اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المملكة محطة أولى في زياراته الخارجية للمرة الثانية تأكيد لمكانة المملكة في المجتمع الدولي، وثقلها السياسي والاقتصادي كزعيمة للعالم الإسلامي. الزيارة أُعد لها إعداداً جيداً من قبل الرياض وواشنطن، وستكون مرحلة جديدة في توثيق العلاقات بين البلدين، التي قاربت على المئة عام، منذ اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بالرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت على متن البارجة كوينسي في العام 1945م، وفعلياً بدأت العلاقات بين الدولتين عام 1931م، عندما بدأت رحلة استكشاف وإنتاج النفط في المملكة بشكل تجاري، ومنح حينها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- حقَّ التنقيب عن النفط لشركة أميركية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م. منذ ذلك التاريخ والعلاقات بينهما في تنامٍ مستمر، وأصبحت أكثر تشعباً ولم تقتصر على النفط فقط، بل شملت مجالات كثيرة عادت بالنفع على البلدين الصديقين، تلك العلاقة مرت بمحطات عدة، أكثرها جيد وأخرى كانت غير جيدة، ولكن الأرضية الصلبة التي قامت عليها العلاقات بين الرياض وواشنطن مكنتهما من تجاوز أية خلافات، فالإيجابيات فاقت السلبيات بمراحل، كما أن الرغبة القوية في الحفاظ على مستوى متطور ومتنامٍ أخذ آفاقاً أرحب من التنسيق على مستويات عدة سياسية، اقتصادية وثقافية. زيارة الرئيس ترمب للمملكة تعزز من التعاون الشامل في كافة المجالات التي تربط بين البلدين، وتعطينا دلالات عدة على الدور المحوري الذي تقوم به المملكة ليس على الصعيد الإقليمي فحسب، وإنما على الصعيد الدولي؛ كونها شريكاً موثوقاً يعمل من أجل إرساء الأمن والسلام، ويسعى إلى التنمية المستدامة ليس ضمن حدودها فقط، وإنما لتشمل الإقليم، وتمتد لتكون هي الأساس في نشر ثقافة يفتقدها عالم اليوم.