الاقتصاد الرقمي مفهوم يشير إلى انتشار استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع الأنشطة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية، والتي من شأنها المساهمة في زيادة الفرص، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتحسين جودة الخدمات، وللاقتصاد الرقمي دور هام في بناء "مجتمعات ذكية" تعزز قدرات جميع الجهات الحكومية والخاصة، ومشاريع الأعمال، والأفراد، ومساعدتهم في اتخاذ القرارات المثلى، ولا تقل ثورة الاقتصاد الرقمي أهمية عن الثورات الصناعية السابقة التي ترافقت مع بدء استخدام طاقة البخار، ومحركات الاحتراق، والكهرباء، المملكة كانت من أوائل الدول في الشرق الأوسط التي تبنت استراتيجية للاستخدام الأمثل لهذه التقنيات وثورة الاقتصاد الرقمي، ومكنت قدراتها البشرية عالية التأهيل، ومواردها المالية الكبيرة، وموقعها الجغرافي المتميز، لتحقيق أقصى استفادة من الاقتصاد الرقمي وتحويل اقتصادها ومجتمعها إلى اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي حتى أصبحت من الدول المتقدمة تقنيا ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب بل على مستوى العالم، ووضعت لنفسها موقعا مهما في خارطة العولمة من خلال التأثير على سلاسل القيمة العالمية، والمحافظة على موقعها بين دول العالم والاستمرار في تحسينه، فالعالم يعيش موجه من التحولات الواسعة وثورة من العلم والتقنية وحركة واسعة في شتى المجالات نتيجة إلى التطور الهائل في العلم والتكنولوجيا وأصبحت التقنية هي اللغة الواحدة لشعوب العالم والقاعدة الأساسية التي تنطلق منها في تعاملاتها ورفع مستوى تقدمها وتطورها بل أصبح الصراع في العالم هو الوصول السريع إلى المعلومات وامتلاك طرق لتداولها وتحليلها من أجل اتخاذ القرار السليم المبني على الدقة لرسم السياسات الاقتصادية للدول، وتوفير عدة خيارات في كل زمان ومكان يضمن لها التعامل الأمثل مع متغيرات البيئة الدولية. المملكة تقدمت كثيرا في مؤشرات الاتصالات وتقنية المعلومات، وحققت تطورا كبيرا في خمسة مؤشرات هي، مؤشر اختبار السرعة العالمي، ومؤشر تطور الحكومة الإلكترونية، ومؤشر الجاهزية الشبكية، ومؤشر تقييم تجربة ال G5 العالمية، ومؤشر التنافسية الرقمية وحققت المرتبة الخامسة عالميا من بين 140 دولة، في مؤشر سرعة نطاق الإنترنت المتنقل، كما تقدمت المملكة خلال السنوات الماضية في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية، لتقفز بترتيبها إلى المرتبة 43 عالميا من بين 193 دولة، مؤشر البنية التحتية للاتصالات الذي يعد من أهم المؤشرات المنبثقة عن مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية أظهر أن المملكة قفزت 40 مركزا لتأتي في المرتبة 27 عالميا من بين 193 دولة، وجاءت مدينة الرياض في المرتبة الثالثة عالميا وفق نتائج تحليل قياسات شبكات الجيل الخامس G5 وسرعتها في العالم، هذه النتائج الباهرة التي حققتها المملكة تعود إلى رؤية 2030 التي أولت الاتصالات وتقنية المعلومات أهمية قصوى وأنفقت على بنيتها التحتية مليارات الريالات من أجل دعم التحول الرقمي كما قامت بإنشاء مركز "أداء" لرصد ومتابعة المؤشرات العالمية وتمكين صانعي القرار من تطوير أداء الأجهزة العامة، والقدرة على المنافسة العالمية والتعاون المستمر مع جميع الجهات الحكومية، وتقديم الدعم اللازم لها في تحليل أداء المؤشرات لضمان استمرارية تقدم المملكة في مؤشراتها الدولية. الاقتصاد الرقمي في المملكة بات اليوم يشكل رقما مهما في الاقتصاد الكلي حيث أظهرت نتائج المسح الذي نفذته الهيئة العامة للإحصاء لأول مرة في عام 2023 م، بناء على توصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ومؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD بأن حصة الاقتصاد الرقمي في المملكة بلغت 14 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 كما بلغت نسبة المنشآت التي قامت بشراء خدمات الحوسبة السحابية 48 % من إجمالي المنشآت، ومن أبرزها الخدمات البريدية، وخدمات تطبيقات برامج الحماية، وخدمات تخزين الملفات واستضافة قواعد البيانات، كما بلغت نسبة المنشآت التي قدمت خدماتها بواسطة تطبيقات إلكترونية 20.3 % حيث كانت منشآت أنشطة التعليم هي أعلى المنشآت في تقديم خدماتها بواسطة تطبيقات إلكترونية خاصة بها، أو من خلال تطبيقات أخرى، كما بلغت نسبة المنشآت التي قامت باستلام مشترياتها بشكل إلكتروني 18.5 % من إجمالي المنشآت التي قامت بطلب أو شراء سلع وخدمات من خلال الإنترنت، وبلغت نسبة المنشآت التي استخدمت أجهزة أو أنظمة مرتبطة بالإنترنت 60.1 % من إجمالي المنشآت، هذه الأرقام التي تحققت في عام 2022 ما هي إلا الخطوات الأولى نحو الريادة ولا يزال الطموح أكبر في كسر هذه الأرقام عاما بعد عام للوصول إلى المراكز المتقدمة عالميا في الاقتصاد الرقمي.