الواقع المعزز يعيد تعريف الحاضر، ويصنع مستقبلًا أكثر إنسانية وتواصلًا وابتكارًا في وقت يتسارع فيه التحول الرقمي، وتُعيد فيه التقنيات الناشئة رسم ملامح حياتنا اليومية، يبرز الواقع المعزز كإحدى أكثر الأدوات تأثيرًا في بناء تجارب غامرة وتفاعلية عبر العالم. وبينما تحتفل الأممالمتحدة باليوم العالمي للإبداع والابتكار في 21 أبريل، نُلقي الضوء على تجربة فريدة ومُلهمة تنطلق من المملكة العربية السعودية — مع منصة تُعد من أكثر التطبيقات تأثيرًا في حياة الأفراد: سناب شات. في هذه المقابلة الحصرية، نتحاور مع عبدالله الحمادي، المدير العام لشركة سناب شات في السعودية، حول كيف تساهم تقنيات الواقع المعزز في تمكين التجارة، ودعم التعليم، وإثراء الفعاليات الثقافية، وبناء تجارب إنسانية حقيقية — كان أحدثها الفعالية الرمضانية بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، التي جمعت التقنية بالعاطفة في إطار من الإبداع المسؤول. حديثنا مع الحمادي لا يقتصر على الأرقام والتقنيات، بل يستعرض رؤية استراتيجية لسناب شات في دعم الابتكار المحلي، وتمكين المواهب، والمساهمة الفعلية في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030. الواقع المعزز من أكثر التقنيات تأثيرًا اليوم، كيف ترى هذا التطور؟ وما أبرز الأرقام التي تعكس إمكاناته؟ الواقع المعزز لم يعد مفهومًا مستقبليًا، بل أصبح محركًا رئيسيًا لتغيير الطريقة التي نعيش بها يوميًا. وفقًا لتقارير السوق، من المتوقع أن يصل حجم سوق تقنيات الواقعين المعزز والافتراضي إلى 100 مليار دولار بحلول 2030، بعد أن كان يقدّر ب22 مليار في 2022. اليوم، يستخدم أكثر من 300 مليون شخص الواقع المعزز يوميًا، و250 مليون منهم يتفاعلون مع عدسات الواقع المعزز عبر سناب شات فقط. أما في السعودية، فنحن نفخر بأن أكثر من 85% من مستخدمي سناب شات في المملكة يستخدمون هذه التقنية بشكل منتظم — وهذا يجعل المملكة من أعلى الدول تبنيًا للواقع المعزز عالميًا. دراسات المستهلكين تشير إلى أن 80% يشعرون بثقة أكبر عند استخدام AR أثناء التسوق، و60% أقل عرضة لإرجاع المنتجات بعد تجربتها باستخدام التقنية — ما يعكس التحوّل من مجرد ترفيه إلى أداة فعّالة في قرارات الشراء. ما الذي يميز سناب شات في قيادة هذه الثورة؟ منذ أكثر من عقد، وضعنا الواقع المعزز في قلب تجربة سناب شات، وليس فقط ميزة تكميلية. لدينا اليوم أكثر من 6 مليارات تفاعل يومي مع عدسات AR. ما يميزنا أننا ندمج هذه التقنية بسلاسة في حياة المستخدم اليومية — سواء كان ذلك للتعبير عن الذات، التسوق، التعلم أو حتى التواصل الإنساني. من خلال أدوات مثل Snap Camera Kit وLens Studio، نوفّر للمبدعين والعلامات التجارية بيئة متكاملة لتصميم تجارب غامرة. عملنا على مشاريع رائدة مثل عدسة لغة الإشارة العربية في معرض الرياض الدولي للكتاب، ومبادرة TASAWAR التي ربطت الموضة السعودية بالواقع المعزز. كيف ساهمت تقنياتكم في تجارب رمضانية مبتكرة؟ رمضان بالنسبة لنا في سناب شات هو موسم التفاعل الإنساني والمجتمعي. أطلقنا مبادرة Ramadan AR Mall التي مكّنت المستخدمين من التسوق بطريقة تفاعلية وممتعة، من تجربة المنتجات حتى اتخاذ القرار الشرائي. كما صممنا عدسات رمضانية خاصة للتهنئة والتعبير عن المشاعر، بالإضافة إلى عدسات توعوية سلطت الضوء على القصص الرمضانية والمفاهيم الثقافية. وفي عام 2023، أظهرت البيانات أن 60% من المستخدمين في السعودية فضّلوا تجربة المنتجات عبر AR قبل الشراء. حدّثنا عن تأثير الواقع المعزز في الثقافة والتعليم نحن نؤمن أن AR هو الجسر بين المعرفة والتجربة. في معرض الرياض الدولي للكتاب، وفّرنا تجربة فريدة حيث "تنبض" الكتب بالحياة من خلال عدسات تفاعلية، تتيح عرض الاقتباسات ثلاثية الأبعاد وتشجع على القراءة بطرق ممتعة. أما أبرز إنجاز، فكان إطلاق أول عدسة للغة الإشارة العربية في منطقة الشرق الأوسط بالشراكة مع وزارة الثقافة — عدسة تستخدم التعلم الآلي للتعرف على 28 حركة في لغة الإشارة، ما ساهم في دمج فئة الصم بشكل فعال في التجربة الثقافية. هل تعتقدين أن الإعلام العربي مستعد لتبني تقنيات الواقع المعزز؟ وما هي الخطوات المطلوبة لتسريع هذا التحول؟ الإعلام العربي أمام فرصة ذهبية ليكون في طليعة الابتكار عبر تبنّي تقنيات الواقع المعزز، لا سيّما في ظل النمو المتسارع للمنصات الرقمية. وتبرز السعودية كمثال رائد في هذا المجال، إذ تُسجّل أعلى معدلات استخدام للواقع المعزز في الشرق الأوسط، ما يؤكد جاهزية الجمهور المحلي لتجارب إعلامية تفاعلية وحديثة. لكن اغتنام هذه الفرصة يتطلب خطوات عملية، تبدأ أولاً بالاستثمار في الأدوات والتدريب. فالمؤسسات الإعلامية بحاجة إلى تمكين الصحفيين والمبدعين من فهم وتوظيف تقنيات الواقع المعزز لإنتاج محتوى يواكب العصر. الأمر لا يقتصر على استخدام التقنية لمجرد الاستخدام، بل يتطلب توظيفها لصناعة قصص ذات بعد إنساني ومعنًى، تضيف قيمة حقيقية للمحتوى الإعلامي. ومن الضروري أيضاً التكامل مع المنصات الرقمية، كما رأينا في نجاح عدسات سناب شات، حيث يمكن للإعلام أن يقدّم تجربة أكثر تفاعلية للجمهور من خلال دمج AR في التطبيقات والمواقع الإخبارية. هذا إلى جانب أهمية الشراكة مع الشركات التقنية الرائدة مثل سناب شات، لتطوير حلول مبتكرة تستجيب لاحتياجات الجمهور العربي. أنا مؤمن بأن الإعلام الرقمي عندما يُدمج مع الواقع المعزز، فإنه يُعيد تعريف مستقبل السرد القصصي. وقد تناولنا هذا المفهوم في ورشة عمل خلال منتدى الإعلام السعودي هذا العام، وكانت تجربة ملهمة للغاية، حيث ناقشنا كيف يمكن للواقع المعزز أن يفتح آفاقاً جديدة في الصحافة، من خلال: ● التقارير التفاعلية: عرض البيانات بطريقة ثلاثية الأبعاد تنقل المشاهد إلى قلب الحدث. ● الرواية البصرية: إعادة إحياء المواقع التاريخية بأسلوب تفاعلي يعيد صياغة الذاكرة البصرية. ● التغطيات الرياضية: تقديم إحصائيات ومؤثرات مباشرة خلال المباريات، مما يعزز تجربة المشاهدة. باختصار، الإعلام الرقمي + الواقع المعزز = مستقبل السرد القصصي العربي. كيف تدعمون مستقبل الواقع المعزز في المملكة؟ المملكة العربية السعودية تُعد من أكثر الأسواق تفاعلاً مع تقنيات الواقع المعزز على مستوى العالم، حيث يستخدم أكثر من 85% من مستخدمي سناب شات في المملكة عدسات AR بشكل يومي. هذا التفاعل الكبير يعكس مدى اندماج التقنية في حياة الأفراد اليومية، ويؤكد أن المملكة في طليعة الابتكار الرقمي. مؤخرًا، زار المملكة السيد "كي بان"، مدير هندسة الرؤية الحاسوبية في شركة Snap Inc.، والتقى بمجموعة متميزة من عملائنا و شركائنا في القطاعين الخاص والعام لاستعراض أحدث تقنيات الواقع المعزز التي تطورها الشركة و على رأسها نظارات الواقع المعزز Spectecles لتسليط الضوء على دور الواقع المعزز كأداة محورية تُحدث تحولًا نوعيًا في قطاعات التجارة، والتعليم، والترفيه، والتواصل الاجتماعي مما اثار الكثير من الاهتمام كما أشار إلى كيف تسهم تقنيات "سناب شات" في إعادة تعريف السرد البصري، من خلال تمكين الأفراد والعلامات التجارية من تقديم قصص رقمية تفاعلية تمزج بين العالمين الواقعي والرقمي، بما ينسجم مع الثقافة المحلية ويُثريها. وتُعد هذه الزيارة تأكيدًا على التزام "سناب شات" العميق بالمملكة، ليس فقط كتطبيق تواصل، بل كمحفّز للابتكار، وجسر فعّال بين التكنولوجيا والإبداع المحلي، بما يدعم مستهدفات رؤية السعودية 2030. ماذا تقول للمبدعين ورواد الأعمال الراغبين في دخول عالم الواقع المعزز؟ أقول لهم: الفرصة الآن. الواقع المعزز هو مساحة خصبة للإبداع والتأثير التجاري. من خلال أدوات مثل Lens Studio، يمكن لأي مبدع تصميم عدسات وتحقيق دخل من خلالها. بياناتنا تُظهر أن التفاعل مع عدسات AR أعلى ب5 مرات مقارنة بالإعلانات التقليدية. وهذا يجعلها أداة فعّالة لبناء علاقات أعمق مع الجمهور وتقديم قيمة فعلية. في رمضان، نظمتم فعالية إنسانية بالتعاون مع UNHCR. ماذا كانت أهدافها؟ وكيف ترتبط بروح الابتكار التي نحتفل بها في هذا اليوم العالمي؟ بمناسبة شهر رمضان المبارك، ومع التزامنا المتجدد بالمسؤولية الاجتماعية، نظمنا فعالية استثنائية في مكتب سناب شات الجديد بمنطقة جاكس في الدرعية، بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وتركّزت على تسليط الضوء على قصص اللاجئين من خلال محتوى إنساني مدعوم بالتقنيات الإبداعية. ما يجعل هذه الفعالية أكثر تميزًا أنها تجسد تمامًا روح يوم الإبداع والابتكار العالمي (21 أبريل) — الذي أطلقته الأممالمتحدة للتأكيد على أن الابتكار ليس حكرًا على التكنولوجيا، بل هو قوة للتغيير المجتمعي وبناء مستقبل أكثر شمولاً وإنسانية. لقد استخدمنا في هذه المبادرة عدسات الواقع المعزز والقصص البصرية بأساليب مبتكرة تدمج العاطفة بالتقنية، لتوصيل رسائل اللاجئين إلى الجمهور السعودي بطريقة مؤثرة وتفاعلية. جمعنا صنّاع محتوى ومؤثرين وممثلين عن الجهات الإعلامية، ونجحنا في تحويل التجربة من مجرد مشاهدة إلى تعاطف ملموس وتفاعل اجتماعي حقيقي. ونؤمن في سناب شات أن الابتكار الحقيقي لا يُقاس فقط بما تصنعه التقنية، بل بما تصنعه التقنية من أمل. وفي هذا السياق، تأتي تعاوننا مع UNHCR لتجسد كيف يمكن للتكنولوجيا أن تخلق وعيًا، وتبني تعاطفًا، وتلهم أفعالًا. أخيرًا، ماذا يعني لك الواقع المعزز على المستوى الشخصي؟ في خضم التحوّلات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز تقنيتا الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي كركيزتين محوريتين لمستقبل التجارب الرقمية. ومع أن الواقع المعزز أثبت بالفعل دوره المحوري في تمكين المستخدمين وخلق تجارب تفاعلية يومية في المملكة، فإن المستقبل يحمل آفاقًا أكثر ثورية بفضل تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي. في سناب شات، لا نكتفي بتوفير أدوات الواقع المعزز، بل نستثمر في تطوير تقنيات تجعل إنشاء هذه التجارب أكثر سلاسة وسرعة عبر الذكاء الاصطناعي — بدءًا من أدوات التصميم الذكية إلى قدرات التفاعل اللحظي. ويُعد جهاز Spectacles خطوة طموحة نحو هذا المستقبل، كونه مرشحًا ليكون الجيل القادم من منصات الحوسبة البصرية، حيث يجمع بين الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز في تجربة تُعيد تعريف التفاعل بين الإنسان والتقنية، نحن اليوم في بدايات رحلة التحوّل نحو عالم تحكمه التقنيات الغامرة، لكننا نرى بوضوح معالم هذا المستقبل تتشكل، وتؤكد أن الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز لن يكونا فقط جزءًا من المستقبل — بل سيكونان البنية الأساسية له.