تعمل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية، وعلى وجه التحديد المملكة العربية السعودية والإمارات، على تسريع بيع حصص الأقلية في الكيانات المرتبطة بالحكومة. هذا التوجه الإيجابي وفقاً لتقرير مطول نشرته، وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» يسهم في تطوير أسواق الدين والأسهم لدى الدول، وفي خلق فرص لتوليد الإيرادات لحكومات هذه الدول، وتعزيز الشفافية في السوق نتيجةً لمتطلبات الإفصاح للكيانات المُصْدرة، ويعد هذا التوجه أيضاً دليلاً على المركز المالي القوي للكيانات المرتبطة بالحكومة، حيث ترى الوكالة، أن هذه المبيعات ليس لها تأثير على الوضع الائتماني للكيانات المرتبطة بالحكومة طالما أنه ليس هناك تغيير ملحوظ في مراكزها المالية الأساسية القوية وطالما أن الحكومة ما تزال هي المالك لحصة الأكثرية. وتعمل الدول الخليجية على تسريع مبيعات حصص الأقلية في الكيانات المرتبطة بالحكومة، وأعلنت مؤخراً عن عزمها بيع المزيد من الحصص مستقبلاً، وناقش التقرير آثار هذا التوجه على الكيانات المرتبطة بالحكومة، مع التركيز على المملكة والإمارات. وعلى الرغم من التوجه الإيجابي، توقعت الوكالة، أن لا يكون لهذه التطورات تأثير في المجمل على الجدارة الائتمانية السيادية في الدول الخليجية، وأن تؤدي الإيرادات الناتجة عن مبيعات الحصص إلى تحسن كبير في التمويلات العامة للحكومات المعنية، وترى أن قطاع الكيانات المرتبطة بالحكومة ينتج التزامات طارئة محدودة فقط للحكومات المعنية في معظم دول المنطقة ومن غير المحتمل أن يؤدي بيع حصص الأقلية إلى تغيير نظرتنا للقطاع، وتعتقد أن الحكومات الخليجية، باستثناء عُمان، تتمتع بميزانيات عمومية قوية كافية، فيما يتعلق بحجم الديون المستحقة على الكيانات المرتبطة بالحكومة، لاستيعاب الضغوط المالية في قطاع الكيانات المرتبطة بالحكومة، دون أن يؤدي إلى تدهور كبير في مراكزها المالية العامة، ومع ذلك، تشير إلى أنه من المتوقع أن يتشارك المستثمرون الذين يتم استقطابهم من القطاع الخاص عبء أي تكاليف مرتبطة بالضغوط المالية على الكيانات المرتبطة بالحكومة خارج نطاق الحكومة. بالنسبة للبنوك، تتوقع الوكالة، أن لا تدعم الحكومة فقط الكيانات التي تمتلك حصة الأكثرية فيها، بل ستدعم أيضاً بنوك القطاع الخاص، هذا هو أحد الأسباب التي جعلت الجهات التنظيمية في المنطقة بطيئة نسبياً في تبني لوائح الاسترداد وأنظمة التصفية، على مدى السنوات القليلة الماضية، لاحظنا وجود توجه لدى مساهمي الحكومات الخليجية لدمج أصولهم لتشكيل بنوك أكبر، وكان أحدثها اندماج البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية لتشكيل البنك الأهلي السعودي، ويمكن أن تساعد مثل هذه التطورات الحكومات على تمويل مبادراتها الإستراتيجية وخططها للتحول الاقتصادي، على الرغم من أننا نتوقع أن يتم هذا التمويل باستقلالية، بالإضافة إلى ذلك، يتم إدراج جزء من رأس مال هذه البنوك بشكل عام في أسواق رأس المال المحلية لمساعدتها على تنمية ومشاركة الثروة مع السكان المحليين. الكيانات المرتبطة بالحكومة تصنف وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» 22 كياناً مرتبطاً بالحكومة في المنطقة تم إدراج عدد منها بالفعل كجزء من المبادرات السابقة، عند منح التصنيفات للكيانات المرتبطة بالحكومة، نستخدم معاييرنا "المعايير العامة: تصنيف الكيانات المرتبطة بالحكومة: المنهجية والافتراضات" المنشورة في 25 مارس 2015. وعند تحديد التقييم الائتماني بدون دعم للكيان الكيان المرتبط بالحكومة، نطبق معايير الشركات ذات الصلة بالقطاع. غالبية (68 %) التصنيفات الائتمانية للكيانات المرتبطة بالحكومة في الدول الخليجية إما تعادل التصنيف الائتماني السيادي أو تستفيد من درجات إضافية على تقييمها الائتماني بدون دعم. هذا أمر متوقع على نطاق واسع، حيث تم إنشاء معظم الكيانات المرتبطة بالحكومة لتنفيذ سياسة محددة أو تقديم منتج أو خدمة رئيسية للسكان، وهناك خمسة تصنيفات ائتمانية (23 %) لكيانات مرتبطة بالحكومة في المنطقة تعادل التصنيف الائتماني للحكومة بالعملة المحلية، مما يشير إلى أننا نرى أن احتمال حصول الكيان المرتبط بالحكومة على دعم حكومي استثنائي وكافٍ وفي الوقت المناسب في حال تعرضه لأزمة مالية هو احتمال شبه مؤكد، هناك 10 تصنيفات ائتمانية لكيانات مرتبطة بالحكومة في الدول الخليجية لا تعادل التصنيف الائتماني السيادي تستفيد من بعض الدرجات الإضافية على تقييمها الائتماني بدون دعم في تصنيفها الائتماني للمُصْدر. وعلى الرغم من التحسينات التدريجية على مدى أعوام، لا تزال أسواق رأس المال في المنطقة الخليجية تحتاج للمزيد من التطوير. كان نشاط المستثمرين العالميين بعيداً عن الدين السيادي وإصدارات الكيانات المرتبطة بالحكومة محدوداً نسبياً، وباستثناء السوق المالية السعودية "تداول"، فإن معظم البورصات في المنطقة لديها أحجام تداول منخفضة في السوق الثانوية. وبالرغم من توسعه، إلا أن القطاع الخاص في منطقة الخليج ما يزال يحتاج للتطوير ويهيمن عليه مجموعات عائلية التي يبقى التمويل من البنوك المحلية مهيمناً عليها، وتشكل البصمة الاقتصادية الكبيرة للحكومات الخليجية والكيانات المرتبطة بها في القطاعات الرئيسية سمة مشتركة بين الدول الخليجية، وتعتقد الوكالة، أن زيادة مشاركة الكيانات الكبرى المرتبطة بالحكومة في أسواق رأس المال لن تخلق زخماً لأسواق رأس المال فحسب، بل ستوفر أيضاً للمستثمرين المؤسسيين إمكانية الوصول إلى القطاعات الإستراتيجية الرئيسية في المنطقة - مثل النفط والغاز والمرافق – والمزيد من الاهتمام من المستثمرين. في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، شهدت قفزة في قيم التداول والسيولة بعد الطروحات الأولية للاكتتاب العام الرئيسية للكيانات المرتبطة بالحكومة على مدى السنوات القليلة الماضية. تنويع مصادر التمويل بعيداً عن النفط والغاز. نتوقع استمرار التسييل التدريجي من خلال بيع حصص الأقلية في الكيانات المرتبطة بالحكومة، على الرغم من انتعاش أسعار النفط، حيث إننا ننظر إلى الاستراتيجية على أنها جزء من خطط حكومية طويلة المدى لتحسين هيكل اقتصاداتها. ومع ذلك، نلاحظ أن التراجع الحاد في أسعار النفط الذي بدأ في أواخر عام 2014 قد يكون الدافع وراء السياسة الحالية. أدى انخفاض أسعار النفط إلى عجز كبير في ميزانية الحكومة المركزية في معظم الدول الخليجية، ومن المرجح أنه قد شجعهم على البحث عن وسائل أخرى لتحسين الأداء المالي لكياناتهم المرتبطة بالحكومة وجمع رأس المال لهذه الكيانات ولاقتصادهم بشكل عام. وعلى سبيل المثال، تم تحويل ما يقرب من 30 مليار دولار أمريكي تم جمعها من خلال بيع 1.73 % من أسهم شركة أرامكو السعودية في ديسمبر 2019 إلى صندوق الاستثمارات العامة الحكومي لاستثمارها محلياً وخارجياً. تسييل الأصول الحكومية يمكن أن يكون بمثابة قناة لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الخطط الحكومية، بما في ذلك خططها للتنويع الاقتصادي. وعموماً يميل إدراج أسهم الكيان في البورصة إلى زيادة التركيز على الأداء المالي للكيان، عندما تكون حصة الأغلبية في الكيانات المرتبطة بالحكومة ملكاً للحكومة، فإنه من غير المرجح أن تقوم الحكومة بتنفيذ أي هدف من أهداف السياسة العامة ذي صلة بهذه الكيانات إذا كان من المحتمل أن يلحق ضرراً بالمركز المالي لهذه الكيانات. يمكن أن يؤدي الإدراج أيضاً إلى تمييز أوضح بين الأدوار التنظيمية للحكومة وأدوار المساهمين. تنويع الإيرادات بعيداً عن النفط تعمل المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030 على تنويع الإيرادات بعيداً عن النفط، وتعزيز تنمية القطاع الخاص من خلال الاستثمارات في مختلف القطاعات مثل السياحة والطاقة والصناعة وغيرها، وزيادة تعميق أسواق رأس المال لديها (انظر "رؤية المملكة 2030 ستوفر دفعة للأمام لسوق رأس مال الدين في المملكة العربية السعودية" المنشور في 4 مايو 2021). على سبيل المثال، في إطار برنامج "شريك"، برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تريد المملكة استثمار حوالي 5 تريليونات ريال سعودي (1.3 تريليون دولار أمريكي) في اقتصادها، حيث سيكون للكيانات المرتبطة بالحكومة دور مهم للغاية في الاستثمار عبر القطاعات الاستراتيجية، بالإضافة إلى جمع رأس المال اللازم.، نظراً إلى أن صندوق الاستثمارات العامة يمتلك حصصاً كبيرة في معظم الكيانات الرئيسية المرتبطة بالحكومة، بما في ذلك "شركة الاتصالات السعودية"، و"الشركة السعودية للكهرباء"، و"أكوا"، وغيرها من الكيانات، فإنه سيكون لصندوق الثروة السيادي دور مركزي في قرارات تسييل الأصول، واستقطاب رأس المال، وتخصيص الاستثمار في إطار البرنامج. وشكل نجاح الطرح الأولي للاكتتاب العام لشركة "أرامكو" في أواخر عام 2019 علامة فارقة، وبينما كان عام 2020 عاماً بطيئاً، نتيجةً لتداعيات جائحة كوفيد- 19، شهدنا تسارعاً كبيراً في النشاط في عام 2021. أعلنت "أرامكو" عن صفقتين كبيرتين للبيع وإعادة التأجير في عام 2021 لتسييل التدفقات النقدية المستقبلية من شبكة أنابيبها. في أبريل 2021، أعلنت "أرامكو" عن بيع 49 % من أسهم شركة "أرامكو لخطوط أنابيب النفط" لائتلاف بقيادة "إي آي جي جلوبال إنيرجي بارتنرز" مقابل عائدات تدفع مقدماً بقيمة 12.4 مليار دولار أمريكي، حيث يمتلك الكيان حقوق تأجير لشبكة خطوط أنابيب النفط الخام التابعة لشركة أرامكو لمدة 25 عاماً. في ديسمبر، أعلنت "أرامكو" أنها توصلت إلى صفقة مماثلة لبيع حصة 49 % في كيان تم إنشاؤه حديثاً يمتلك حقوق تأجير لمدة 20 عاماً لخطوط الأنابيب التي تنقل الغاز عبر المملكة لمجموعة بقيادة شركة "بلاك روك" (مستقرة/AA-) وشركة حصانة الاستثمارية مقابل عائدات تدفع مقدماً بقيمة 15.5 مليار دولار أمريكي. في عام 2021، قامت ثلاث شركات يمتلك صندوق الاستثمارات العامة حصة الأغلبية فيها بمعاملات في سوق الأسهم. قامت "شركة أعمال المياه والطاقة الدولية"، وهي واحدة من أكبر الشركات في مجال المرافق، بصفتها كمطور ومستثمر ومشغل لمحطات توليد الطاقة وتحلية المياه في أكثر من 60 دولة، بإدراج أسهمها في تداول. بالإضافة إلى ذلك، أدرجت مجموعة الاتصالات السعودية 20 % من أسهمها في "الشركة العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات المحدودة" التابعة لها في البورصة، أخيراً في ديسمبر 2021، قامت تداول نفسها، وهي أكبر بورصة في الشرق الأوسط من حيث القيمة المتداولة، بتعويم أسهمها.