سليم سحاب

أرسل لي الصحفي القدير الأستاذ علي فقندش دعوة لحضور لقاء مع المايسترو سليم سحاب تقيمه جمعية الثقافة والفنون بمدينة جدة، عرفت أن الدعوة عامة، كنت مشغولة جداً، لكن الحضور لاسم بهذه الضخامة واجب. سليم سحاب. هل معقول، كنت أسأل نفسي، سليم سحاب هنا في جدة، نراه ونسمعه، كأننا في حلم، هذا عصر جديد.
كنت أشاهد سليم سحاب في التلفزيون وأنا أتابع حفلات الأوبرا المصرية، كنت أسمع اسمه يتردد وأشاهد البرامج الموسيقية التي تحتفي بهذا الاسم الكبير، والآن، حان الوقت كي نشاهده أمامنا. أنا ممتنة لمن دعاه، وممتنة للأستاذ علي فقندش والأستاذ محمد آل صبيح لإرسالهما الدعوة. ما كان ممكناً أن يفوتني هذا الحدث.
كنت أتمنى فقط لو كان الحفل كاملاً مقتصراً عليه وعلى حديثه، فهو يمتلك من الأحاديث ما يهمنا أن نستمع إليه، وحديثه وخبرته في مجاله يوازيان أهميته في إدارة الأوركسترا.
الدقائق القليلة التي تحدث فيها كانت مذهلة، لم يتحدث عن أهميته وعن أعماله وعن ما قدم للعالم من أشياء جميلة، تحدث عن الموسيقى وما تعنيه للشعوب، أعطانا محاضرة علمية في دقائق، لخص فيها رأيه عن الموسيقى الفردية والقومية والعالمية، قال ببساطة لا يوجد شيء اسمه موسيقى عالمية، الموسيقى يجب أن تكون قومية، كل شعب يختص بموسيقاه، ضرب مثلاً بأوروبا، الموسيقى الأوروبية لها هذا المسمى الكبير، ثم كل بلد يملك موسيقاه، وضرب مثلاً بأسماء ألمانية وإيطالية كبيرة، لا يوجد ما يسمى موسيقى عالمية، الموسيقى كاللغة، تتكون من حروف لكن لكل شعب لغته المختلفة عن الباقين. جاء حديث سليم سحاب بعد حديث الفنان سهل جنيد عن المقامات وغنائه لبعض المقامات بأغانٍ سعودية ومصرية، لعل هذا ما أثار حديث المايسترو. لكنه بالنسبة لي كان درساً رائعاً في الفلسفة.
أخبرنا بعدها علي فقندش بعض المعلومات التي كنا نجهلها عن جوانب لم أعرفها من قبل من حياة الموسيقار العظيم، عن إنشائه لكورال الأطفال في مصر، وما قدمه لأطفال يتامى ترعاهم دور الرعاية، وأطفال غيرهم لا يرعاهم أحد، ولأنه رجل عظيم علق على الموضوع بجملة تبين رؤيته وفكره، قال إنه لا يفعل ذلك لإنتاج موسيقيين أو مطربين كبار، بمعنى أن المسألة ليست اكتشاف مواهب، المسألة تربية الثقة في نفوس هؤلاء الأطفال، إعطاؤهم القدرة على اختيار طريقهم بعد ذلك.
أنا سعيدة لحضوري هذه الأمسية، سعيدة باستماعي لموسيقار مفكر، وأتمنى أن نشاهده ونستمع إليه أكثر، أن تهتم صحافتنا بتغطية هذا النوع من الأخبار.
شكراً للموسيقار سليم سحاب الحضور، شكراً لمن دعاه، ولمن دعاني كي أستمع إليه.