تخطط وكالات السفر والسياحة من الآن لفترة ما بعد جائحة كورونا، وتضع برامج العودة لاستئناف النشاط قريباً، وتحدد معها الأهداف والطموحات المنتظر تحقيقها على أرض الواقع، وفي مقدمتها تحويل البوصلة من خانة الخسائر الفادحة التي ظلت عليها نحو ثلاثة أشهر مضت، إلى خانة تحقيق الأرباح. منذ الإعلان عن رؤية 2030 في صيف العام 2016، والمملكة تُعول على قطاع السياحة دون سواه، في أن يلعب دور «الحصان الأسود» في دعم الاقتصاد الوطني، ورفده بقطاعات استثمارية جديدة، تتسم بالاستمرارية والديمومة، بعيداً عن دخل قطاع النفط المتذبذب، وترسم الرؤية لقطاع السياحة صورة مزدهرة، تتميز بجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوفير فرص العمل لأبناء الوطن، وذلك من خلال حزمة مشروعات سياحية ضخمة، ليس أولها مشروع البحر الأحمر العملاق، وليس آخرها مشروع «نيوم» العابر للقارات، ومثل هذه المشروعات كفيلة بجعل المملكة وجهة سياحية رئيسة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، يقصدها المواطن والأجنبي للاستمتاع بطبيعة المملكة الساحرة ومنشآتها الترفيهية على مدار العام. مؤشرات نجاح الرؤية تتجلى في امتلاك السعودية مقومات طبيعية على امتداد مساحتها الشاسعة، تتنوع ما بين سواحل ممتدة على البحر الأحمر غرباً والخليج العربي شرقاً، تضم مئات الجزر، وجبال خضراء في المناطق الجنوبية الغربية، وواحات زراعية في الأحساء وغابات في عسير والباحة، يضاف إلى ذلك أن مناطق المملكة تمتاز بإرث حضاري منذ آلاف السنين، يمتد في مواقع سجلت في تراث اليونسكو العالمي، من أبرزها الدرعية التاريخية، وجبة حائل التراثية، وجدة التاريخية، وواحة الأحساء. وتحتضن المملكة اليوم نحو 1710 وكالات سفر وسياحة، تتأهب جميعها لمشهد العودة بحذر، ولن يخلو المشهد من منافسة شريفة بينها، للفت أنظار العملاء المتعطشين للسفر والسياحة. ولم يكن ليتحقق هذا المشهد لولا برامج الدعم التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعم مؤسسات القطاع الخاص، خصوصاً قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، للتخفيف من تداعيات الجائحة عليها، عبر حزمة مساعدات ومحفزات مالية وإعفاء من دفع رسوم حكومية، بهدف أن تبقى مؤسسات القطاع قوية وصامدة في وجه تحديات الجائحة، وللمحافظة على وظائف المواطنين في مؤسسات القطاع الخاص. عودة قطاع السياحة لاستئناف نشاطه، تحمل الكثير من التفاؤل بقرب استعادة الاقتصاد الوطني عناصر قوته، خاصة إذا عرفنا أن هذا القطاع لا تقتصر انتعاشته على وكالات السفر فحسب، وإنما يشمل أيضاً دور الإيواء السياحي وخطوط الطيران وأماكن الترفيه، فضلاً على الكثير والكثير من المهن غير المباشرة التي لها علاقة بالقطاع.