أجمل ما يسر نظرنا رؤية المطر وتساقطه حتى الانهمار، حبنا للمطر متأصل فينا ربما يعود لجذورنا التاريخية نحن البشر في كون أصلنا من تراب. ورغم اختلاف نفسياتنا وطبائعنا إلا أن النفس الإنسانية ها هي تتفق في شوقها للمطر رغم ضآلة أوجه التشابه، ولا ينفي هذا استمرارية بقاء لكل قاعدة شواذ. وها هي نفوسنا تنهل من هذه السعادة خصوصاً هذه الأيام، أشهر مرت علينا متواصلة بالخير رغم استمراريته إلا أنها الفرحة تولد في كل لحظة ففي تساقط المطر رضا الرحمن الذي من خلاله نشعر بالراحة النفسية والأمن والطمأنينة. عندما ننظر إلى مختلف الوجوه نشعر وكأن لمحة من الجبال غلفت ملامحهم. فهل الملامح تتغير في اليوم الممطر عن اليوم المشمس؟ بالتأكيد لأن ما يميز الوجوه رسم الابتسامة والسعادة التي لا تكاد تظهر إلا في مواسم المطر رغم أن نعم الله من حولنا إذا استشعرناها وتفكرنا في عظمتها لا تقل أهمية عن نعمة المطر ولكننا لا نقدر العطاء إلا ما كان نادراً ونقصر في شكر النعم. ما أجمل أن نرى أبواب السماء وقد تفتحت بالرحمة علينا، دائماً أتذكر الفقراء لا أعلم لمَ يوجد رابط قوي داخل نفسي بين رؤية المطر وحال الفقراء مع أنه شتان ما بين الموقفين ودائماً أتساءل: هل بيوتهم مأمونة السكن وهل أسقف منازلهم سليمة أم تصارع الأمراض؟ وهل أبوابهم صامدة كما هي نفوسهم أم تصدعت بفعل عوامل التعرية التي تهب عليهم؟ ونوافذهم هل مازالت تقوم بجزء من عملها أم تقاعدت وأضربت حدودها عن العمل !! هذا إذا كان هناك دار وسقف وباب ونافذة! ترى هل يفرحون بالغيث ما نفرح أم أضرارهم في مصائبهم تحجب السعادة التي ترافق المطر.. ونحن هل تستمر سعادتنا بالمطر؟ إذاً لنفتح أبواب نفوسنا وجيوبنا ودواليب ملابسنا والمدافئ والأغطية التي تفيض عن حاجتنا ولنخرجها لوجه الله فهناك أجسام لا تشعر بالدفء وأيد لم تلمس حرارة الموقد وعظام هشمتها رياح البرد وبشر يفتقرون إلى أهم مقومات الحياة "المسكن والمأكل والملبس". ترى لو كان أحد أبنائنا شعر لمرة واحدة في حياته بمعاناة الفقراء تحت أي ظرف فهل سينسي ذاك الموقف؟ وهل سننسي نحن الأهل؟ تلك الحكاية فما بالكم بمن قضوا حياتهم على هذا المنوال، وبمن يقضي حياته بيننا دون أن يحرك ساكناً؟