضمن الدول المصدّرة للنفط فقط، تضع اليوم نفسها على خارطة الابتكار الطاقي، وتقدّم نموذجًا عربيًا يُحتذى به في موازنة الاستدامة بالنمو، والبيئة بالتنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.