الجبير يؤكد التزام المملكة بالتعاون مع المجتمع الدولي لحماية المحيطات والموارد البحرية    بعدما صفع معجباً على وجهه.. هل يمثُل عمرو دياب أمام النيابة المصرية؟    قميص النصر يلفت الانتباه في ودية البرتغال وكرواتيا    رسميًا..تمبكتي خارج معسكر المنتخب السعودي    حارس الشباب رسميًا في الإتحاد    تقارير..لوكاكو يعوض بنزيمة في الإتحاد    المملكة تفوز بعضوية المجلس الاقتصادي    قرض تنموي سعودي لنيكاراغوا    الأسواق الحرة في منافذنا    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    ليس للمحتل حق «الدفاع عن النفس»..!    وزير الدفاع يؤكد دعم المملكة للحكومة اليمنية    إعلانات الشركات على واتساب ب«الذكاء»    تحتفل برحيل زوجها وتوزع الحلوى    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    محافظ الطائف يدشن الصالة الإضافية بمطار الطائف الدولي    السعودية للكهرباء تكمل استعداداتها لموسم حج 1445ه بعشرين مشروعاً جديداً    نادي الرياض يُتَوّج بكأس بطولة المملكة لسلة الكراسي    فرنسا وإنجلترا أبرز مرشحين للفوز بكأس أوروبا 2024    أزمة تنتظر لجان المسابقات بالشرقية.. القادسية والخليج دون ملعب!!    "جوتا" الاتحاد.. مطلوب في الدوري الإنجليزي    أثر التعليم في النمو الاقتصادي    الجامعات منارات التقدم    اطلاق برنامج أساسيات التطوُّع في الحج    استفزاز المشاهير !    مَنْ مثلنا يكتبه عشقه ؟    مرسم حر    "صحة المدينة" تدشن "الربوت الذكي" بالمنطقة المركزية    "أرشدني".. آليات ذكية لإرشاد حافلات الحجاج    مناقشة الأمراض والتحديات الشائعة في موسم الحج    توفير خدمة الواي فاي في المواقيت    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    الوزاري الخليجي يناقش اليوم التطورات الإقليمية والدولية    رسائل الإسلام    عدد العاملين في القطاع الخاص يتخطى حاجز 11 مليوناً    المها الوضيحي يستظل تحت شجر الطلح في "محمية الإمام تركي"    القلعة الأثرية    رئيس وزراء باكستان يعود إلى بلاده بعد زيارة رسمية للصين    «هيئة النقل» تدشّن النظارة الافتراضية بنسختها المتطورة خلال حج 1445ه    الأردن يدين الاعتداء الإسرائيلي الوحشي الذي استهدف مخيم النصيرات وسط غزة    الدفاع المدني ينفذ فرضية حريق بالعاصمة المقدسة    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    هجوم شرس على عمرو دياب بسبب «صفعة» لمعجب    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء «تنمية الموارد المالية»    أمن الوطن والحجاج خط أحمر    فيصل بن مشعل يقف على مدينة حجاج البر.. ويشيد بجهود بلدية المذنب    ضبط 14 متورطا في إيواء ومساعدة مخالفي الأنظمة    القبض على باكستانيين في جدة لترويجهما (4.1) كيلوجرام من مادة (الشبو) المخدر    90٪؜ نسبة استيفاء "الاشتراطات الصحية" للحج    الالتزام البيئي يفتش 91% من المنشآت المحيطة بمواقع الحجاج    "البحر الأحمر": جولة ثالثة لدعم مشاريع الأفلام    الفنانة المصرية شيرين رضا تعلن اعتزال الفن    سُوء التنفس ليلاً يسبب صداع الصباح    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة تصون أمن العرب
نشر في الرياض يوم 15 - 05 - 2024

الارتقاء بالإنسان والتطلع لمستقبل واعد للشعوب والأجيال
تضطلع المملكة العربية السعودية بدور قيادي على المستوى الإقليمي والدولي لتعزيز التواصل مع قيادات الدول العربية والتباحث المستمر وتنسيق المواقف حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ويأتي ذلك حرصاً من قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- التي لا تألو جهداً في سبيل تعزيز العمل العربي المشترك القائم على الأسس والقيم والمصالح والمصير الواحد؛ بحكم أن ما يجمع العرب أكثر مما يفرقهم.
وتحرص في كل المحافل على ما يصون أمن العرب، ويحفظ مقدراتهم، ويعزز حضورهم بدءاً من توحيد الكلمة والتكاتف والتعاون، وتماسك الكيان القومي، وتراكم منجزاته، وتحقيق المزيد من الارتقاء بالإنسان والتطلع لمستقبل واعد للشعوب والأجيال.
ودأبت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على دعم وحدة الصف العربي وتضامنه وتكاتفه في مواجهة الأخطار والتحديات والمتغيرات التي مرت بها المنطقة العربية آنذاك، وما شهدته من منعطفات سياسية كبيرة أثرت على معظم الدول. وسعياً من المملكة لتحقيق هذا الهدف المهم؛ جاء اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مع الملك فاروق ملك مصر -رحمهما الله- في عام 1945م، بجبل رضوى شمال غربي المملكة، ليؤكد على دعم بنود إنشاء الجامعة العربية.
وبدأت بعدها الخطوات الأولى نحو دخول المملكة لمنظومة الجامعة العربية، ودعمها بعد أن وافق الملك عبدالعزيز على (بروتوكول الإسكندرية)، ليتم إعلان انضمام المملكة بشكل رسمي إلى الجامعة العربية في 1945م، حيث تعد المملكة من أوائل الدول العربية السبع التي أسّست جامعة الدول العربية.
مؤتمرات القمة
وشهدت مسيرة القمم العربية منذ تأسيسها في مارس من عام 1945م، انعقاد العديد من القمم العربية مع تجمعات وتكتلات إقليمية منها: (قمم عربية -أفريقية)، وقمم (عربية -أميركية جنوبية)، وقمة عربية أوروبية، وقمة عربية إسلامية أميركية، والقمة العربية الصينية الأولى التي استضافتها المملكة العربية السعودية.
وبدأت باكورة تلكم القمم في مايو عام 1946م عبر عقد قمة "أنشاص" الاستثنائية بالإسكندرية لمناصرة القضية الفلسطينية التي أكدت على قضية فلسطين وعروبتها وعدتها في قلب القضايا العربية الأساسية.
تلاها في نوفمبر عام 1956م، أي بعد عقد من الزمان انعقاد "قمة بيروت" في لبنان، لدعم مصر ضد العدوان الثلاثي، داعية إلى الوقوف إلى جانبها ضد هذا العدوان، والتأكيد على سيادتها لقناة السويس وفق معاهدة عام 1888م، والمبادئ الستة التي أقرها مجلس الأمن الدولي في 13 / 10 / 1956م. وشهدت قمة القاهرة في عام 1964م، تحولاً تاريخياً في مسيرة العمل العربي المشترك إذ اكتسبت الصفة الرسمية للقمم العربية، وشددت في مضامين قراراتها على وجوب تنقية الأجواء العربية من الخلافات، ودعم التضامن العربي وترسيخه، وعدّت قيام إسرائيل خطراً يهدد الأمة العربية، إضافة إلى الدعوة إلى إنشاء قيادة موحدة لجيوش الدول العربية، وأقر القادة العرب المشاركون في القمة دورية اجتماعات القمة، بحيث يجتمع ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية مرة في العام على الأقل. وخلال الفترة ذاتها وتحديداً في شهر سبتمبر من العام نفسه، عُقد مؤتمر القمة العربي العادي الثاني في مدينة الإسكندرية، الذي دعا إلى تعزيز القدرات الدفاعية العربية، مرحباً بقيام منظمة التحرير الفلسطينية واعتمادها ممثلاً للشعب الفلسطيني، كما دعا إلى التعاون العربي في مجال البحوث الذرية لخدمة الأغراض السلمية، كذلك في المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية، إلى جانب دعم التضامن والعمل العربي المشترك، وإنشاء محكمة العدل العربية. وسيراً على النهج الذي اختطه القادة العرب بعقد القمة بشكل سنوي، استضافت مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية في سبتمبر عام 1965 م، القمة العربية العادية الثالثة، وتوجت أعمالها بالموافقة على ميثاق التضامن العربي والالتزام به ودعم قضية فلسطين في جميع المحافل الدولية وتأييد نزع السلاح ومنع انتشار الأسلحة النووية وحل الخلافات الدولية بالطرق السلمية.
دعوات المملكة
وبدعوة من المملكة العربية السعودية عقدت في مدينة الرياض، في أكتوبر 1976م، قمة عربية مصغرة شملت 6 دول عربية، بهدف وقف نزيف الدم في لبنان وإعادة الحياة الطبيعية إليها واحترام سيادة لبنان ورفض تقسيمه، وإعادة إعماره، وفي أكتوبر 1976م، عقد مؤتمر القمة العربية العادية الثامنة في القاهرة، وجرى خلاله المصادقة على قرارات وبيان وملحق القمة العربية السداسية في الرياض، ودعوة الدول العربية كل حسب إمكاناتها إلى الإسهام في إعادة تعمير لبنان والالتزام بدعم التضامن العربي. ولكون القضية الفلسطينية "قضية العرب الأولى" أكد قادة الدول العربية في مؤتمر القمة العربية العادية التاسعة في العاصمة العراقية بغداد عام 1978، دعمهم لمنظمة التحرير الفلسطينية، وضرورة الموافقة على أي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية، وأقروا عدم الموافقة على اتفاقيتي كامب ديفيد الموقعة بين مصر والاحتلال الإسرائيلي لتعارضها مع قرارات مؤتمرات القمة العربية.
واحتضنت تونس في نوفمبر 1979 م القمة العربية العادية العاشرة، حيث جدد القادة العرب تأكيدهم على الالتزام الكامل بدعم القضية الفلسطينية وإدانتهم لاتفاقية كامب ديفيد، وتعزيز العلاقات مع منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الوحدة الأفريقية وحركة عدم الانحياز وغيرها من المنظمات والدول لما فيه تطوير مواقف هذه الدول والمنظمات لنصرة القضايا العربية. كما أكد المؤتمر سيادة لبنان الكاملة على كامل أراضيه، وضرورة الحفاظ على استقلاله ووحدته الوطنية ورفض محاولات الهيمنة الصهيونية على الجنوب اللبناني.
وتواصلت أعمال القمم العربية مسيرتها، ففي نوفمبر 1980 م عقد بالعاصمة الأردنية عّمان مؤتمر القمة العربية العادية الحادية عشر، وصادقت القمة على برنامج العمل العربي المشترك لمواجهة العدو الصهيوني، كما صادقت على ميثاق العمل الاقتصادي القومي.
جمع العرب
وسعياً من المملكة العربية السعودية إلى جانب أشقائها العرب، جاء مشروع الملك فهد للسلام في الشرق الأوسط، وأقر كمشروع للسلام العربي، خلال مؤتمر القمة العربية العادية الثانية عشرة في مدينة فاس المغربية الذي عقد على مرحلتين، الأولى في نوفمبر 1981م، والثانية في عام 1982م. وخرجت هذه القمة بإدانة عربية للعدوان الإسرائيلي على شعب لبنان وأرضه وقرر دعم لبنان في كل ما يؤول إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن القاضية بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية المعترف بها. وظلت المملكة العربية السعودية، تعمل بخطى حثيثة دعماً للعروبة واضطلاعاً بدورها المحوري، فكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- للسلام في الشرق الأوسط، محور أعمال القمة العربية العادية الرابعة عشرة في العاصمة اللبنانية بيروت في مارس 2002م، إذ تبنى المؤتمر هذه المبادرة وأصبحت مبادرة عربية للسلام. ودعت القمة، الدول العربية لدعم ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية بمبلغ إجمالي قدرة 330 مليون دولار ولمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، إضافة إلى دعوة الدول الأعضاء إلى تقديم دعم إضافي قدرة 150 مليون دولار توجه لصندوقي الأقصى وانتفاضة القدس لدعم مجالات التنمية في فلسطين. وأقر المؤتمر التضامن مع لبنان لاستكمال تحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي حتى الحدود المعترف بها دولياً بما في ذلك مزارع شبعا، ودان المؤتمر إسرائيل لاستمرار احتلالها مرتفعات الجولان العربي السوري، مجدداً رفضه القاطع وإدانته الحاسمة للإرهاب بأشكاله وصوره كافة، ودعمه لكل من العراق وسورية في مياه نهري دجلة والفرات، ودعوة تركيا إلى التوصل لاتفاق نهائي لتقسيم عادل ومعقول للمياه يضمن حقوق الدول الثلاث.
عمق استراتيجي
ولمكانة المملكة العربية السعودية، وعمقها الاستراتيجي العربي، استضافت العاصمة الرياض في مارس 2007م، أعمال القمة العربية العادية التاسعة عشرة. وأكد القادة العرب في "إعلان الرياض" الصادر في ختام القمة ضرورة العمل الجاد لتحصين الهوية العربية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها وترسيخ الانتماء إليها في قلوب الأطفال والناشئة والشباب وعقولهم، وقرروا إعطاء أولوية قصوى لتطوير التعليم ومناهجه في العالم العربي، بما يعمق الانتماء العربي المشترك، ويستجيب لحاجات التطوير والتحديث والتنمية الشاملة، ويرسخ قيم الحوار والإبداع، ويكرس مبادئ حقوق الإنسان والمشاركة الإيجابية الفاعلة للمرأة، وأوصوا بتطوير العمل العربي المشترك في المجالات التربوية والثقافية والعلمية، عبر تفعيل المؤسسات القائمة ومنحها الأهمية التي تستحقها، والموارد المالية والبشرية التي تحتاجها، خاصة فيما يتعلق بتطوير البحث العلمي، والإنتاج المشترك للكتب والبرامج والمواد المخصصة للأطفال والناشئة، وتدشين حركة ترجمة واسعة من اللغة العربية وإليها، وتعزيز حضور اللغة العربية في جميع الميادين بما في ذلك في وسائل الاتصال والإعلام والإنترنت وفي مجالات العلوم والتقنية.
وأكدوا أهمية نشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح ورفض كل أشكال الإرهاب والغلو والتطرف وجميع التوجهات العنصرية الإقصائية وحملات الكراهية والتشويه ومحاولات التشكيك في قيمنا الإنسانية أو المساس بالمعتقدات والمقدسات الدينية والتحذير من توظيف التعددية المذهبية والطائفية لأغراض سياسية تستهدف تجزئة الأمة وتقسيم دولها وشعوبها وإشعال الفتن والصراعات الأهلية المدمرة فيها.
تحصين الهوية
واستضافت المملكة في 28 مارس 2007م القمة العربية العادية التاسعة عشرة ولمدة يومين، وأكد القادة العرب في إعلان الرياض الذي صدر في ختام القمة ضرورة العمل الجاد لتحصين الهوية العربية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها وترسيخ الانتماء إليها في قلوب الأطفال والناشئة والشباب وعقولهم. كما استضافت المملكة بمدينة الظهران في 15 أبريل 2018م أعمال القمة العربية التاسعة والعشرين، وأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- عن تسمية القمة ب "قمة القدس"، وقال -أيده الله- "ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين"، كما أعلن الملك المفدى عن تبرع المملكة بمبلغ "150" مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، كذلك تبرع المملكة بمبلغ "50" مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا". واضطلاعاً بمسؤوليتها عن أمن وأمان محيطها العربي عقدت في 30 مايو 2019م، القمة العربية الاستثنائية (غير العادية) الثانية عشرة في قصر الصفا بمكة المكرمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، لبحث التدخل الإيراني في المنطقة، إثر الهجوم الذي استهدف سفنًا تجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهجوم الحوثيين على محطتي ضخ نفطيتين بالسعودية. وأكدت الدول العربية تضامنها وتكاتفها أمام التدخلات الإيرانية، وشددت على تمسكها بقرارات القمة السابقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية. ودانت تدخلات إيران في شؤون البحرين، وتأثيرها على وحدة سورية، واحتلالها الجزر الإماراتية، ودعمها الجماعات الإرهابية.
قمة استثنائية
وشهدت أراضي المملكة العربية السعودية وتحديداً مكة المكرمة استضافة القمة الاستثنائية الثانية عشرة، وذلك في 30 مايو 2019م، لبحث التدخل الإيراني في المنطقة، إثر الهجوم الذي استهدف سفناً تجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهجوم الحوثيين على محطتي ضخ نفطيتين بالسعودية. واستكمالاً لهذا النهج والسياسة؛ استضافت المملكة القمة العربية الثانية والثلاثين في ظل ظروف استثنائية وتحديات تشهدها الدول العربية خصوصاً ودول العالم عمومًا، وما بين مؤتمر القمة العربية الأولى التي عقدت بضاحية (إنشاص) عام 1946م، والقمة العربية الأخيرة الحادية والثلاثين التي استضافتها الجزائر، رسمت المملكة مساراً إستراتيجياً لدبلوماسية القمم العربية والمشاركات التاريخية فيها، حيث دأبت دائماً بسعي حثيث إلى طرح حلول ناجعة لمعالجة مختلف القضايا العربية بصفة عامة، والقضية الفلسطينية التي تعد جوهر الصراع العربي الإسرائيلي بصفة خاصة، وتحقيق آمال وطموحات وتطلعات الشعوب العربية، والدفاع عن قضايا العرب وتحصين البيت العربي من الداخل، والمحافظة على الوحدة العربية ومصيرها المشترك. وعملت الدبلوماسية السعودية تحت مظلة الجامعة العربية التي تجمع العرب وتنسق المواقف بينها؛ على الدفاع عن مصالح الأعضاء المشتركة على الساحتين الإقليمية والدولية، وبذلت جهودًا كبيرة لتعزيز حضور الجامعة الدولي والإقليمي وانتهاج سياسة التضامن العربي. وعلى امتداد تاريخ القمم العربية شهدت أراضي المملكة استضافة قمتين عاديتين وقمتين استثنائيتين (غير عاديتين)، حيث عقدت بدعوة من المملكة في مدينة الرياض، خلال الفترة من 16 - 18 أكتوبر 1976م، قمة عربية مصغرة شملت 6 دول عربية، بهدف وقف نزيف الدم في لبنان وإعادة الحياة الطبيعية إليها واحترام سيادة لبنان، وإعادة إعماره، ومن أبرز قراراتها: وقف إطلاق النار والاقتتال نهائيا في كافة الأراضي اللبنانية والتزام جميع الأطراف بذلك، وتعزيز قوات الأمن العربية الحالية لتصبح قوات ردع داخل لبنان، وإعادة الحياة الطبيعية إلى لبنان، والتعهد العربي، وتأكيد منظمة التحرير الفلسطينية على احترام سيادة لبنان ووحدته، وتوجيه الحملات الإعلامية بما يكرس وقف القتال وتحقيق السلام وتنمية روح التعاون والإخاء بين جميع الأطراف. والعمل على توحيد الإعلام الرسمي.
دورها قيادي
وتأتي استضافة المملكة للقمة العربية في دورتها ال (32) امتداداً لدورها القيادي على المستوى الإقليمي والدولي، وحرص قيادتها الرشيدة -حفظها الله- على تعزيز التواصل مع قيادات الدول العربية والتباحث المستمر وتنسيق المواقف حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث استضافت المملكة خلال العام الماضي قمة جدة للأمن والتنمية، بمشاركة الولايات المتحدة والقمة العربية الصينية للتعاون والتنمية. وعقدت الدورة ال32 للقمة العربية في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة والعالم من أزمات وصراعات إقليمية ودولية، تحتم على الدول العربية إيجاد آليات تستطيع من خلالها مواجهة التحديات المشتركة، وتعزز الأمن والاستقرار الإقليمي، وتحقق الرفاه لدولها وشعوبها، مما يستوجب تطوير آليات التنسيق السياسي تحت مظلة جامعة الدول العربية، وتعزيز التعاون الاقتصادي ودفع عجلة التنمية في مختلف المجالات التي تمس المواطن العربي بشكل مباشر. وتكمن أهمية القمة في كونها عقدت في ظل مستجدات الأحداث التي تشهدها المنطقة والعالم، ودعم قيادة المملكة -أيدها الله- للجهود الرامية إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، ومن ذلك الاتفاق الذي وقعته المملكة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لاستئناف العلاقات بين البلدين برعاية جمهورية الصين الشعبية والجهود والمبادرات القائمة لإيجاد حل سياسي شامل للأزمات في السودان وسورية واليمن. وللمملكة دور محوري في دعم الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية ينهي كافة تداعياتها ويحافظ على وحدتها وأمنها واستقرارها، ويعيدها إلى محيطها العربي، وقد أثمرت هذه الجهود في زيادة الوعي بأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة في سورية، حيث تبنى وزراء الخارجية العرب قرار عودة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية، بعد غياب دام 12 عاماً. وإيماناً من المملكة بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وانطلاقاً من روابط الأخوة التي تجمع شعبي المملكة والجمهورية العربية السورية، وحرصاً على الإسهام في تطوير العمل العربي المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتفاعلاً مع القرار الصادر عن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية حول عودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية، فقد قررت المملكة استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في الجمهورية العربية السورية. ومن شأن عودة سورية إلى محيطها العربي الإسراع في إنهاء الأزمة في الداخل السوري، والإسهام في عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتعزيز الجهود القائمة لمكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية المهددة لأمن سورية وللدول العربية ووقف عمليات تهريب المخدرات والاتجار بها، وتمكين مؤسسات الدولة من الحفاظ على سيادتها على أراضيها وإنهاء التدخلات الخارجية.
الأوضاع الراهنة
واستشعاراً من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- لخطورة الأوضاع الراهنة التي يعاني منها الشعب السوداني الشقيق، وامتداداً لدور المملكة المحوري في حل الأزمات العربية، فقد صدر توجيه كريم بتقديم مساعدات متنوعة (إغاثية وإنسانية وطبية) بقيمة 100 مليون دولار أميركي للسودان عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتنظيم حملة شعبية عبر منصة "ساهم" لتخفيف آثار الأوضاع التي يمر بها الشعب السوداني حالياً. وفي إطار جهود المملكة الرامية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وامتداداً للمبادرة التي طرحها صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، في عام 2021 لإيجاد حل للأزمة اليمنية، فقد عملت المملكة على التواصل مع جميع الأطراف والمكونات اليمنية لحثهم على الحوار بهدف الوصول لاتفاق سياسي شامل يسهم في تحقيق والاستقرار والتنمية في اليمن والتصدي لجميع التيارات الهادفة إلى إدامة الأزمة في اليمن. ويسهم انعقاد الدورة ال32 للقمة العربية في المملكة في تأكيد الموقف العربي الثابت تجاه إدانة الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تقوّض حل الأزمة الفلسطينية، وفرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية؛ وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية. وتقود المملكة جهوداً لتفعيل وتطوير آليات العمل العربي المشترك، وإصلاح جامعة الدول العربية لتكون أكثر فاعلية وحيوية، وتتطلع قيادة المملكة لتعزيز الشراكة العربية للوصول إلى التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي في مجمل القضايا الدولية، والعمل على زيادة تأثير الدور العربي في المشهد الدولي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتنموية، وتشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة العربية السعودية والدول العربية تطوراً ونمواً.
حلول الأزمات
ودأبت المملكة على استشعار دورها القيادي على المستويين العربي والدولي في التعامل مع أزمات المنطقة وعلى رأسها أزمة السودان، حيث استجابت للطلبات المقدمة من الدول الشقيقة والصديقة لإجلاء رعاياها في جمهورية السودان، ونفذت أولى علميات الإجلاء البحري لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان واستمرت في جهود الإجلاء البحري والجوي للعالقين في السودان من مختلف الجنسيات. وامتداداً لجهود المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار العربي والإقليمي، فقد استضافت مباحثات بين طرفي الصراع في السودان بتنسيق مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية؛ بهدف تجنيب جمهورية السودان الشقيقة مآلات الصراع الحالي، وسعياً لحقن الدماء وإيجاد آلية للحوار بين طرفي الأزمة، وحرصاً على تثبيت الهدنة وتسهيل الأعمال الإنسانية وصولاً إلى بناء الثقة بين الجانبين.
لقاء تاريخي جمع الملك عبدالعزيز مع الملك فاروق ملك مصر لدعم بنود إنشاء الجامعة
مبادرات سعودية لعقد القمم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.