بمشاركة 4 فرق .. "الثلاثاء" قرعة كأس السوبر السعودي    تمنع "نسك" دخول غير المصرح لهم    «الاستثمارات العامة» يطلق مجموعة نيو للفضاء «NSG»    المملكة وسورية ومصالح العرب    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    قائد النصر "كريستيانو رونالدو" هدافاً لدوري روشن السعودي ب 35 هدفاً    «الصقور الخضر» يعودون للتحليق في «آسيا»    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة ضمك والرائد في دوري روشن    شوريون ل«التعليم»: أين إستراتيجيتكم ؟    قدوم 532,958 حاجاً عبر المنافذ الدولية    تقدير الجميع لكم يعكس حجم التأثير الذي أحدثتموه في المجتمع    تفقّد ميقات ذي الحليفة.. أمير المدينة: تهيئة الخدمات لتحسين تجربة الحجاج    صالات خاصة لاستقبال الحجاج عبر «طريق مكة»    حلول مبتكرة لمرضى الهوس والاكتئاب    القاضي الرحيم يتعافى من سرطان البنكرياس    الشمردل ينتزع ذهبية غرب آسيا للبلياردو    كوريا الشمالية تعلن فشل عملية إطلاق قمر اصطناعي لغرض التجسس    بولندا تبرم صفقة مع الولايات المتحدة لشراء صواريخ بعيدة المدى    شهادات الاقتصاد    نعم.. ضغوطات سعودية !    الديمقراطية إلى أين؟    ورحلت أمي الغالية    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    موجز    ارتفاع استثمارات «المسار الرياضي»    كشف رب الأسرة    إسدال الستار على الدوريات الأوروبية الكبرى.. مانشستر سيتي يدخل التاريخ.. والريال يستعيد لقب الليغا    أخضر رفع الأثقال وصيف العالم    اليوم في ختام دوري يلو.. تتويج القادسية.. والخلود والعروبة في صراع الوصافة    الطائر الأخضر والمقعد الأزرق !    أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة نادي الاتفاق    الأمن العام: 50 ألفاً غرامة تأخر الإبلاغ عن مغادرة المستقدَمين في الوقت المحدد لانتهاء التأشيرة        طلب عسير    سرقة سيارة خلال بث تلفزيوني    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية للحج    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الفيصل تُكرم الطلاب الفائزين في مسابقتَي «آيسف» و«آيتكس» وتشيد بمشاريع المعلمين والمعلمات    حفلات التخرج.. البذل والابتذال    بدء أعمال إنشاء مساحات مكتبية في "ميدان الدرعية"    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    مكتسبات «التعاون»    إخلاص وتميز    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    إدانة دولية لقصف الاحتلال خيام النازحين في رفح    باخرتان سعوديتان لإغاثة الشعبين الفلسطيني والسوداني    نصائح للمرضى خلال رحلة العمر.. إستشاري: خذوا أدوية السكري في مواعيدها وتجنّبوا الإجهاد    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    مجمع إرادة بالرياض يحتفل بيوم التمريض العالمي.. غداً    «جامعة نايف» تفتتح فعاليات الندوة العلمية «إدارة وتأمين الأحداث الرياضية الكبرى»    سلمان الدوسري يهنئ جيل الرؤية على التفوق والتميز    فيصل بن بندر يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    نائب أمير مكة يطّلع على استعدادات وخطط وزارة الحج والعمرة    جوازات ميناء جدة الإسلامي تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من السودان    وصول طلائع الحجاج السودانيين إلى ميناء جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة حكيم العرب الخارجية: عزم وحزم وتحالفات كبرى
نشر في الرياض يوم 08 - 11 - 2021

مناسبة غالية على بلادنا وعلى قلوب جميع أبناء الوطن هي ذكرى البيعة السابعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، تأتي هذه المناسبة ونحن ننعم في بلادنا بالأمن والإيمان والتقدم والازدهار بفضل الله عز وجل أولاً، ثم بفضل التلاحم والترابط بين الشعب السعودي الوفي الأصيل والقيادة الرشيدة.
فالمملكة اليوم تؤكد للعالم أجمع أنها لم ولن تتخلى عن دورها القيادي في توجيه المنطقة نحو الأمن والسلام والاستقرار، وحصلت على مراكز متقدمة بين دول العالم بفضل مواقفها المتزنة والحكيمة تجاه مختلف القضايا الدولية، والتي ساهمت في معالجة الكثير من القضايا السياسية، لا سيما أن السياسة الخارجية لأي دولة لا يتقنها إلاّ من يمتلك الخبرة الكافية والحكمة والانسجام السليم مع المتغيرات والأطراف السياسية اللاعبة، وهذا ما تبيّن منذ بداية حكم خادم الحرمين الشريفين، خصوصاً في خضم ظروف استثنائية ومتغيرات متسارعة تعصف بالمنطقة، والتي وضعت حكيم العرب الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام تحديات جسيمة جعلته يغير أدوات السياسة الخارجية والوسائل الدبلوماسية على جميع المستويات الإقليمية والدولية دون أن يمس جوهر السياسة السعودية الخارجية وثوابتها ومرتكزاتها التي استندت عليها منذ عهد المؤسس - طيب الله ثراه -.
لذلك وبمناسبة ذكرى البيعة السابعة لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - سنتطرق إلى سياسته الخارجية الحكيمة من خلال النقاط الآتية:
المملكة والمرتكزات الثابتة:
تميزت المملكة عن سواها من الدول بثبات المنهج في سياستها الخارجية ما انعكس على أولوياتها تجاه الأزمات العربية والدولية، وترسيخاً لهذه الرؤية الحضارية، ظلت السياسة السعودية الخارجية منذ عقود وحتى اليوم معتمدة في تحركاتها على مبادئ وثوابت ومرتكزات محددة تجسدت فيما يلي:
أ. متابعة الواقع الدولي وقراءة أحداثه بشكل مستمر، ثم الاستفادة من التوازنات الدولية وتوظيفها لصالح المملكة دون إقحامها في قضايا سلبية مخالفة للموقف السياسي المعلن، إضافة إلى توثيق الصلة بالقوى السياسية الدولية المختلفة واستثمارها لصالح العرب والمسلمين.
ب. انتهاج سياسة عدم الانحياز، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والالتزام التام بالتعهدات والاتفاقيات الثنائية، والاحترام المتبادل، والتعامل المتكافئ على أساس احترام مبدأ السيادة.
ج. تعزيز العلاقات الخليجية والعربية والإسلامية بما يخدم المصالح المشتركة، ودعم قضاياها بكل السبل، والمشاركة في تنمية شعوبها وتطورها.
د. العمل المستمر من أجل السلام والأمن الدوليين، وإدانة الإرهاب العالمي، وتبرئة الإسلام منه.
ه. تطبيق سياسة متوازنة في مجال النفط، والعمل المتواصل على استقرار أسعاره دون الضرر بالمنتجين والمستهلكين على حدّ سواء.
و. تأدية دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للجهود الدولية الرامية إلى تطوير الدول النامية، إضافة إلى مساندتها ضحايا الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات دون أن يتأثر المبدأ السعودي بأي خلاف سياسي.
إن ما حققته سياسة المملكة الخارجية من نجاحات في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مثّل نقطة ارتكاز رئيسة لتحركاتها في محيطها الإقليمي والدولي، وظل في الوقت ذاته مرتكزاً في رؤية 2030 التي ساهمت في رسم سياسة المملكة الخارجية الراهنة لمواكبة التغيّر الحادث في العالم.
والتزاما بهذه المبادئ والثوابت، فقد سطّرت المملكة نجاحات كثيرة، جعلت دورها ريادياً في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، كما دعمت الأمن الإقليمي والدولي، ونصرة القضايا العربية والإسلامية.
كما نجحت المملكة في استضافة قمم في أكبر وأهم تجمع سياسي على مستوى العالم عُقد خارج مقر الأمم المتحدة منها: قمة سعودية - أميركية، وقمة خليجية - أميركية، وقمة عربية - إسلامية - أميركية، وغيرها، فأثبتت حكمة قياداتها، وريادتها العالمين العربي والإسلامي، وأنها ركيزة أساسية لترسيخ السلم العالمي.
ونستنتج مما سبق أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - منذ توليه الحكم قد وضع نصب عينيه تحقيق عدد من الأهداف والإنجازات ضمن العلاقات التي تمثل أولويات سياسة المملكة الخارجية، وهي على الشكل الآتي:
أولاً: العلاقات الخليجية
تعدّ الدائرة الخليجية من أهم دوائر السياسة الخارجية للمملكة، حيث سعت منذ تأسيسها إلى تقوية تلك العلاقات خصوصاً مع أواصر القربى والارتباط التاريخي والجوار الجغرافي المميز الذي يجمع المملكة بدول الخليج العربية، إضافة إلى جانب تماثل الأنظمة السياسية والاقتصادية القائمة فيها.
لذلك ترتكز السياسة الخارجية السعودية في دائرتها الخليجية على مبادئ ومرتكزات عديدة، ومن أهمها:
أ. تنسيق السياسات الخارجية، وتوحيد المواقف حيال الملفات الساخنة ومواجهة الأخطار، وإيجاد صيغ مقبولة لاتفاقيات أمنية تخدم دول الخليج، واستقرار شعوبها، وتصفية الخلافات وحل المشكلات الحدودية.
ب. تعزيز التعاون، وتنمية العلاقات في مختلف المجالات، السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية، والثقافية، واعتبار أمن واستقرار دول الخليج هما مسؤولية شعوبها لمواجهة أي تحديات خارجية كانت أم داخلية.
ج. رفض التدخل في شؤونها الداخلية، والوقوف صفاً واحداً أمام أي اعتداء على أيّ من هذه الدول.
د. تعزيز الروابط بين دول الخليج، وتقوية موقفها في مواجهة التحديات والتهديدات المتزايدة، والتكتلات الاقتصادية العالمية.
لذلك ركز الملك سلمان - حفظه الله - على تدعيم أواصر البيت الخليجي كأولوية، وتبنى قادة دول مجلس التعاون الخليجي رؤية شاملة تقدم بها الملك سلمان للتكامل الخليجي، في قمتة الرياض 10 ديسمبر 2015م.
وقرّر قادة دول المجلس في لقائهم التشاوري السادس عشر بالرياض في 31 مايو 2016م، تشكيل هيئة عالية المستوى من الدول الأعضاء تسمى «هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية»، تهدف إلى بحث ومناقشة الموضوعات الاقتصادية والتنموية، التي تهم الدول الأعضاء، واتخاذ القرارات اللازمة حيالها.
وعقدت الهيئة أول اجتماعاتها في10 نوفمبر 2016م، وخرجت بخمس أولويات أساسية تحظى بالاهتمام والمتابعة، لإحداث نقلة نوعية لمسيرة التنمية الاقتصادية في دول الخليج.
وقام الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، بجولة خليجية في ديسمبر 2016م، برز من خلالها كثير من معاني الدبلوماسية، ومدى الرغبة الشعبية في التجدد والوثوب الحقيقي من مجلس تعاون إلى اتحاد.
كذلك شهدت القمة التشاورية الخليجية التي عقدت في جدة في 31 مايو 2016م، ورأسها خادم الحرمين الشريفين، إصدار قرار تنموي خليجي بارز، تمثّل في إنشاء هيئة الشؤون التنموية والاقتصادية.
واستضافت المملكة القمة الخليجية التاسعة والثلاثين في ديسمبر 2018م، وأبدى قادة دول الخليج في البيان الختامي ارتياحهم لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته السادسة والثلاثين.
كما استضافت المملكة ثلاث قمم يومي في30 -31 مايو 2019م، منها قمتان خليجية وعربية طارئتان صدر في ختامهما بيان ختامي، ثم قمة إسلامية عادية صدر في ختامها بيان ختامي مطول من 102 بند، إضافة إلى قرار بشأن فلسطين، وإعلان حمل اسم «إعلان مكة».
وعلى الرغم من بعض الأمور الطارئة البسيطة إلاّ أن العلاقات بين المملكة وشقيقاتها الخليجية تمضي في طريقها لتحقيق نموذج تكامل خليجي استثنائي، محوره التعاون والتكاتف على جميع الصعد، سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، مستنداً إلى الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، ومدعوماً برؤى وطموحات قياداته، وسط إدراك مشترك أن دول الخليج يجمعها مصير واحد، ورؤية متكاملة مشتركة.
ثانياً: العلاقات العربية
سجلت السياسة السعودية الخارجية في منهجها العروبي مع الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - منذ تسنمه الحكم 2015م، كثيراً من الإنجازات، بانتهاجها الحزم ضد خطط كل ما يهدد استقرار المنطقة العربية، ووضع صياغة جديدة في تحقيق التوازنات الجيواستراتيجية، أعادت معها ترتيب الصفوف العربية من خلال جهودها السياسية القائمة على الأسس التالية:
أ. الإيمان بشرعية الدول العربية القائمة، وبحقها الكامل في السيادة على أراضيها.
ب. دعم تضامن الدول العربية، وتوحيد مواقفها، والتقريب فيما بينها، وتسخير الإمكانات كافة لتحقيق مصالحها.
ج. الربط بين العروبة والإسلام، فالإسلام هو المحتوى الذي من دونه تفقد العروبة أهم ركائزها.
ثالثاً: العلاقات الإسلامية
شهدت المملكة مزيداً من الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي، فضلاً عن حرصها على حشد وتكريس قدراتها ومواردها وتسخيرها لخدمة قضاياه، وتحقيق أسباب ترابطه وتضامنه، وليس أدلّ على هذا من مبادرة المملكة مع الدول الإسلامية بإقامة منظومة من المؤسسات الإسلامية الحكومية وغير الحكومية، ومنها رابطة العالم الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي، ودعم الأمن الجماعي للدول الإسلامية، والعمل على تسوية المنازعات بين الدول الإسلامية بالطرق السلمية، وتقديم المعونات الاقتصادية للدول والمجتمعات الإسلامية ذات الإمكانات المحدودة، وتقديم المساعدة والإغاثة العاجلة للدول الإسلامية المنكوبة، ومناصرة المسلمين والدفاع عن قضاياهم، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للتجمعات الإسلامية التي تواجه تحديات وجودية على غرار ما يعاني منه الروهينغا في ميانمار.
رابعاً: العلاقات الدولية
استهدفت الاستراتيجية السعودية تنويع خياراتها مع مختلف دول العالم من أجل تحقيق التوازن الإقليمي، وتأكيداً على عدم انحياز المملكة لدولة دون سواها، ورغبة في الانفتاح السياسي، فالمملكة في هذه المرحلة وكما تسعى لتنويع سلتها السياسية والاقتصادية، فأصبح الحضور السعودي في المشهد السياسي يلفت إليه الأنظار، وقادر على تشكيل تحالفات سياسية ناجحة.
ولا يقتصر تحرّك المملكة دولياً على مجرد علاقاتها مع القوى الكبرى فحسب، بل ترسّخت مكانة المملكة ودورها عبر تكثيف جهودها في حلّ النزاعات، توافقاً مع ميثاق الأمم المتحدة، وتوظيف الدبلوماسية الاستباقية لمنع تفاقم هذه الأزمات وتحوّلها إلى صراعات عسكرية ينتج عنها كوارث.
وشاركت المملكة المنظمات الدولية والدول المؤمنة بالعمل الجماعي في تحقيق السلم والأمن الدوليين، بحس المسؤولية والاعتدال، وازداد دورها في إرساء قواعد العمل الإنساني من خلال إنشاء مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز للإغاثة والأعمال الإنسانية، ليعكس الدور الإنساني المشرق للمملكة على مستوى العالم، حيث أتت المملكة في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث حجم المعونات الإغاثية والإنسانية والتنموية، وهناك ما يزيد على 35 دولة تستفيد من المساعدات التي يقدمها المركز، والتي تتنوع ما بين مشروعات تعليم، وصحة، وأمن غذائي، وخدمات لوجستية، وحماية، وإيواء...، وذلك على الرغم من حداثة المركز الذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى مايو 2015م.
لذلك تتمثل العلاقات الدولية في سياسة المملكة مع القوى العالمية، وفق معادلة سعودية حاذقة قائمة على التوازن البناء في إنشاء علاقات تحالف مع القوى الدولية المتعددة مع المحافظة على استدامة وتطوير العلاقات الاستراتيجية القائمة مع الولايات المتحدة المبنية على الاحترام المتبادل، وهذا ما مكّن المملكة من تعديد سلسلة تحالفاتها وتخطيها سياسة الحليف الأوحد ومنحها سرعة التحرك وقوة القرار والاختيار.
خامساً: العلاقات الاقتصادية
تمتلك المملكة أضخم احتياطي نفطي عالمي، ما رتّب عليها مسؤولية إقليمية ودولية، وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين في 11 نوفمبر 2020م أثناء افتتاح أعمال السنة الأولى من دورة مجلس الشورى الثامنة، عندما قال إن «المملكة العربية السعودية حرصت منذ تأسيس منظمة أوبك على استقرار أسواق البترول العالمية، وليس أدلّ على ذلك من الدور المحوري الذي قامت به في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة أوبك بلس، وذلك نتيجة مبادرات المملكة الرامية إلى تسريع استقرار الأسواق واستدامة إمداداتها.... كما عملت المملكة، ولا تزال تعمل لضمان استقرار إمدادات البترول للعالم بما يخدم المنتجين والمستهلكين على حدّ سواء، على الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعيشها العالم اليوم بسبب جائحة كورونا وانعكاساتها على أسواق البترول العالمية».
واتضحت السياسة السعودية النفطية وأهميتها للعالم من خلال الجوانب التالية:
أ. تلعب المملكة دوراً مهماً في استمرارية نمو الاقتصاد العالمي، واقتصاديات الدول النامية، كونها تمتلك ربع الاحتياطي العالمي من النفط، والمحافظة على الإنتاجية القصوى.
ب. تعدّ المملكة ضمن الاقتصاديات العشرين الأكبر عالمياً، والأولى في الشرق الأوسط، والعالم العربي، وحازت على ربع إجمالي ناتجه القومي.
ج. دخول المملكة إلى مجموعة العشرين الدولية شكّل زيادة في دورها المؤثر الذي تقوم به في الاقتصاد العالمي، إضافة إلى ارتفاع حجم تجارتها الدولية وتأثيرها في التجارة العالمية.
كما تسلّمت المملكة رئاسة مجموعة العشرين هذا العام 2020م في زمن يحدث فيه تحوّل كبير في المشهد العالمي نتيجة التغيرات الاجتماعية والبيئية والتقنية والديموغرافية.
ولطالما كان التعاون والعمل الجماعي الدولي السمة الأبرز لمجموعة العشرين، حيث أظهرت السعودية تميزاً في قيادتها أعمال المجموعة خلال رئاستها مجموعة العشرين، في أكثر الظروف تحدياً واختباراً ممثلة في جائحة كوفيد - 19 التي عصفت بالعالم أجمع.
سادساً: محاربة الإرهاب
على الرغم من سجل إيران الحافل بزرع الفتن والاضطرابات ونشر الإرهاب في المنطقة العربية بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، والضرب بعرض الحائط بكل القوانين والاتفاقات الدولية منذ قيام ثورتها 1979م، إلا أن المملكة حرصت على ممارسة سياسة ضبط النفس طوال هذه الفترة، رغم معاناتها ودول المنطقة والعالم المستمرة من هذه السياسات العدوانية.
لكن مع تزايد هذه التدخلات بشكل مباشر وعبر وكلائها من الميليشيات المجندة في العراق ولبنان وسورية واليمن، وكذلك دعمها المستمر للإرهاب من خلال توفير ملاذات آمنة له على أراضيها، وزرع الخلايا الإرهابية في عدد من الدول العربية، واغتيال المعارضين في الخارج، وانتهاكاتها المستمرة للبعثات الدبلوماسية، إضافة إلى برنامجها النووي ذي التأثير السلبي على البيئة وأمن واستقرار المنطقة، فمن غير المقبول أن تظل السياسة السعودية على منهجيتها في ضبط النفس دون ممارسة المزيد من التصعيد حيال هذه التجاوزات الإيرانية، فاتخذت المملكة قرارها في مواجهة هذا الإرهاب المتزايد، كما باركت انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي عودة العقوبات الاقتصادية القاسية على طهران.
وأشار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أثناء افتتاح أعمال السنة الأولى من دورة مجلس الشورى الثامنة، في 11 نوفمبر 2020م، إلى سعي بعض دول المنطقة إلى فرض نفوذها السياسي وأيديولوجيتها المتطرفة.
وقال: «تواجه دول منطقتنا محاولات عديدة من قوى إقليمية، تسعى لفرض نفوذها السياسي، وأيديولوجيتها المتطرفة، خدمة لمصالحها الخاصة، غير عابئة بأعراف دولية أو مراعية لحقوق الجوار، وهذا النهج العدواني المتعنت مسؤول عما آلت إليه الأوضاع في بعض دول منطقتنا، كما هو مسؤول كذلك عما خلفه من مآسٍ في تلك الدول يندى لها جبين الإنسانية، وإن المملكة لتؤكد على خطورة مشروع النظام الإيراني الإقليمي، وتدخله في الدول ودعمه للإرهاب والتطرف وتأجيج نيران الطائفية، من خلال أذرعه المختلفة، وتنادي بضرورة اتخاذ موقف حازم من قبل المجتمع الدولي تجاهه، يضمن معالجة جذرية لسعي النظام الإيراني للحصول على أسلحة الدمار الشامل، وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وتدخلاته في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ورعايته للإرهاب، وتهديده للسلم والأمن الدوليين».
لذلك استمرت المملكة في التصدي لخطط النظام الإيراني الإجرامية، والهادفة لزعزعة استقرار المنطقة العربية، ونجحت في تحجيم نفوذه وكبح أطماعه عبر العمل القوي والصادق مع المجتمع الدولي، والتنسيق مع الولايات المتحدة لفرض العقوبات الأقوى عليه، وخنق اقتصاده الذي يغذي من خلاله الميليشيات الإرهابية.
ختاماً.. يمكننا أن نجزم أن السياسة السعودية الخارجية في عهد خادم الحرمين الشريفين الميمون تحوّلت من المرونة والتغاضي عن بعض المواقف والسياسات إلى المواجهة والتصدي لها، والتأقلم مع الظروف، والتعاطي مع التحوّلات الخطيرة على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال إجراءات أرغمت قوى إقليمية ودولية على إعادة حساباتها وسياساتها وتغيير مواقفها تجاه المملكة والمنطقة العربية، كون المملكة قلب النظام العربي، ومركز قيادة العالم الإسلامي، ومحرّك الاقتصاد العالمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.